الفتح يكسب الخليج بهدف فارجاس في دوري روشن للمحترفين    أسهم أوروبا تغلق عند ذروة قياسية    اعتماد مشروع صيانة وإعادة تأهيل جسر وادي بيشة للمسارين بقيمة 20 مليون ريال    "الأونروا": 235 ألف شخص في غزة تضرروا من المنخفض الجوي    بوتين: موقف روسيا في مفاوضات السلام مع أوكرانيا سيتغير    أمير القصيم يشدد على تكامل الأدوار لتعزيز الاستدامة البيئية    جنوب أفريقيا تهزم زيمبابوي وتبلغ دور الستة عشر بأمم أفريقيا    الهلال والنصر يسيطران على الريشة    النصر يحصن مهاجمه الموهوب    السعودية وإدارة التحولات الإقليمية    مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية يستعرض أبرز مؤشرات الاقتصاد الوطني    «ريان».. عين الرعاية وساعد الأمن    رفع إيقاف بيع وشراء الأراضي والعقارات وسط وجنوب العُلا    رئاسة أمن الدولة تستضيف التمرين التعبوي السادس لقطاعات قوى الأمن الداخلي "وطن 95"    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق مرتفعًا عند مستوى 10489.65 نقطة    الشؤون الإسلامية في جازان تنفذ مبادرة ( غرس وأثر ) بمحافظة أبو عريش    استمرار فعاليات «الممر الثقافي» في مهرجان جازان 2026 وجذب لافت للزوار    الداخلية: غرامات وسجن ومنع من الاستقدام بحق المنشآت المخالِفة لأنظمة الإقامة والعمل    نائب أمير الشرقية يطلع على أنشطة مهرجان ربيع النعيرية    وزير البيئة الألماني يؤيد حظر السجائر الإلكترونية أحادية الاستخدام    تجمع الرياض الصحي الأول يدشّن "ملتقى القيادة والابتكار " ويحتفي بمنشآته المتميزة    بلدية محافظة بيش تواصل أعمال النظافة اليومية بالكورنيش حفاظًا على الشاطئ وراحة الزوار    جمعية الزهايمر تستضيف المرضى وأسرهم في رحلات الخير    تأجيل الدوام في مدارس منطقة تبوك إلى الساعة التاسعة صباحًا    الإنهاك العاطفي الصامت حين يستنزفك الضغط دون أن يراك أحد    والد الفريق محمد البسامي في ذمة الله    حتى لا تُختطف القضية الجنوبية.. المملكة ترسم خطوطًا فاصلة في حضرموت والمهرة    فهد بن محمد يكرم مدير «جوازات الخرج»    كونسيساو يرفض إراحة اللاعبين    227 صقرًا تشارك في 7 أشواط للهواة المحليين بمهرجان الملك عبدالعزيز للصقور 2025 في يومه الرابع    د. باهمام يحصل على جائزة «الطبيب العربي» 2025    الشؤون الدينية تطلق مبادرة "عليكم بسنتي"    "الشؤون الإسلامية" تقيم مسابقة القرآن في الجبل الأسود    الهلال يعاود تحضيراته للخلود    وكيل إمارة الرياض يستقبل مدير فرع وزارة البيئة    اختبارات اليوم الدراسي.. تعزيز الانضباط    موجز    «الموارد»: توظيف 65 ألف مواطن في قطاع الاتصالات    اجتماع اللجنة المشتركة في الرياض.. السعودية وتونس تطوران الشراكة الاقتصادية والاستثمار    السجن 1335 عاماً لعضو في عصابة بالسلفادور    الإجرام الجميل    حكم بالحبس والغرامة على «مها الصغير»    التحضيرات جارية للقاء نتنياهو وترمب.. 3 دول توافق على المشاركة في قوة الاستقرار الدولية    بزشكيان: إيران تواجه حرباً شاملة    الزواج بفارق العمر بين الفشل والناجح    البيت الحرام.. مثابةٌ وأمنٌ    صراع شرس بين كبار أوروبا لضم «نيفيز»    مركز الملك سلمان يوزع سلالاً غذائية بالسودان ولبنان.. وصول الطائرة السعودية ال77 لإغاثة الشعب الفلسطيني    بين التانغو والتنظيم الأوروبي.. البحث عن هوية فنية جديدة للأخضر    اختبار دم يتنبأ بمخاطر الوفاة ب«مرض القلب»    رحيل المخرج المصري عمرو بيومي    دعوى فسخ نكاح بسبب انشغال الزوج المفرط بلعبة البلوت    طرائف الشرطة الألمانية في 2025    علاج جيني روسي لباركنسون    دغدغة المشاعر بين النخوة والإنسانية والتمرد    القيادة تعزي رئيس المجلس الرئاسي الليبي في وفاة رئيس الأركان العامة للجيش الليبي ومرافقيه    بيش تُضيء مهرجان شتاء جازان 2026 بهويتها الزراعية ورسالتها التنموية    وزير الداخلية تابع حالته الصحية.. تفاصيل إصابة الجندي ريان آل أحمد في المسجد الحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متى «جمعة الحسم» في سورية ولمن الغلبة ؟
نشر في الحياة يوم 09 - 05 - 2011

الحراك في سورية يمر أمام خيارات صعبة. وكذلك المواجهة الأمنية التي يقودها النظام أمام امتحان مفصلي. لذلك، ستكون الأيام المقبلة حاسمة بالنسبة إلى مستقبل الأوضاع في هذا البلد ووجهة الأحداث فيه. المحتجون لم تثنهم حتى الآن الدبابات التي دخلت درعا. خرجوا في «جمعة التحدي» من مدن وقرى أخرى، وهم مصممون على مواصلة التحرك. والدبابات انتقلت بدورها إلى مدينة أخرى، إلى بانياس. وواكبت الولايات المتحدة وأوروبا هذه المواجهات بمزيد من الضغوط والعقوبات... ولكن مع موجة من الانتقادات المتبادلة والخلافات على الموقف الحقيقي الواجب اتخاذه من دمشق.
ستكشف الأيام المقبلة وجهة الصراع: هل يستطيع المحتجون مواصلة حراكهم إذا نجحت الدبابات في تطويع المدن واحدة بعد أخرى؟ وهل يذهب النظام بالحل الأمني حتى النهاية أياً كان الثمن ضحايا وخراباً؟ وهل يكتفي المجتمع الدولي بهذا القدر من المواقف أو العقوبات؟ أم هل يقع المحظور في المؤسسة العسكرية الذي تراقبه دوائر غربية... فتنقلب المعادلة رأساً على عقب؟
مواقف كثيرة تلتقي حتى الآن حول الرئيس بشار الأسد: أولها موقف المعارضين الذين يتواصلون عبر صفحة «الثورة السورية» على موقع فايسبوك. طرح هؤلاء على الرئيس حلولاً للخروج من الأزمة. هم يكررون مناشدتهم إياه قبل أسابيع التدخل شخصياً لإجراء الإصلاحات. أي أنهم لا يزالون يؤمنون بأنه قادر على ذلك. هم بذلك يعطون مزيداً من الوقت للتسوية، أو أنهم يدركون استحالة تحقيق ما حققه المصريون والتونسيون، بسبب التعقيدات الداخلية والخارجية التي تحيط بحراكهم.
ثاني المواقف يعبر عنه هذا الجدال الدائر بين أعضاء في الكونغرس الأميركي وإدارة الرئيس باراك أوباما التي ترفض دعواتهم إلى سحب سفيرها من دمشق مثلما ترفض طرد السفير السوري لديها. واتهم أعضاء في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الإدارة بأنها تتخذ موقفاً من دمشق أكثر ليونة من المواقف التي اتخذتها حيال مصر وليبيا. وأكدت نائبة مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى تمارا كوفمان ويتس أن الحكومة الأميركية لم تدعُ إلى تغيير النظام في دمشق.
وثالث المواقف ما عبّرت عنه العقوبات الأوروبية. لقد استثنت الرئيس الأسد ووزير دفاعه. علماً أن بعض الدول الأوروبية كان ولا يزال يدفع نحو مزيد من التشدد مع رأس النظام نفسه. ويأخذ على زعماء أوروبيين أنهم لا يتعاملون مع الأسد تعاملهم مع العقيد معمر القذافي. ورابع المواقف غياب أي مؤشر إلى تحرك عربي شبيه بالتحرك الذي واكب توفير غطاء شرعي لقرار مجلس الأمن الرقم 1973 الخاص بحماية المدنيين الليبيين. بخلاف ذلك، هناك محاولات عربية لإقناع دمشق بسلوك طريق الإصلاح. وهو ما تقوم به تركيا أيضاً. وكذلك ليس ثمة مؤشر إلى إمكان قيام إجماع في مجلس الأمن على إجراءات خاصة ضد النظام في دمشق كما كانت الحال مع نظام طرابلس.
خلاصة هذه المواقف أن ثمة شبه اتفاق على وجوب إعطاء الرئيس الأسد مزيداً من الوقت للتراجع عن سياسة مواجهة الاحتجاجات بالقوة والعنف. فهناك من يعتقد أن المجتمع الدولي لا يرى بديلاً محدداً أو جاهزاً للتعامل معه من أجل الانتقال إلى مرحلة أقسى في مواجهة النظام الحالي. ولا يزال كثيرون يرون إلى سورية نقطة محورية في المنطقة، ويخشون أن يعم أي اهتزاز أو اضطراب، غير محسوب النتائج، المشرق العربي بأكمله، فيغرق في فوضى خطيرة ربما استحال ضبط تداعياتها السلبية على الاستقرار الإقليمي برمته، من المتوسط إلى الخليج. هم يفضلون حتى الآن رؤية النظام وقد تداعت قوته في الداخل. وحتى إذا قُدّر له أن يخنق هذا الحراك فإنه سيخرج منهكاً لا حول له على العودة إلى الساحة الاقليمية لاعباً يمكنه تجاهل مواقف «مصر الثورة» أو مواقف مجلس التعاون الخليجي، أو تجاوزها بلا حساب. وهذا ما يزيد في إرباك إيران ويضاعف قلقها.
لكن كل هذه المواقف الخارجية مما يجري في سورية ستكون، هي الأخرى، أمام امتحان صعب في الأيام المقبلة. فليس في الأفق ما يوحي بأن الرئيس الأسد في وارد تبديل خياره الحالي، وإلا لما تأخر منذ اليوم الأول في استعجال الكثير من الإصلاحات. ويعتقد كثيرون أن ثمة مبالغة في القول إن مراكز القوى، الأمنية والاقتصادية، تعارض الإصلاحات وتؤثر في صنع القرار أو في تغليب موقفها. ذلك أن الرئيس تسلم الحكم بدعم من هذه القوى. أي أنها أساس شرعيته التي مهدت في السنوات الأولى من حكمه لشرعية شعبية علقت آمالاً كثيرة عليه بعد الوعود التي أطلقها. ومن المنطقي والواقعي القول إنه في مركب واحد مع هذه القوى، وبالتالي إن أي إصلاح حقيقي فيه إضعاف لمواقعها... وموقعه أيضاً، إن لم يؤدِّ إلى إلغاء هذه المواقع.
أما سياسة العقوبات فيستبعد أن تترك الأثر المطلوب. فسورية تعرضت عملياً لسنوات من الحصار، وعانت فترات طويلة من العقوبات. ولم يبدل ذلك من سياساتها ولم يضعف النظام. لذلك، قد لا تترك العقوبات الجديدة، الأميركية والأوروبية، أثراً كبيراً في مسار الأحداث في هذا البلد. فالحصار الذي تعرض له النظام إثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري كان أقسى وأوسع... لكنه لم يبدل في «سلوك النظام» وفي سياساته. بل اضطرت فرنسا ثم الولايات المتحدة إلى رفع الحصار والانخراط مجدداً في سياسة الحوار مع دمشق. لذلك، سيكون من العبث التعويل على العقوبات الحالية في لَيْ ذراع النظام ووقف تعامله العنيف مع معارضيه.
بالطبع تبدو تركيا الأكثر تأثراً وتأثيراً في سورية. من هنا غضبها وانزعاجها من الآذان الصماء التي تلاقيها. حاولت عبثاً مد جسر من الحوار بين النظام وفريق من «إخوان سورية» لكنها جبهت بالرفض بذريعة أن النظام علماني لا يحاور حزباً دينياً! وحاولت عبثاً أن تدفع النظام إلى حوار وطني مع رموز من المعارضة. لكن النظام الذي أفرغ البلاد طوال أربعين سنةً من أي حياة سياسية كان يعزو رفضه إلى غياب أي طرف «مؤسسي» يمكن محاورته. لذلك، كان ولا يزال يلصق بالمتظاهرين والمحتجين تهماً مختلفة من «العصابات» إلى «السلفيين» إلى...
كان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ولا يزال الأكثر إلحاحاً على الرئيس بشار الأسد لإجراء إصلاحات محذراً من «حماه أخرى». لأنه يخشى من آثار الفوضى التي قد تلحق ببلاده والمنطقة كلها إذا خرجت الأوضاع في سورية عن نطاق السيطرة. لكن ما يدركه الزعيم التركي في قرارة نفسه هو أن إصلاحات بنيوية حقيقية من نوع تعددية حزبية وإعلام حر وانتخابات ديموقراطية حرة ونزيهة كفيلة بإنهاء نظام أقفل على نفسه وناسه طوال أربعين سنة. وتجربة الإصلاح في النظام التركي مختلفة تماماً، ولا أرضية أو ظروف أو واقع تتيح نسخها في سورية.
ولكن، يبقى من حق أردوغان أن يغضب وأن يقلق. فسورية تبدو وحدها هذه الأيام تسبح عكس التيار. الأميركيون والأوروبيون ينهجون سياسة الانخراط مع الأحزاب الإسلامية التي استعجلت اللحاق بالشباب في ساحات التغيير «السلمي» العربية، موجهة ضربة قاصمة إلى سياسة العنف في مواجهة قهر الأنظمة، وإلى فكر «القاعدة» ومشتقاتها حتى قبل مقتل زعيمها بن لادن. والتي تسعى إلى اقتفاء أثر تجربة الإسلاميين في تركيا ومثالهم. من حق أردوغان أن يغضب وأن يقلق، فهل يعقل أن تتحول سورية قلعة مقفلة الأبواب نحو العالم العربي بعد كل الجهود التي بذلتها أنقرة في السنوات الأخيرة والتحول الكبير في ديبلوماسيتها نحو ما كان ماضياً جزءاً من الإمبراطورية؟
الأيام القليلة المقبلة ستحدد مسار الأوضاع في سورية. وأياً كانت نتائج الحملة الأمنية على المدن والقرى، فإن النظام لن يخرج معافى سليماً كما لو أن شيئاً لم يحدث... هذا إذا لم يحدث المحظور. كما أن مثابرة المحتجين على الحراك قد تبدل في المواقف والسياسات، الداخلية منها والخارجية. وإذا كانت مواقف حركة «حماس» تؤشر إلى ما طرأ على الساحة السورية حتى الآن... فإن الخلافات داخل أهل النظام في طهران تؤشر هي الأخرى إلى ما طرأ على «جبهة الممانعة» من اهتزاز وارتباك لا ينفع في وقفهما الوقوف في وجه «الربيع العربي».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.