حذّر مهتمون وفقهاء من الاستهانة بالإرشادات الطبية، الداعية إلى اتخاذ إجراءات معينة للوقاية من فايروس «كورونا»، ودعوا إلى رفع الروح المعنوية المقوية للمناعة في البدن. لكنهم نبهوا إلى أن موجة المرض ربما استغلت من جانب وعاظ ورقاة وأطباء شعبيين، فكان على الجهات الدينية القيام بمزيد من التوعية. ولم ينكر الاختصاصيون في الطب والعلوم الشرعية أن الماء الجاري على الجسم من الوضوء، واستخدام المطهرات ومعقمات الأيدي، يسهمان بشكر كبير في الوقاية من فايروس «كورونا»، إضافة إلى دعاء القنوت، والخطب على منابر الجمعة. ويرى أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور خالد المزيني أن «الشريعة الإسلامية طوّقت الأمراض وهيأت المجتمع ليكون صحياً، من خلال الأمر بالنظافة الشخصية، إذ يجب على المسلم أن يتنظف يومياً بالماء الطاهر، إضافة إلى المحافظة على البيئة كالنهي عن البول في الماء الراكد، وتلويث المياه العامة، وإلقاء القاذورات والأذى في الطرقات، ووضع آداب لذلك». وأشار إلى أن ذلك كله يأتي في النظرة الدينية على أنه «إجراءات أولية، أما الاحترازية قبل أن ينتشر المرض فنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يورد مُمرض على مُصح، أي أن الشخص الذي يعاني مرضاً معدياً لا يجوز له مخالطة من حوله، إنما عزله حتى لا يتفشى مرضه، ومن الإجراءات الاحترازية الآنية حديث عبدالرحمن بن عوف عن النبي صلى الله عليه وسلم حول الطاعون». وأفاد المزيني أن حديث «ما أنزل الله من داء إلا وله دواء، علمه من علمه، وجهله من جهله»، يعتبر خطاباً موجهاً إلى الأطباء وعلماء الكيمياء لدفعهم إلى الاكتشاف، وليس للشرعيين، وهذا عموماً جانب توعوي لأجل إيجاد نوع من التعقل والهدوء، والتزام السكينة العامة، وعدم تخويف الناس، ويجب أن يكون الخطاب رشيداً يحدد مسببات المرض بتشخيص واقعي دون تهويل أو تهوين، والله سبحانه وتعالى تكفّل بإنجاح الذين يسعون للعلاج بالطريقة العلمية، وليس وبالأماني والأحلام وعدم الأخذ بالأسباب». ومن القصص الطريفة يقول المزيني إن «عمر بن الخطاب رضي الله عنه جاء إلى أعرابي ووجد عنده بعيراً أجرب. فقال له: ما تصنعون إذا وقع الجرب بالبعير؟ فقال الأعرابي: عندنا عجوز كبيرة في السن نأتي إليها وتدعو للبعير، ونرجو الله أن يشفيه، فقال عمر: اجعل مع الدعاء عنزروت، أي يقصد الأخذ بالأسباب». صيدلي ينصح بالتخفيف من «التقبيل» و«المصافحة» من الناحية الطبية، أفاد الصيدلي ومسوّق الأجهزة الطبية بوزارة الصحة الدكتور أحمد محمد عبدالكريم أن «الوقاية من فايروس «كورونا» ليست في النظافة الشخصية بقدر ما هي في الأمور التي تدخل في حياة الإنسان العادية، مثل الحضور في مكان عام أو مستشفى، إذ إن التعامل مع مقابض الأبواب والأسطح بشكل عفوي، والمشكلة أكبر إذا كانت البيئة مصابة، فهذا مكان يُسهِّل نقل العدوى، ومن الأفضل للعاملين في المستشفيات استخدام المعقمات، وعموماً فإن فايروسات الأنفلونزا ليست قوية وعنيفة، لكن الاحتياطات العادية البسيطة من المعقمات باستطاعتها الحد منه. أما الوضوء ودوره في زيادة فرص المناعة من الفايروس، فأشار عبدالكريم إلى أن الماء الجاري على الجسم جراء الوضوء من الممكن أن يسهم في الوقاية، والمطلوب بشكل دوري غسل اليدين ما بين خمس وست مرات بالصابون والمعقمات والمطهرات يومياً، ولا نستطع القول إن من يحافظ على الوضوء أقل إصابة بالمرض، لأن ذلك كلام غير علمي، والنظافة الشخصية بشكل منتظم لها دور في الوقاية»، رافضاً تحديد نسبة تثبت تلك النظرية. وأوضح أنه إذا طبقت توصيات الوقاية فنحن إلى حد كبير في أمان، مثل لبس الكمامات في المكان العام، والاستعانة بالمطهرات، وجعلها في متناول الأيدي والجيب، وفايروس «كورونا» ما هو إلا تطور من الأنفلونزا العادية، وهو مقاوم بشكل عنيف للعلاجات، مطالباً بتخفيف بعض العادات الشرقية الاجتماعية مثل التقبيل والمصافحة والتقارب بشكل مبالغ فيه، إذ يستحب التقليل منها في ظروف مثل هذه، حتى تقلّل من فرص نقل المرض بين الأشخاص.