قدّر أمين منظمة السياحة العربية سيد المختار ولد الحضرمي حجم الخسائر في القطاع السياحي في الدول العربية جراء الأزمات السياسية التي مرت بها خلال الأشهر الماضية بما يقارب أربعة بلايين دولار. وقال ولد الحضرمي في حوار مع «الحياة»: «إن القطاع السياحي كان الأكثر تضرراً في الدول العربية التي شهدت صراعات وتوترات سياسية، والتي يبلغ عددها تسع دول»، مشيراً إلى أن «مصر كانت الأكثر تأثراً بتلك الأزمات، وحصدت النسبة الأعلى من تلك الخسائر بمقدار 32 في المئة، تليها تونس بمعدل 12 في المئة، أما النسب المتبقية فتوزعت على الدول العربية الأخرى التي تعاني صراعات سياسية». ولفت إلى أن تشغيل القطاع الفندقي في تلك الدول انخفض إلى نسب متدنية تراوح بين 10 و8 في المئة فقط، في حين تكبدت بعض شركات الطيران التابعة لتلك الدول خسائر وصلت إلى 61 في المئة، كاشفاً في الوقت ذاته عن وجود ثلاثة قطاعات تأثرت اقتصاداتها كثيراً خلال الصراعات في الدول العربية، وهي: النقل والقطاعات الخدمية بما تضم من قطاعات فندقية ومطاعم ومستشفيات واتصالات، إضافة إلى القطاع المصرفي». وأكد ولد الحضرمي أن تلك الأحداث السياسية سببت تغيراً جذرياً وعميقاً في البنى الاقتصادية وكذلك العقلية، إذ أصبح هناك تخوف وهلع من المستثمرين في المجالات السياحية تحديداً، فباتوا يرددون التساؤلات حول مصير استثماراتهم. وقال: «إن حالات الهلع والخوف لم تقتصر على المستثمرين بل شملت السياح كذلك، فانخفضت نسبهم بشكل ملحوظ وكبير منذ بدأت التوترات السياسية في الدول العربية». وتابع: «إن الاستقرار الأمني عامل مهم في جذب السياح، خصوصاً سياح الدول الأجنبية، ما أسهم في تكبد تلك الدول التي تعتمد على السياحة كمورد اقتصادي مهم خسائر ضخمة، إلى جانب انتشار البطالة بين العاملين في هذا المجال». ورأى أن المنظمة استشعرت تلك العقبات التي يواجهها هذا القطاع، فدعت إلى ملتقى يناقش المشكلات التي تعرض لها القطاع في الآونة الأخيرة، ويضع حلولاً عاجلة للدول المتضررة ومتابعة تطبيق تلك الحلول، موضحاً أن «من ضمن الحلول المقترحة حث الحكومات العربية على توفير الأمن والاستقرار في بلدنها للسياح، من خلال توفير أفراد الأمن بالزي المدني، مع تشجيع تلك الحكومات لقطاعاتها السياحية على تقديم عروض ترويجية بواسطة سفارتها وغرفها التجارية، وأن تكون تلك العروض في المدن الآمنة والبعيدة عن التوترات السياسية التي تتركز غالباً في العواصم». وحول مستقبل القطاع السياحي في تلك الدول توقع ولد الحضرمي أن «يعود إلى طبيعته خلال فترة وجيزة في الدول التي انتهت أزماتها السياسية مثل مصر، خصوصاً مع رفع غالبية الدول التحذيرات عنها، أما تونس فمن المتوقع أن تأخذ وقتاً أطول، إذ إن الرؤية السياسية للدولة ليست واضحة تماماً، ومن المرجح أن يبدأ انتعاش هذا القطاع مع بداية حزيران (يونيه) المقبل». تغيير الصورة النمطية عن السياحة العربية أكد سيد المختار ولد الحضرمي أن المنظمة تعمل على تدعيم رسالتها، المتضمنة تغيير الصورة النمطية عن السياحة العربية عموماً، من خلال تبادل الخبرات وخلق أجواء ألفة بين الشعوب للتقارب فيما بينها. وقال: «عملنا على تعزيز مفاهيم السياحة الشمولية من خلال مضاعفة وتنشيط الموارد الاقتصادية السياحية، خصوصاً أن هذا القطاع يسهم بشكل كبير في تقليص معدلات البطالة والفقر في الدول السياحية، ولا سيما أنه يوفر آلاف الفرص الوظيفية للشباب». واستطرد: «ما دفع المنظمة إلى توقيع عدد من الاتفاقيات مع البنك الإسلامي والهادفة إلى إيجاد برامج تدريبية للشباب العربي على المهن السياحية، إضافة إلى توقيعها على اتفاقية لبرنامج إقراض وتمويل مشاريع سياحية صغيرة لشبان العرب». وأضاف: «كما شملت توقيع اتفاقيات لضمان الاستثمارات السياحية في الدول العربية سواء كان المستثمر عربياً أو أجنبياً بما يضمن استمراريتها وعدم تأثرها بالمتغيرات السياسية والاقتصادية للبلد الموجودة فيه، كما تهدف تلك الاتفاقية إلى توسيع قاعدة الاستثمارات في الدول العربية». مشيراً إلى أن المنظمة تعمل على تدعيم السياحة البينية بين الدول العربية، خصوصاً أنها كانت صمام الأمان في ظل الأزمات العالمية الماضية مثل الأزمة التي حدثت بسبب إنفلونزا الطيور وغيرها. وبحسب ولد الحضرمي، فإن تلك السياحة البينية بين الدول العربية لا تزال تعاني بعض المعوقات لعل من أبرزها عمليات التنقل وإجراءات استخراج التأشيرات لبعض الدول، وقال: «لا يزال حجم السياحة البينية بين الدول العربية ذا معدلات منخفضة قياساً بمعدلات السياحة البينية بين الدول الأوروبية على سبيل المثال». وأوضح أن المنظمة اقترحت مشروعاً أطلق عليه «بطاقة سائح»، ولا يزال قيد الدراسة، إذ تم إجراء عدد من الاجتماعات بين وزراء الداخلية العرب لوضع الآليات المناسبة لتفعيل مثل هذه البطاقة، إضافة إلى العمل على تدعيم فكرة إنشاء شبكة قطارات تربط بين الدول العربية، ما يسهل تنقل السائح العربي فيما بينها، وزاد: «إن لدى المنظمة عدداً من الأفكار لتطوير السياحة في الدول العربية وتنميتها، ولكن في الغالب تصطدم تلك الأفكار بخصوصيات الدول العربية، ما يتطلب مرونة ووقتاً حتى تتم المواءمة بين الدول العربية كافة».