تبدأ حكاية العروسين. بطقوس بعضها مختلف وبعضها الآخر متشابه، عادات تراثية لم يرض أهل مكة أن يدعوها أويتنازلوا عنها، بدأ بها الآباء وأتمّها الأبناء فالتزم بها الأحفاد. تقول المطوفة الدكتورة وفاء محضر من جامعة أم القرى في مكةالمكرمة: «قبل العرس المكي بليلة واحدة تقام «الغُمرة» التي يعدّها أهل العروس التي هي من اختصاص أهل العريس، وفي الغُمرة المكية تلبس العروس المكية الفستان الوردي ويعد لها جلسة خاصة في صدر المجلس تصنع خصيصاً من «المنجّد» لهذا اليوم، وتختبئ العروس فيها جالسة خلف ستار، وتسمى ب«ليلة الحنة» لأن كل النسوة يتخضبن بالحناء تيمناً بها وببركتها، كما يقدّم أهل مكة هدية العرس أي «الرفد» في تلك الليلة». وتوضح محضر أنه عندما يحين موعد ليلة الفرح تجهز العروس ويذهب كبار العائلة محملين بجهازها وعفشها وصندوق «السيسم» وهو بديل الخزانة حالياً لتضع فيه العروس المكية أغراضها ولوازمها، وفي الصندوق تستبدل «البقشة» برفوف الخزانة وهي قماش مربع تضع فيه السيدات قديماً في الحجاز ملابسهن ثم توضع داخل «السيسم» كما يسمى في مكة أو «السحارة» كما يسميه أهالي المدينةالمنورة. وتقول: «كان الجهاز يقدر بحسب المقدرة المادية للعروس وحسب المهر المقدم لها، ومن هذا المهر تفرش العروس إحدى غرف المنزل ب«الجلالة» وهي السجادة وتكون إما إيرانية الصنع أو شيرازية أو عجمية، وتأتي العروس ب«السجَاني» وهو غلاف خارجي لمساند ومخدات المجلس العربي المعروف حتى وقت قريب في كل المنازل الحجازية إذ يعد من تراث الحجاز وهو بمثابة مجلس الضيوف حالياً، وكان أثاث المنزل بسيطاً وهو ما يأتي به العريس أما العروس المكية تفرش غرفة واحدة فقط بحسب اختيارها». ومشيرة إلى أن عروس مكة ترتدي ليلة الزفاف «الزبون» الأبيض المطرز ب«الكنتين» ويوضع على صدرها قطعة خاصة من القطن المنجّد تسمى «التخشيشة» تغلف بقماش أبيض وكل من أهلها يضع فيها «الرفد» أي هدية العروس من أقراط وخواتم ثم يدخل العريس وتراه في هذا اليوم عروسه للمرة الأولى وذلك في عشهما الجديد، ثم يذهب أهلها ويبقى العروسان في وجود إما الخالة أو العمة لأن الوالدة لا تستطيع البقاء معهما فبيتها مفتوح لاستقبال المهنئين». وتتحدث محضر عن «الصبحة» فتقول: «هكذا يسميها أهالي مكة ويرسم خيوط قصتها أهل العريس ويدعون فيها أهل العروس الذين يجيئون باللهجة المكية الدارجة «نصة» وهم ضيوف فقط ليس عليهم سوى الحضور، ويجب أن يكون عددهم فردياً ولا يزيد على 11 شخصاً، وأمام نسوة النصة يتفاءلون بوجود سيدة من آل البيت، كما يدعو أهل العريس في الصبحة الجيران والأصدقاء المقربين ويتم التعارف بين الجميع ويطمئن أهل العروس على ابنتهم».