كتب وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أمس على مدونته الإلكترونية مقالة عن ليبيا بعنوان «شرفنا» كشف فيه أن «دولاً عربية عدة» مستعدة «لمشاركة فعالة» في عملية عسكرية ضد نظام العقيد معمر القذافي. وبعد الظهر كرر جوبيه، وهو رئيس سابق للحكومة، ثقته في أن فرنسا ستتوصل إلى اتفاق مع أعضاء مجلس الأمن في شأن إقامة منطقة حظر جوي في ليبيا «بمشاركة نشطة» من دول عربية لم يسمّها. وقال جوبيه أمام البرلمان: «لدي أسباب عدة تدعو إلى الاعتقاد أننا سنحقق هدفنا. لن نتحرك إلا بتفويض من مجلس الأمن ليس فقط بدعم من الدول العربية بل وبمشاركة نشطة منها أيضاً». ووزعت فرنسا وبريطانيا ولبنان الثلثاء مشروع قرار على أعضاء مجلس الأمن يقضي باستخدام كل الإجراءات اللازمة لفرض حظر للطلعات الجوية فوق ليبيا، في ترجمة على ما يبدو للوعود التي تم قطعها للثوار الساعين إلى إسقاط حكم العقيد معمر القذافي، واستجابة لطلبهم هم بحسب ما أعلن المجلس الوطني الانتقالي الذي يمثّل الثوار. وكان جوبيه قد كتب في مدوّنته: «لا يكفي الإعلان، مثلما فعلت تقريباً جميع الديموقراطيات، أن على القذافي أن يغادر. ينبغي أن نُعطي أنفسنا الوسائل لتقديم المساعدة الفاعلة للذين لجأوا إلى السلاح ضد ديكتاتوريته. فالعقوبات القضائية والمالية التي قررتها الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي مفيدة. ولكن نعرف أنها لن تؤدي إلى نتائج سوى بعد بضعة أشهر. فالموضوع ملحّ». وقال: «وحده التهديد باستخدام القوة يمكن أن يوقف القذافي. فقد قلب الديكتاتور الليبي ميزان القوى بقصفه - بواسطة بضع عشرات من الطائرات والطوافات التي يملكها - مواقع معارضيه». وأضاف: «بإمكاننا ضرب قدراته الجوية بضربات محددة الأهداف. وهذا ما تقترحه فرنسا وبريطانيا منذ أسبوعين بشرطين، الأول الحصول على تفويض من مجلس الأمن الدولي، المصدر الوحيد في القانون الدولي في مجال استخدام القوة، و(الثاني) التحرك ليس فقط مع الدعم لكن أيضاً مع المشاركة الفعلية للبلدان العربية. هذا الشرط الثاني على طريق التنفيذ: فقد أكدت لنا دول عربية عدة أنها ستشارك». وأضاف: «حصل مراراً في تاريخنا المعاصر أن يترك ضعف الديموقراطيات المجال واسعاً أمام الديكتاتوريات. لم يتأخر الوقت بعد لتكذيب هذه القاعدة». ولفتت وكالة «فرانس برس» إلى أن جوبيه أقر لدى استقباله نظراءه في مجموعة الثماني يومي الاثنين والثلثاء في باريس، بأنه أخفق في إقناعهم بدعم تدخل عسكري لوقف تقدم القوات الموالية لمعمر القذافي نحو بنغازي، معقل الثوار. وفي جنيف (رويترز)، وبّخ وزير الخارجية الفرنسي السابق برنار كوشنر المجتمع الدولي على تأخره في فرض حظر طيران على ليبيا، قائلاً إن الوقت فات لمحاولة إنقاذ حياة الناس مع تقدم قوات القذافي صوب معاقل المعارضة. ورد كوشنر على سؤال عما إذا كان يؤيد التدخل في ليبيا في حديث لمحطة إذاعة «وورلد راديو سويسرا» بُث أمس الأربعاء: «هذا يتعلق بما إذا كنت تريد مساعدة الناس أم تتركهم يموتون. إذا أردت تركهم يموتون فلتكن ديبلوماسياً وسيأتي وقت السلام. لكن إذا كنت تريد إنقاذ الحياة والناس يتعين عليك اتخاذ القرار الآن باسم المجتمع الدولي». وقال كوشنر إنه كانت هناك مناشدات عاجلة من الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية في أعقاب غارات قوات الحكومة الليبية على البلدات التي يسيطر عليها المعارضون. وأضاف: «مسؤولية الحماية تقع علينا. قبل مجلس الأمن ذلك وصوتت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة ولكننا لم نفعل شيئاً». وقال كوشنر: «حظر الطيران هو الحد الأدنى. وقد فات الوقت بالتأكيد... حتى إذا تمكنا من اتخاذ القرار اليوم فقد فات الأوان. نحن نعلم منذ نحو ثلاثة أسابيع أن المجتمع المدني والشعب يموت. ولم نفعل شيئاً». ورد كوشنر على سؤال عما إذا كانت الصين وروسيا ما زالتا تعارضان قرار مجلس الأمن بفرض منطقة حظر طيران قائلاً: «نعم بسبب الموقف الداخلي فيهما لكنك تعلم أنني لم أعد وزيراً للخارجية ويمكنني أن أخبرك أن هذه ليست مسألة داخلية». ويقول كوشنر انه لا يرى أن ما يحدث في ليبيا أو ما حدث في تونس ومصر - والذي أدى الى الإطاحة برئيسي البلدين - كان مجرد شأن داخلي «بل شأننا نحن». وكان كوشنر اشتراكياً سابقاً معروفاً بدفاعه عن قضايا حقوق الإنسان وشعر البعض انه فقد نفوذه كوزير للخارجية واستبدل في تشرين الثاني (نوفمبر) عندما اختار الرئيس نيكولا ساركوزي أن يغير بعضاً من خياراته السابقة التي تنطوي على مخاطر ويأتي بمحافظين من المدرسة القديمة.