أمير منطقة جازان يعزي في وفاة الشيخ أحمد بشير معافا    سيرة من ذاكرة جازان.. الفريق ركن عمر حمزي رحمه الله    تعرف على دوكوري لاعب نيوم الجديد    تفاصيل عقد النصر مع الفرنسي كينجسلي كومان    تصريف 5 ملايين م³ من مياه سد وادي ضمد لدعم الزراعة وتعزيز الأمن المائي    الشؤون الإسلامية في جازان تشارك في الحملة الوطنية للحد من ظاهرة التسول    مفردات من قلب الجنوب 10    مجلس الوزراء: تعديل بعض مواد تنظيم الهيئة السعودية للمحامين    المياه الوطنية : 6 أيام وتنتهي المهلة التصحيحية لتسجيل التوصيلات غير النظامية    شركة "البحري" السعودية تنفي نقل شحنات أسلحة إلى إسرائيل    خيط الحكمة الذهبي: شعرة معاوية التي لا تنقطع    الإدارة الروحية لمسلمي روسيا تحدد شروط تعدد الزوجات    مدير الشؤون الإسلامية في جازان يناقش شؤون المساجد والجوامع ويطلع على أعمال مؤسسات الصيانة    المجر ترفض الانضمام لبيان الاتحاد الأوروبي    انطلاق الترشيحات لجائزة مكة للتميز في دورتها ال17 عبر المنصة الرقمية    محافظ الطائف يشهد انطلاق المرحلة الثالثة من برنامج "حكايا الشباب"    محافظ الطائف يستقبل المدير التنفيذي للجنة "تراحم" بمنطقة مكة المكرمة    امطار خفيفة الى متوسطة وغزيرة في عدة مناطق بالمملكة    ترمب يوقّع أمرًا تنفيذيًا بتمديد هدنة الرسوم مع الصين 90 يومًا أخرى    المنتخب السعودي الأول لكرة السلة يودّع بطولة كأس آسيا    عشرات القتلى بينهم صحافيون.. مجازر إسرائيلية جديدة في غزة    تعزيز الأمن الغذائي وسلاسل الإمداد للمملكة.. "سالك".. 13 استثماراً إستراتيجياً في قارات العالم    الشعب السعودي.. تلاحم لا يهزم    موجز    ضبط 17 مخالفًا بحوزتهم 416 كلجم من القات    السنة التأهيلية.. فرصة قبول متاحة    السعودية ترحب بالإجماع الدولي على حل الدولتين.. أستراليا تعلن نيتها الاعتراف بدولة فلسطين    بحث مع ملك الأردن تطورات الأوضاع في فلسطين.. ولي العهد يجدد إدانة المملكة لممارسات الاحتلال الوحشية    بعد خسارة الدرع الخيرية.. سلوت يعترف بحاجة ليفربول للتحسن    افتتاح معرض الرياض للكتاب أكتوبر المقبل    «ترحال» يجمع المواهب السعودية والعالمية    «الزرفة» السعودي يتصدر شباك التذاكر    برشلونة يسحق كومو ويحرز كأس غامبر    وزير لبناني حليف لحزب الله: أولويتنا حصر السلاح بيد الدولة    مباهاة    المفتي يستعرض أعمال «الصاعقة» في إدارة الأزمات    حقنة خلايا مناعية تعالج «الأمراض المستعصية»    جني الثمار    تحديات وإصلاحات GPT-5    «محمية عبدالعزيز بن محمد».. استعادة المراعي وتعزيز التنوع    نائب أمير الرياض يستقبل سفير إندونيسيا    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    7.2 مليارات ريال قيمة اكتتابات السعودية خلال 90 يوما    تمويل جديد لدعم موسم صرام التمور    ثقب أسود هائل يدهش العلماء    مخلوق نادر يظهر مجددا    تخصيص خطبة الجمعة عن بر الوالدين    "فهد بن جلوي"يترأس وفد المملكة في عمومية البارالمبي الآسيوي    أخطاء تحول الشاي إلى سم    لجنة التحكيم بمسابقة الملك عبدالعزيز تستمع لتلاوات 18 متسابقًا    إنقاذ مقيمة عشرينية باستئصال ورم نادر من فكها بالخرج    فريق طبي سعودي يجري أول زراعة لغرسة قوقعة صناعية ذكية    أمير تبوك يستقبل المواطن ناصر البلوي الذي تنازل عن قاتل ابنه لوجه الله تعالى    النيابة العامة: رقابة وتفتيش على السجون ودور التوقيف    سعود بن بندر يستقبل مدير فرع رئاسة الإفتاء في الشرقية    طلبة «موهبة» يشاركون في أولمبياد المواصفات الدولي    مجمع الملك عبدالله الطبي ينجح في استئصال ورم نادر عالي الخطورة أسفل قلب مريض بجدة    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأعيان الدرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسرائيل العالقة في حسابات الديموغرافيا تبتعد من حل الدولتين
نشر في الحياة يوم 30 - 07 - 2017

في ذروة اشتعال ملف الأقصى، وقبل يوم من تفكيك الكاميرات والمعدات الأمنية التي نصبتها الشرطة الإسرائيلية، وفي وقت اشتعل فيه غضب الأردنيين على الصورة الاستفزازية التي وزعها بنيامين نتانياهو، وهو يحتضن ضابط أمن السفارة الإسرائيلية في عمان، الذي قتل أردنيين، وقد رسم ضحكة استفزازية تعكس العربدة الإسرائيلية، اختار رئيس الحكومة الإسرائيلية وحزبه الحاكم خطوات تعكس مدى هيمنة اليمين الإسرائيلي والمستوطنين على الحكومة ورئيسها، في عرقلة المسيرة السلمية، والاستخفاف بالمجتمع الدولي وبأولئك الذين يناصرون إسرائيل ويدللونها ويوفرون لها الدعم الاستراتيجي.
قبل ساعات من قرار تفكيك الكاميرات والمعدات الأمنية حول الأقصى، أقر المكتب السياسي لحزب «ليكود»، برئاسة وزير السياحة، زئيف إلكين، أقرب المقربين من نتانياهو، «رفض إقامة دولة فلسطينية ودعا ناخبي حزب «ليكود» إلى معارضة شديدة للمبادرات السياسية، مثل المبادرة العربية أو الفرنسية، والتي هدفها العودة إلى حدود عام 1967 وإخلاء المستوطنات وتقسيم القدس وعودة اللاجئين». ولم يكتف حزب «ليكود» الحاكم بهذه القرارات بل دعا الى تفعيل الضغوطات على السلطة الفلسطينية لمنع نشاطاتها في المنظمات الدولية و «الاستعداد الى إمكان انهيار السلطة الفلسطينية».
نتانياهو لم يكتف بقرارات حزبه هذه بل جعل من القدس عنواناً لأزمة جديدة مع الفلسطينيين عبر خطة تغيير حدود المدينة وتوسيعها، بما يضمن أكثرية يهودية مطلقة وأقلية فلسطينية. وأعلن دعمه مشروع قانون يحقق هذا الهدف، بحيث تضاف الى المدينة المقدسة المستوطنات الكبرى التي شكلت عقبة كأداء أمام أي تقدم في المسيرة السلمية لرفض إسرائيل التنازل عنها. وأعلن نتانياهو أن الحاجة ضرورية كي تشمل القدس «معاليه ادوميم» و «بيتار عيليت» و «جفعات زئيف» و «افرات» و «غوش عصيون» والهدف من هذه الخطوة زيادة الغالبية اليهودية في المدينة.
هذه خطوة نحو تنفيذ قرار حزب «ليكود» برفض إقامة الدولة الفلسطينية وفرض المزيد من الهيمنة الإسرائيلية على الفلسطينيين والبلدات الفلسطينية. فالخوف الإسرائيلي من الخارطة الديموغرافية يشكل دافعاً أساسياً للرغبة في ضم المستوطنات لمنطقة نفوذ بلدية القدس. ولضمان استكمال الهيمنة الإسرائيلية، تجند اليمين لتوفير أكثرية تضمن مصادقة الكنيست على تعديل قانون أساس القدس، وهو قانون سيضيف الى ضم المستوطنات أيضاً مناطق فلسطينية تشمل مخيمي اللاجئين الفلسطينيين شعفاط وكفر عقب، الواقعين خلف جدار الفصل العنصري، واللذين يصل عدد السكان الفلسطينيين فيهما ما بين 120 و140 ألف نسمة. ووفق إسرائيل، فإن حوالى 70 ألف مواطن من سكانهما يحملون بطاقات إقامة أو مواطنة إسرائيلية. وبهذه الطريقة يتخلصون منهم كمواطنين في القدس ويتحررون من الالتزام بتقديم الخدمات البلدية لهم.
«قانون تاريخي وخطوات تضع الأساس لمتانة الدولة العبرية»، هكذا لخص داعمو نتانياهو هذه الخطوات، وانطلقوا في حملة واسعة لتحقيق أهدافهم مستغلين ما اعتبروه تهديد أمن الإسرائيليين والمستوطنين، خصوصاً بعد حوادث الأقصى ومقتل المستوطنين الثلاثة في حلميش.
خارطة ديموغرافية تحت علامة سؤال
وليس نتانياهو وغلاة اليمين والمستوطنون، من نواب ووزراء، وحدهم من يحاولون تعزيز الأكثرية اليهودية في القدس، بل انضم اليهم نائب من المعارضة، هو يوئيل حسون من كتلة «المعسكر الصهيوني»، الذي طرح مشروع قانون يدعو الى إخراج كل البلدات العربية التي تم ضمها الى القدس بعد حرب الأيام الستة، من منطقة نفوذ القدس ونقلها الى مسؤولية السلطة الفلسطينية. هذا القانون، وفق الإسرائيليين، لا يضمن فقط دولة عبرية كما يخططون لها إنما يعزز أمنها ويضمن سيطرة أمنية إسرائيلية كاملة على القدس ويتيح إمكان إعادة تعريف الحدود البلدية للقدس في شكل يضمن غالبية يهودية راسخة وسيادة إسرائيلية كاملة وفي الوقت نفسه يوسع نطاق سيطرة السلطة الفلسطينية.
اقتراح المشروع جاء تحت تسمية «إنقاذ القدس كعاصمة يهودية وديموقراطية» ونقل بلدات شعفاط والعيسوية وجبل المكبر وبيت حنينا وصور باهر وغيرها، والتي يعيش فيها أكثر من 300 ألف فلسطيني الى السلطة الفلسطينية. وفي تفسير مشروع القانون، جاء بأن نسبة الجمهور الفلسطيني في القدس تتزايد في شكل متواصل. في 1967، شكل الفلسطينيون نسبة 26 في المئة من سكان المدينة، واليوم يشكلون حوالى 40 في المئة.
وفي وقت لاحق، كشف نتانياهو عن مخطط آخر يندرج في إطار سياسة «أكبر قدر من الأرض وأقل قدر من السكان»، حيث أعلن تأييده مشروع وزير دفاعه، أفيغدور ليبرمان، بالتخلص من منطقة المثلث التي يسكنها فلسطينيو 48 (حوالى 350 ألفاً) وضمها الى السلطة الفلسطينية، مقابل ضم مستوطنات «غوش عتصيون» (القائمة على الأراضي الفلسطينية الممتدة من بيت لحم وحتى الخليل) الى إسرائيل.
والسؤال: إلى أي مدى يمكن إسرائيل ضمان الخارطة الديموغرافية التي تخطط لها في القدس والضفة الغربية وبالتالي إحباط جهود السلام؟
بموجب معطيات إسرائيلية، سيعيش في إسرائيل والضفة الغربية عام 2050 حوالى 18 مليون نسمة، ومع قطاع غزة يرتفع العدد الى 21 مليوناً. صحيح أن المعطيات تشير الى أن هناك انخفاضاً في نسبة الإنجاب لدى الفلسطينيين في الضفة ولكن بقاء الضفة تحت السيطرة الإسرائيلية يؤدي الى وضع لا يكون فيه حوالى 43 في المئة ممن يحملون المواطنة في إسرائيل يهوداً، هكذا بينت الدراسات، التي أكدت أنه من دون الضفة وغزة يمكن إسرائيل أن تحافظ على هويتها اليهودية.
ولكن بالنسبة لليمين ودعاة الضم وتعزيز الخارطة الديموغرافية، فإن الوضع مغاير، إذ يدعي هؤلاء أن عدد الفلسطينيين في الضفة الغربية يقل عن الإحصائيات المعلنة، بأكثر من مليون نسمة. هذا الادعاء ووجه برفض خبراء في إسرائيل، وفي حسابات بسيطة لو تم تقليص مليون فلسطيني من العدد يبقى الفلسطينيون ثلث السكان، وهو أمر لا يحقق ل «ليكود» واليمين أهداف الخارطة الديموغرافية.
نائب رئيس مجلس الأمن القومي سابقاً، تشيك فرايليخ، يقول إن مستقبل المشروع الصهيوني رهن الانفصال عن الفلسطينيين. الموضوع الديموغرافي هو التهديد الوجودي الحقيقي ولا يمكن الهرب منه. ويضيف: «هناك من يدعون أننا اجتزنا نقطة اللاعودة، ولا يمكن سياسياً واقتصادياً تحقيق فكرة الانفصال فلن تتمكن أي حكومة مستقبلية من نقل حوالى 90 ألف إسرائيلي يعيشون وراء الجدار الفاصل، حتى وإن رغبت في ذلك. ولكن هذا الاستنتاج، يمنع إسرائيل من إمكان تحديد مستقبلها، ومعناه نهاية وجودنا كدولة يهودية وديموقراطية».
وإزاء الأصوات الداعية الى رفض حل الدولتين، يحذر فرايليخ قائلاً: «من المشكوك فيه أنه يمكن حل الدولتين البقاء لأربع أو ثماني سنوات أخرى من الجمود، إذا كانت هذه هي نية بنيامين نتانياهو ودونالد ترامب. فعلياً، لا يوجد وضع راهن. عدد المستوطنين الذين لا يقيمون في الكتل الكبرى يتزايد باضطراد، والأراضي الخالية لاستبدالها بأراضي المستوطنات في الضفة، تتم السيطرة عليها لأغراض أخرى. لكن الحل يرتبط، أيضاً بالجمهور العلماني. هذا الجمهور الذي استدعي لخدمة العلم مرات عدة في السابق، ومرة تلو الأخرى ارتدى الزي العسكري وصعد الى الدبابات، مطالب الآن بالتجند من أجل ملء البلاد بالعبرانيين العلمانيين الصغار»، يقول فرايليخ.
وماذا يقول الشارع الإسرائيلي؟
وفق آخر استطلاع رأي في مواضيع الأمن القومي، أجراه مركز أبحاث الأمن القومي، تبين أن الإسرائيليين بغالبيتهم ويشكلون 61 في المئة يعارضون مخطط ضم المناطق الفلسطينية ويريدون التوصل الى اتفاق سلمي، سواء كان الحديث عن اتفاق دائم أو ترتيبات مرحلية في الطريق الى الاتفاق الدائم.
هذه المعطيات تشير الى أن غالبية الإسرائيليين لا تدعم موقف نتانياهو وحزبه «ليكود»، سواء بقرار رفض الدولة الفلسطينية أو الضم، وهذا يضع نتانياهو أمام المزيد من التعقيدات. فتطورات الحوادث الأخيرة، والمواقف التي اتخذها والخطوات العملية التي قام بها، لم تجعله فقط أداة تدار من جانب اليمين والمستوطنات، بل قد تساهم في زعزعة كرسي رئاسة الحكومة، فخطواته لن تواجه بصمت فلسطيني أو عربي أو دولي أو أميركي وعندئذ سيجد نفسه مضطراً للتراجع عنها أو عن بعضها، ما يعرضه لسهام من مختلف الجهات قد لا ينجح في التغلب عليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.