يمثّل عازف البيانو المحترف والمؤلف الموسيقي المصري فتحي سلامة، مشروعاً موسيقياً بحدّ ذاته. هذا الأسمر الموهوب الذي حاز على جائزة «غرامي» عام 2006، يصوع جملاً وتيمات منحوتة من شجن الموسيقى الشرقية وخفتها في شكل معاصر وجريء. وهو يجوب العالم بأفكاره وحفلاته، ومنفتح على كل أنواع واتجاهات الموسيقى. وقد عاد أخيراً من سلسلة حفلات بدأها في مصر مع فرقة «شمس كوبا» التي قدم وأعضاؤها الإناث فقط، مقطوعات في توليفة من موسيقاه وسحر السلسا والتانغو. وآخر حفلاته كانت مع فرقة نرويجية اسمها «The Source» التي قدم معها احتفالية ضخمة خاصة بأغاني رأس السنة على مسرح «كوزموبوليتان» في العاصمة أوسلو حيث شاركه العرض راقص التنورة المصري رائد. لا يعترف سلامة بمسميات في عالم الموسيقى سوى لاثنتين، هما تلك النابعة من موهبة وفهم ودراسة وتقدير لذائقة الجمهور، وأخرى هي النمطية التي تمثل الاتجاه التجاري في أدنى صوره. اقتحم سلامة العمل الموسيقي بكل تفاصيله، من تلحين وتوزيع وتسجيل. كان له تجربة ناجحة مع المطربة الشعبية جمالات شيحة. كما أصدر ألبوماً ينتمي إلى الموسيقى الصوفية مع المغني السنغالي يوسوندور، حاز إعجاب النقاد والجمهور وهو الذي نال عنه جائزة «غرامي». وعُرف سلامة في بداية شهرته في 1983 وما بعدها كعازف بيانو وموزع موسيقي مع المجموعة الموسيقية التي رافقت بزوغ وتألق المطرب المصري محمد منير، بقيادة الفنان يحيى خليل. وهو يتميّز بانفتاح على موسيقى الشعوب كافة، وبنشاطه وتجدّده الدائم. أسّس فرقة «شرقيات» التي يقدم من خلالها أفكاره ومغامراته الموسيقية التي عادة ما تلقى تجاوباً وإعجاباً من جمهوره، خصوصاً في الحفلات الحية الأخيرة. ويقول سلامة: «لا أحب تكرار نفس الشيء ليل نهار، لا بد أن يبحث الفنان عن شيء جديد، تجربة ما يفكر فيها، أو العمل مع موسيقيين آخرين من ثقافات وخبرات متنوعة، ولا يعيش على نجاح مرّ عليه سنين طويلة». ويتحدث بشغف عن تجربته مع حرفيين من حي الفجالة حيث أقام ورشة عمل موسيقية على مدى ثلاثة أيام منذ حوالى شهرين، نتج منها حفلتان: الأولى في أحد مقاهي الحي الشعبي والثانية على مسرح «جزويت» حيث استخدموا آلاتهم من أدوات النجارة والحدادة في العمل الموسيقي. ويشير سلامة إلى أن استجابة هؤلاء العمال كانت مذهلة، بعد زوال حالة الدهشة في البداية. لكنهم سرعان ما اندمجوا في إمساك الإيقاع بمساعدة أعضاء فرقة «شرقيات» مثل أيمن صدقي ورمضان منصور ووائل الفشن. ونشأت بين الموسيقيين وبينهم علاقة جيّدة، لدرجة أنهم ما زالوا على اتصال بسلامة ويطالبونه بعمل مماثل. وعن الورش الموسيقية التي ينظمها لبعض أعضاء الفرق الجديدة في القاهرة والإسكندرية، يوضح سلامة أنه في البداية يستمع ويتعرف على أفكارهم الموسيقية التي «غالباً ما تكون نواة لعمل موسيقي أو غنائي على مستوى جيد». ويضيف: «أمدهم برؤى جديدة لإثراء اللحن وكيفية توزيعه بشكل يظهره ويطوره. وفي نهاية كل ورشة نقدم حفلة للجمهور نستعرض فيها الخبرات التي اكتسبوها خلال أيام الورشة». وتطرق سلامة إلى خلافه مع المنتج طارق نور الذي استغل مقطوعة بعنوان «نهاوند» خلال إعلان شهير عن تطوير خدمات القطارات، فقال: «لم أكن اهتم كثيراً لما أتعرض له من سرقات، ولكن الأمر لم يعد محتملاً». وأكد: «أخيراً قضت المحكمة لمصلحتي بتعويض جنائي يقدر ب 10000 جنيه مصري، لأن ما حدث سرقة بكل معنى الكلمة، خصوصاً أنني لست عضواً في جمعية المؤلفين والملحنين المصرية، ولكنني أنتمي إلى الجمعية الرئيسة في فرنسا «سارسم» والجمعية الألمانية، وهو ما ساعدني إذ مازالت حماية حقوق الملكية الفكرية في بلادنا قاصرة». وأضاف: «المشكلة أن القائمين على الجمعية المصرية لا يفهمون دورهم بدقة وكيف يمكن لأي عضو أن يعرف عدد مرات الأداء العلني لأعماله. والغريب أن طارق نور ذهب إليهم ليعطوه تصريحاً باستخدام «نهاوند» رغم أنهم لا يحق لهم ذلك».