أيقظت الهجمة التي شنها حزب «إسرائيل بيتنا» اليميني المتطرف بزعامة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان على منظمات حقوقية إسرائيلية تنشط في مجال حقوق الإنسان الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1967 اليسار الإسرائيلي، أو بعضه، من سباته واستفزت جهات في اليمين تعتبر عقلانية وحريصة على حرية التعبير في الدولة العبرية، علماً بأن كلا الطرفين لم ينبس ببنت شفة عندما اقتصرت هجمة ليبرمان العنصرية على المواطنين العرب، بل شارك نواب محسوبون على تيار الوسط في تشريع سلسلة قوانين بهدف تقييد حرية التعبير والنشاط السياسي لعرب الداخل. وأفادت صحيفة «معاريف» أمس أن الفترة الأخيرة شهدت تحركات لشخصيات يسارية إسرائيلية لفحص إمكان إنشاء حركة يسارية جديدة تحمل اسم «المعسكر الديموقراطي» واحتمال أن تتحول لاحقاً حزباً رسمياً يخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة. وأضافت أن المبادرين الثلاثة لتشكيل الإطار الجديد هم: رئيس الكنيست النائب عن حزب «العمل» سابقاً أبراهام بورغ، والنائب من «الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة» دوف حنين والنائب السابق من حركة «ميرتس» اليسارية موشيه راز الذين التقوا عدة مرات في الأسابيع الأخيرة لبلورة تفاهمات حول الإطار المنوي تشكيله. ونقلت الصحيفة عنهم قولهم إن الغرض من فكرة تشكيل معسكر جديد لليسار الإسرائيلي هو «إعادة الديمقراطية إلى إسرائيل». وحذر بورغ للصحيفة من إن «ديموقراطيتنا أصبحت في خطر كبير. وهناك خطر على نواب من الكنيست، وعلى المنظمات اليسارية ومنظمات حقوق الإنسان وعلى المواطنين العرب، وعلى كل من لا يتحدث بلهجة قومية متطرفة». وتابع أنه إزاء هذه التطورات «نحاول الآن تهيئة القلوب بين اليهود والعرب وبناء شبكة أمان سياسية تشمل كل الجبهات التي تتعرض الديموقراطية فيها إلى أذىً، لنتمكن من التصدي لأي هجوم على الديموقراطية». وأضاف: «إن من السابق لأوانه الحديث عن تشكيل حزب جديد يخوض الانتخابات العامة المقبلة، لكن هذا هو الهدف النهائي لهذه الحركة». من جهته قال النائب حنين إن التحركات تبغي أساساً القيام بعمل مشترك لكنها قد تسفر في نهاية المطاف عن تشكيل إطار ثابت ودائم. وأضاف: «ينبغي أن تتضافر الجهود لمواجهة معركة شرسة ضد الحيز الديموقراطي، المتمثلة، من جهة، بالعنصرية وكم أفواه المواطنين العرب واليهود الذين لديهم آراء مختلفة، ومن جهة ثانية باوليغاركيا اقتصادية لم تعد تطيق الديمقراطية ودولة الرفاه»، في إشارة إلى وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان الذي يمثل المهاجرين من دول الاتحاد السوفياتي سابقاً ويدعمه عدد من الإقطاعيين الأثرياء. الى ذلك، تنظم حركات يسارية ومنظمات حقوقية تظاهرة، بعد غد السبت، تحمل عنوان «نحارب من أجل الديموقراطية». وقال بورغ إنه يأمل أن يشارك في التظاهرة أوسع تحالف ممكن يخشى على الديموقراطية الإسرائيلية، بغض النظر عن الانتماءات السياسية «ويجب أن تعكس هذه التظاهرة في شكل حقيقي الانطلاق في طريق جديدة». وحملت تعليقات في وسائل الإعلام العبرية على رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو لعدم تدخله للجم وزير خارجيته. وفيما رأى معلقون أن نتانياهو يخشى أن يغضب ليبرمان فينفرط عقد حكومته خصوصاً حيال الوضع الداخلي المتردي في حزب «العمل» الشريك الآخر في الائتلاف الحكومي الذي يطالب عدد من نوابه بالانسحاب من الحكومة، ادعت أوساط قريبة من نتانياهو أن الأخير تفادى الصدام مع ليبرمان لخشيته من أن يؤدي ذلك إلى زيادة شعبية الأخير في أوساط اليمين الإسرائيلي المتشدد الذي يدعم بقوة كل تصريح أو تشريع لليبرمان ينال من المواطنين العرب أو اليسار الإسرائيلي. ووفقاً لتوقعات المعلقين فإن ليبرمان بتشدده يعد العدّة لمنافسة نتانياهو على زعامة معسكر اليمين في الانتخابات العامة المقبلة. واكتفى نتانياهو بإجراء اتصال هاتفي مع ليبرمان ليقول له إنه لا يقبل بالاتهامات التي وجهها الأخير إلى وزراء في حزبه «ليكود» بأنهم «ينبطحون» أمام اليسار الإسرائيلي في أعقاب عدم تأييدهم مشروعه لتشكيل لجنة فحص برلمانية تحقق في مصادر تمويل المنظمات الناشطة في مجال حقوق الإنسان التي اتهمها ليبرمان ب»التعاون مع الإرهاب». من جهته حذر نائب رئيس الحكومة الوزير دان مريدور الذي كان أحد الوزراء الذي انتقدهم ليبرمان من انعكاسات المساس بحرية التعبير في إسرائيل، «لأن هذه الممارسات تذكّرنا» بأماكن ظلاميّة لا نريد أن نحتذي بها»، لافتاً الى ان المنظمات الحقوقية المستهدفة تقوم بعمل شاق ومهم.