دعا رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» الرئيس أمين الجميل، على خلفية التفجير الذي استهدف كنيسة في الاسكندرية، البطريركية المارونية الى الدعوة الى «يوم حداد وصلاة ووقفة تأمل لما يحصل واستخلاص العبر منها على الصعيدين اللبناني والمنطقة». واكد أن «دور البطريركية والمطارنة ليس محصوراً فقط بلبنان، بل بكل انسان في المنطقة، ولا سيما المسيحيين، الذين يتعرضون لما يتعرضون اليه»، معلناً أنه كان يتمنى «على القادة الروحيين اللبنانيين التلاقي في اسرع وقت لتأكيد متانة التعايش والتفاعل في لبنان». وطالب العالمين العربي والإسلامي ب «اتخاذ الخطوات العملية من أجل تحقيق الاستقرار والطمأنينة للجميع». ودان الجميل في مؤتمر صحافي عقده امس، حادثة إلقاء قنبلة امام منزل فيصل كرامي نجل الرئيس السابق للحكومة عمر كرامي، معتبراً أنها «أعمال عبثية تنقلب على اصحابها وتعني كل اللبنانيين وليس اهالي طرابلس وآل كرامي فحسب». ورأى أن «الاعتداء على المسيحيين، حرب ابادة وتهجير»، معتبراً أن «الشرق سيترنح ويسقط إذا زالت المسيحية من أرجائه. وكل حادث يتعرض له مسيحيو الشرق يؤثر على متانة الصيغة اللبنانية». واعتبر الجميل أن «المطلوب من كل المبادرات تفعيل دور المسيحيين في ادارة شؤون بلدانهم»، وقال: «يجب علينا في لبنان استخلاص العبر مما حصل، وكنا في حزب الكتائب دعونا الى بلورة فكرة ان يكون لبنان مركزًا للحوار بين الأديان والثقافات». وتحدث الجميل عما يحكى عن تسويات، وقال: «المؤسف ان التسويات بالنسبة الى بعضهم تنازلات عن حق الشعب اللبناني بمعرفة الحقيقة والعدالة، وحق الشعب اللبناني بالحياة الكريمة، فهذا ما نعيشه الآن، وهو بالطبع غير مقبول، فمناداتنا بالحوار وبالتشاور الدائم هو حول الحلول المجدية والبناءة وليس حول التنازلات كما حصل في الماضي، وكل تنازل هو حافز للآخرين نحو مزيد من فرض الشروط والمطالب، فمنطق «خذ وطالب» يعطِّل ايَّ حل سليم، ويؤجج بعض المشاعر في شكل سلبي، ما يؤسس لانفجار على الساحة اللبنانية، وهذا ليس من مصلحة احد»، وتمنى «العودة الى طاولة الحوار من منطق الحوار البناء وليس التسوية التي توازي التنازل». وأكد رداً على سؤال، أن «تيار المستقبل ليس على استعداد للمساومة على موضوع الحقيقة، ونحن على تواصل مع كل حلفائنا في 14 آذار، والكل يجمع على الموقف نفسه، ولا يمكن للكتائب التنازل إطلاقاً عن هذا الموضوع»، معتبراً أن «التنازل سيشكل خراباً للبنان»، مجدداً تأكيده أنه «لا يمكن تأسيس لبنان المستقبل على زغل او على تكاذب، فنحن نعتبر ان الحقيقة والعدالة اساس لبناء لبنان المستقبل، وسنتوصل بالحوار الى تجاوز المحنة أيّاً كانت التحقيقات ونتائج المحكمة». قضية شهود الزور وتابع أنه «لا يمكن النظر بقضية شهود الزور قبل انتهاء التحقيق القضائي. أخذ المجلس العدلي سنة 1973، عند نظره في قضية تتعلق باغتيال القاضي جان باخوس، قراراً واضحاً وجازماً أنه لا يجوز النظر بقضية شهود الزور قبل أن تنتهي المحاكمات، هناك قرار قاطع للمجلس العدلي بهذا الشأن». وعن سبب إيمانه بأن المحكمة الدولية ستؤمن الحقيقة والعدالة، أجاب: «لا خيار آخر لدينا، ونرى ان القضاء اللبناني معطل، وثمة شغور في منصب رئيس محكمة التمييز، رئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس المجلس العدلي منذ شهور. يعطلون القضاء اللبناني والمؤسسات وبعدها يقولون ان القضاء الدولي مسيس، فما البديل إذا؟»، مؤكداً أن «هذا سلوك عبثي وسلبي، فمن جهة نعطل المؤسسات الوطنية، ومن جهة اخرى نعطل المحكمة الدولية، على اعتبار ان المحكمة مسيسة، علمًا ان كل القضاة معروفون بنزاهتهم وبحياديتهم». وشدد على أن «يبقى موضوع المحكمة مستقلاًّ عن اي موضوع آخر. واذا تضمنت التسوية التي يحكى عنها إعادة النظر في عدد من الأمور السياسية والقضائية والأمنية، فهذا يعني تضييع الجوهر، اي المحكمة الدولية، ولذلك نرفض طرح الموضوع من هذه الزاوية». ورداً على تصريحات مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو، دعا الجميل الى «عدم تحميل الرئيس الحريري تداعيات الكلام الذي يصدر شرقاً وغرباً، فهو يتصرف بمسؤولية وبمنطق رجل دولة ولا يغرق في هذا النوع من السجالات». وأكد أن «الحلول المصطنعة والمبنية على الباطل لا تدوم، بل تخرب البلد. نريد العلاجات الشافية للمستقبل وليس المسكنات». وعن الحديث عن تشكيل حكومة من دون الكتائب بعد التسوية، قال: «لم نطالب يومًا بالحكم للحكم، وثمة ظروف، بالسبعينات طلبنا من الرئيس شمعون تمثيلنا في الحكومة، ونعتبر ان وجودنا في الحكم ضمانة للمبادئ والثوابت التي نعمل من اجلها وليس لكسب امتيازات». مشروع بطرس حرب ورداً على سؤال عن مشروع القانون الذي تقدم به وزير العمل بطرس حرب، والذي يمنع بموجبه بيع الأراضي بين ابناء الطوائف المختلفة، قال الجميل: «لم يتسن لي الاطلاع على المشروع بالتفاصيل، ولكن لا بد من التوقف عند ظاهرة بيع الاراضي التي هي سياسية وليست عقارية. فلا بد من وضع ضوابط له، لانها لا تغير في ديموغرافية البلد فحسب، بل في مستقبله. سندرس هذا المشروع بتمعن ولقد اتصلت بالشيخ بطرس وهنأته على هذا المشروع»، ورأى أن «من الممكن أن يستلزم هذا المشروع بعض التعديلات، لكن سننظر اليه بإيجابية مع غيره من المشاريع الملحة التي يجب اعطاؤها أهمية أكبر لأنها تهم كل الناس». وعما اذا كان المسيحيون خائفين من شركائهم أم من الأجانب الذين يتملكون، رد الجميل: «ليتنا نستطيع أن نفصل بين البعد الداخلي للأزمة اللبنانية والبعد الخارجي، عندها يمكن بحث الامور بفعالية اكثر. ندرك جميعاً أنه لا يوجد في لبنان مفهوم واحد لموضوع السيادة، وبعضهم يعتبر ان المربعات الامنية لا تتناقض مع السيادة اللبنانية، وهذا هرطقة، وكذلك الأمر بالنسبة الى الولاء، ففي بعض الأحيان لا نعرف أين ينتهي ولاء البعض للبنان وأين يبدأ الولاء لغيره. يجب ان نتفاهم على مبدأ السيادة والولاء، عندها يمكن البحث بأمورنا الداخلية بفعالية اكثر».