أمين مجلس التعاون: «إعلان نيويورك» ثمرة جهود السعودية وفرنسا    أمير قطر: الهجوم الإسرائيلي الغادر على الدوحة يهدد استقرار وأمن المنطقة    في مباراة مثيرة شهدت 6 أهداف... الاتحاد ينتصر على الفتح    فهد بن جلوي: دعم سمو ولي العهد أوصل رياضة سباقات الهجن إلى العالمية    المملكة توزع (1,400) من المواد الإيوائية المتنوعة في إقليم الساحل بالصومال    ضبط شخص في تبوك لترويجه الحشيش وأقراصًا خاضعة لتنظيم التداول الطب    الفيفا يتلقى أكثر من 1.5 مليون تسجيل لشراء تذاكر كأس العالم 2026    إنزاغي يُبعد لاعبه عن قائمة مواجهة القادسية    الاتفاق يتعادل مع الأهلي في دوري روشن    بعد غياب 5 أشهر.. العالمي يزيد الراجحي يستأنف مشوار الراليات من البرتغال    التعاون بين القطاعات يعزّز مسيرة تحقيق أهداف "رؤية 2030" عبر برامج متكاملة في الصحة والتعليم والثقافة المالية    بلدية القطيف تنظم ورشة "السلامة المهنية والحماية من الحرائق"    إدارة مساجد الدمام تنظم حملة للتبرع بالدم تحت شعار "قيادتنا قدوتنا"    الأمير ناصر بن عبد الرحمن يفتتح معرض "حياة في زهرة" الذي نظمته جسفت عسير    مكتب الضمان الاجتماعي بالقطيف ينظم فعالية صحية لتعزيز وعي الموظفين    رابطة الدوري السعودي تؤكد معايير جوائز الأفضلية لموسم 2025–2026    الجمعية العامة للأمم المتحدة تعرب عن تقديرها العميق للمملكة وفرنسا    السعودية تدين تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي ضد دولة قطر    «الحياة الفطرية»: تصوير الكائنات الفطرية في بيئاتها الطبيعية لا يعد مخالفة بيئية    بنك الرياض شريك مؤسس في مؤتمر Money 20/20 Middle East    تركي آل الشيخ: التوقيع مع كانيلو الأكبر في تاريخ الملاكمة    إجتماعاً تنسيقياً لبحث أولويات مشاريع الطرق في حاضرة الدمام    جامعة الإمام عبدالرحمن توقّع مذكرة تفاهم مع الجمعية السعودية للصيدلة الإكلينيكية    وزير التعليم يبحث التعاون الأكاديمي والبحثي مع جامعات أستراليا    الأسهم الآسيوية تُعزز آمال تخفيف إجراءات أسعار الفائدة لتصل إلى مستويات قياسية    الوسطاء يبيعون الوهم    كتب في العادات والانطواء والفلسفة    في العلاقة الإشكالية بين الفكرين السياسي والفلسفي    حصر 1356 مبنى آيل للسقوط خلال 2025م    التحالف الإسلامي يختتم في عمّان ورشة عمل إعلامية لمحاربة الإرهاب    تخريج (3948) رجل أمن من مدن التدريب بمنطقتي الرياض ومكة    150 مستفيدا من مبادرة إشراقة عين بالشقيق    أبحاث أسترالية تؤكد دور تعديل نمط الحياة في خفض معدلات الإصابة بالخرف والزهايمر    التكامل بين الهُوية والاستثمار الثقافي    مها العتيبي.. شاعرة تُحاكي الروح وتكتب بوهج اللحظة    القيادة والاستثمار الثقافي    هبات تورث خصاماً صامتاً    سِيميَائِيَّةُ الأَضْوَاءِ وَتَدَاوُلِيَّتُهَا    حراسة المعنى    مجلس الشورى.. منبر الحكمة وتاريخ مضيء    الراية الخضراء    ثوابت راسخة ورؤية متجددة    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالمحمدية في جدة يُعيد قدرة المشي لستينية بإجراء جراحة دقيقة لاستبدال مفصلي الركبة    كشف مبكر لمؤشرات ألزهايمر    خريطة لنهاية الحرب: خيارات أوكرانيا الصعبة بين الأرض والسلام    تطابق لمنع ادعاء الانتساب للسعودية    الوفد الكشفي السعودي يبرز أصالة الموروث الشعبي في فعالية تبادل الثقافات بالجامبوري العالمي    أمين القصيم يوقع عقد صيانة شوارع في نطاق بلدية البصر بأكثر من 5,5 ملايين ريال    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: الخطاب الملكي يؤكِّد على المبادئ الراسخة لهذه الدولة المباركة    خلال تدشينه جمعية كافلين للأيتام بالمحافظة محافظ تيماء: خدمة الأيتام تتطلب فكرًا وعملًا تطوعياً    ⁨جودة التعليم واستدامته    " كريري" يزور المدخلي للاطمئنان على صحته بعد نجاح عمليته الجراحية    محافظ الطائف يلتقي القنصل الامريكي رفيق منصور    السعودية ترحب وتدعم انتهاج الحلول الدبلوماسية.. اتفاق بين إيران والوكالة الذرية على استئناف التعاون    أكد أن النجاحات تحققت بفضل التعاون والتكامل.. نائب أمير مكة يطلع على خطط طوارئ الحج    وزير الداخلية لنظيره القطري: القيادة وجهت بتسخير الإمكانات لدعمكم    وزير الدفاع لرئيس وزراء قطر: نقف معكم وندين الهجوم الإجرامي السافر    نيابة عن خادم الحرمين.. ولي العهد يُلقي الخطاب الملكي السنوي لافتتاح أعمال الشورى في الدور التشريغي 9 اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تصريح جديد ولغط أكيد يشغل الجميع ويُشهر «عبدالجليل»
نشر في الحياة يوم 13 - 05 - 2017

وكأن أحدهم أشعل ثقاباً في محطة وقود! لم تترك النيران مجالاً إلا واشتعلت فيه: خيوط العنكبوت، أثير الفضائيات، دهاليز المؤسسات الرسمية، وجلسات المقاهي الشعبية وكذلك التجمعات الأرستقراطية. فجأة ومن دون مقدمات، لم يعد الحديث الدائر متمركزاً حول اشتعال أسعار السلع في رمضان، أو إقرار العلاوة الخاصة الجديدة، أو خناقات رئيس نادي الزمالك السيد مرتضى منصور، بل يتحدث الجميع عن سالم عبدالجليل وعقيدة الآخرين وضرورة تفجير الخطاب أو تركه يذهب إلى حال سبيله.
السبيل الوحيد الذي وجده الشيخ الأزهري المنبت الأوقافي (وزارة الأوقاف) العمل (سابقاً) سالم عبدالجليل، ليبقى على قيد الإعلام محتفظاً بهواء الاستمرار محافظاً على نعمة الفضائيات وهبة الشهرة وحلاوة «العمل الدعوي»، إن لم يكن أعلى منبر هنا فعلى مقعد برنامج هناك أو استضافة بغرض الاستزادة الدينية هنا وهناك، كان فضيلة الاعتذار. النعتان المميتان الماحقان الملغومان اللذان أطلقهما في برنامج فضائي واصفاً عقيدة المسيحيين واليهود ب «الفاسدة والضالة» في برنامج «المسلمون يتساءلون» على قناة «المحور» الخاصة، لم يخفف من وطأتهما توضيحه بأنهم (أي المسيحيين واليهود) على رغم فساد العقيدة وضلالها، إلا أنهم «طيبين وبشر وهنعاملكم كويس».
فقد استعرت النيران على أثير «فايسبوك» و «تويتر»، وانتقلت منهما إلى الدوائر الاجتماعية واستقرت على المكاتب الرسمية. وعلى رغم صدور بيان اعتذار «عن جرح المشاعر» مع تأكيد «أن الحكم الشرعي بفساد عقيدة غير المسلمين (في تصورنا) - كما أن عقيدتنا فاسدة في (تصورهم) - لا يعني استحلال الدم أو العِرض أو المال»، إلا أن نيران الجدل وحمم السجال ولهيب النقاش كان قد استعر.
استعار بعضهم مقتطفات مما يردده مشايخ متطرفون، فيما لجأ بعض آخر إلى مقتطعات من كلمات تدعو إلى الفتنة وجمل قوامها الكراهية يقولها قساوسة مغالون. هكذا جاء رد الفعل من قبل هواة الصيد في المياه العكرة وضحايا خطاب ديني تُرِك حابله على نابله طيلة عقود مضت. وفجأة تقلّص اسم سبب الأزمة ومنبعها، وتحوّل المشهد الكريه إلى حلبة عنكبوتية للصراع بين هؤلاء وأولئك، لولا غلبة صوت العقلاء وترجيح كفة الحكماء. دعوات عدة انطلقت من الجانبين للتوقف الفوري عن هراء تكفير الآخر وهذاء دق إسفين الفتنة، وهو ما لاقى آذاناً صاغية وقلوباً قانعة من كثيرين.
إلا أن هذا لم يمنع من أن يتصدر هاشتاغ «سالم عبدالجليل» قائمة «تويتر»، ومعه هاشتاغ «على المسيحيين» أن يفعلوا كذا وكذا لمجابهة ما يتعرضون له من تكفير تارة وازدراء تارة أخرى. وعلى صعيد الازدراء، وعلى رغم أنه جرت العادة أن تقتصر قضايا ازدراء الأديان على دين واحد لا ثاني له، ألا وهو الدين الإسلامي، إلا أن المحامي والناشط القبطي نجيب جبرائيل أقام ضد عبدالجليل قضية جنحة مباشرة، مطالباً بضرورة محاكمته بتهمة ازدراء الأديان، وتهديد الوحدة الوطنية، وتقويض السلام الاجتماعي، والتحريض على قتل المسيحيين ومناهضة الدولة المصرية.
الدولة المصرية التي تجد نفسها بين الحين والآخر واقعة في «حيص بيص» جراء تصريح أهوج أو رأي أرعن أو موقف أخرق بُح صوت رأسها من الدعوة إلى تجديد الخطاب. لكن الأيام تثبت أن ما يقوم به البعض من تجديد هو أقرب ما يكون إلى التخريب، وأن اجتهادات البعض الآخر تؤدي بهم إلى سجون واغتيالات نفسية وتجريحات معنوية. ولأن الجمود تمكّن من المشهد، ولأن التجديد والتحديث والتغيير تعاني جموداً وتحجراً وتصلباً منذ عقود، فإن المخاوف كثيرة والألغام عديدة. ويكفي أن الشيخ سلام عبدالجليل تحوّل من شيخ محبوب بين الوسطيين والمتنورين إلى شيخ مرغوب بين المتشددين والمغالين بعد تصريح «فساد العقيدة».
عقيدة فريق آخر لا ترى إلا المؤامرة والإلهاء والتغييب. ومن ثم، فقد تفرغ هؤلاء لقدح زناد الفكر وسن حد سكاكين التحليل والتنظير حيث تصريح عبدالجليل الغرض منه التعتيم على «اختفاء» حبيب العادلي وزير داخلية الرئيس السابق حسني مبارك قبل تنفيذ حكم بالسجن صدر في حقه، أو كسر البامية حاجز ال40 جنيهاً مصرياً.
المثير أن كل المؤسسات الدينية سارع إلى إبراء ذمته وإخلاء مسؤوليته عن عبدالجليل. فمعهد البحوث الإسلامية قال إن الأزهر لا يملك تكفير الناس وإن ما قاله عبدالجليل رأي شخصي. وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة أكد أن عبدالجليل ليست له علاقة من قريب أو بعيد بالوزارة، بل تم إنهاء عمل إمام مسجد السيدة نفيسة الشيخ عبدالله رشدي وإحالته للتحقيق لأنه ناصر عبدالجليل في موقفه.
ولم يخل الأمر من دعابة وحس فكاهة. فمنهم من قال إن عبدالجليل سيقدم برنامجاً رمضانياً اسمه «المكفراتي» (على وزن المسحراتي)، ومنهم من بدأ يكتب خواطر عنوانها «في داخل كل منا داعشي صغير»، ومنهم من دعا الجمع الحاشد إلى استراحة قصيرة من الهري الدائر والتقاط الأنفاس استعداداً لأسبوع جديد وهري جديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.