المملكة تختتم مشاركتها في المنتدى السياسي رفيع المستوى 2025    السوق المالية تعتمد إجراءً تحفيزيًّا للطروحات العامة لأدوات الدين    سباق ثلاثي في الدوري الإنجليزي من أجل ميتروفيتش    القبض على 11 مخالفًا لنظام أمن الحدود بجازان لتهريبهم 165 كجم من القات    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تحتفي بولادة أول "وعلين نوبيين"    تعيين الدكتور سعود بن سعيد مديرًا عامًا لمركز الأمير سلطان للدراسات والبحوث الدفاعية    "إثراء" يختتم مهرجان الصغار بحضور 100 ألف زائر    نجاح عملية فصل التوأم الملتصق السوري "سيلين وإيلين"    أمير الشرقية يستقبل رئيس مجلس أمناء جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل    أكثر من 95 ألف زائر وزائرة لعروض فعاليات مهرجان "بيت حائل 2025"    وكيل إمارة المدينة يدشن فعاليات لدعم ذوي الإعاقة    إنقاذ مريض توقفت وظائف قلبه في مركز الأمير سلطان للقلب بالأحساء    223 ألف مستفيد من خدمات مستشفى أحد بالمدينة    وزير الخارجية: مؤتمر تنفيذ حل الدولتين يأتي استنادًا لموقف المملكة الثابت تجاه القضية الفلسطينية    أمير منطقة جازان يستقبل القنصل العام البريطاني بجدة    المرور يوضح الحالات التي تستوجب تخفيف السرعة أو إيقاف المركبة حفاظًا على السلامة    معالي نائب وزير الرياضة يتوّج الفلبيني "كارلو بيادو" بلقب بطولة العالم للبلياردو 2025    خلو السعودية رسميا من مرض أنيميا الخيل المعدي    هيئة كبار العلماء تعقد اجتماعها الدوري ال(97)    مختص: استشارة الزوج لزوجته وعي عاطفي لا ضعف في القيادة    بدء تطبيق قرار رفع نسب التوطين لمهن الصيدلة وطب الاسنان والمهن الفنية الهندسية    أمانة جدة تشعر المباني الآيل للسقوط في حي الرويس    سميرة آل علي أول امرأة برتبة عميد في تاريخ شرطة دبي    استشهاد 12 فلسطينيًا في قصف الاحتلال الإسرائيلي شقة وخيمة في قطاع غزة    فريق AG.AL بطلا لمنافسات Honor of Kings في كأس العالم للرياضات الإلكترونية    ثعبان بربادوس الخيطي يظهر بعد عقدين    المكونات الأساسية للحياة على الأرض    أنغام تطمئن جمهورها بعد الشائعة    قصر كوير    التوسع في صناعة السجاد اليدوي بين الأسر    صواريخ جزيئية تهاجم الخلايا السرطانية    18 ألف حياة تنقذ سنويا.. إنجاز طبي سعودي يجسد التقدم والإنسانية    صفقة من العيار الثقيل تدعم هجوم أرسنال    الرئيسان السوري والفرنسي يبحثان مستجدات الأوضاع في سوريا    "سدايا" تدعم الدور المحوري للمملكة    الفيفي إلى عش الزوجية    "الداخلية": ضبط 22 ألف مخالف في أسبوع    العنوان الوطني شرط لتسليم الشحنات البريدية    ولادة "مها عربي" في محمية عروق بني معارض    الأهلي يخسر ودية سيلتيك بركلات الترجيح    الاحتراف العالمي الجديد    بلازا يعلن قائمة "أخضر الصالات" المشاركة في بطولة القارات    أليسا وجسار يضيئان موسم جدة بالطرب    وفاة الفنان زياد الرحباني.. نجل فيروز    أحمد الفيشاوي.. "سفاح التجمع"    "أنتوني" يرحب بالاحتراف في الدوري السعودي    أغلقته أمام عمليات تفتيش المنشآت.. إيران تفتح باب الحوار التقني مع «الطاقة الذرية»    واشنطن تحذر من المماطلة.. وجوزيف عون: لا رجوع عن حصر سلاح حزب الله    وسط تحذيرات من المخاطر.. 1.3 مليون سوداني عادوا من النزوح    القيادة تعزي رئيس روسيا الاتحادية في ضحايا حادث تحطم طائرة ركاب بمقاطعة آمور    47 اتفاقية بقيمة 24 مليار ريال.. السعودية.. دعم راسخ للتنمية المستدامة والازدهار في سوريا    نور تضيء منزل الإعلامي نبيل الخالد    خطيب المسجد الحرام: التشاؤم والطيرة يوقعان البلاء وسوء الظن    نائب وزير الرياضة يشكر القيادة بمناسبة تمديد خدمته لمدة أربع سنوات    المدينة المنورة تحيي معالم السيرة النبوية بمشروعات تطويرية شاملة    أمير تبوك يطمئن على صحة الشيخ عبدالعزيز الغريض    الأمير محمد بن عبدالعزيز يستقبل قائدَي قوة جازان السابق والمعيّن حديثًا    المفتي يطلع على أعمال "حياة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تصريح جديد ولغط أكيد يشغل الجميع ويُشهر «عبدالجليل»
نشر في الحياة يوم 13 - 05 - 2017

وكأن أحدهم أشعل ثقاباً في محطة وقود! لم تترك النيران مجالاً إلا واشتعلت فيه: خيوط العنكبوت، أثير الفضائيات، دهاليز المؤسسات الرسمية، وجلسات المقاهي الشعبية وكذلك التجمعات الأرستقراطية. فجأة ومن دون مقدمات، لم يعد الحديث الدائر متمركزاً حول اشتعال أسعار السلع في رمضان، أو إقرار العلاوة الخاصة الجديدة، أو خناقات رئيس نادي الزمالك السيد مرتضى منصور، بل يتحدث الجميع عن سالم عبدالجليل وعقيدة الآخرين وضرورة تفجير الخطاب أو تركه يذهب إلى حال سبيله.
السبيل الوحيد الذي وجده الشيخ الأزهري المنبت الأوقافي (وزارة الأوقاف) العمل (سابقاً) سالم عبدالجليل، ليبقى على قيد الإعلام محتفظاً بهواء الاستمرار محافظاً على نعمة الفضائيات وهبة الشهرة وحلاوة «العمل الدعوي»، إن لم يكن أعلى منبر هنا فعلى مقعد برنامج هناك أو استضافة بغرض الاستزادة الدينية هنا وهناك، كان فضيلة الاعتذار. النعتان المميتان الماحقان الملغومان اللذان أطلقهما في برنامج فضائي واصفاً عقيدة المسيحيين واليهود ب «الفاسدة والضالة» في برنامج «المسلمون يتساءلون» على قناة «المحور» الخاصة، لم يخفف من وطأتهما توضيحه بأنهم (أي المسيحيين واليهود) على رغم فساد العقيدة وضلالها، إلا أنهم «طيبين وبشر وهنعاملكم كويس».
فقد استعرت النيران على أثير «فايسبوك» و «تويتر»، وانتقلت منهما إلى الدوائر الاجتماعية واستقرت على المكاتب الرسمية. وعلى رغم صدور بيان اعتذار «عن جرح المشاعر» مع تأكيد «أن الحكم الشرعي بفساد عقيدة غير المسلمين (في تصورنا) - كما أن عقيدتنا فاسدة في (تصورهم) - لا يعني استحلال الدم أو العِرض أو المال»، إلا أن نيران الجدل وحمم السجال ولهيب النقاش كان قد استعر.
استعار بعضهم مقتطفات مما يردده مشايخ متطرفون، فيما لجأ بعض آخر إلى مقتطعات من كلمات تدعو إلى الفتنة وجمل قوامها الكراهية يقولها قساوسة مغالون. هكذا جاء رد الفعل من قبل هواة الصيد في المياه العكرة وضحايا خطاب ديني تُرِك حابله على نابله طيلة عقود مضت. وفجأة تقلّص اسم سبب الأزمة ومنبعها، وتحوّل المشهد الكريه إلى حلبة عنكبوتية للصراع بين هؤلاء وأولئك، لولا غلبة صوت العقلاء وترجيح كفة الحكماء. دعوات عدة انطلقت من الجانبين للتوقف الفوري عن هراء تكفير الآخر وهذاء دق إسفين الفتنة، وهو ما لاقى آذاناً صاغية وقلوباً قانعة من كثيرين.
إلا أن هذا لم يمنع من أن يتصدر هاشتاغ «سالم عبدالجليل» قائمة «تويتر»، ومعه هاشتاغ «على المسيحيين» أن يفعلوا كذا وكذا لمجابهة ما يتعرضون له من تكفير تارة وازدراء تارة أخرى. وعلى صعيد الازدراء، وعلى رغم أنه جرت العادة أن تقتصر قضايا ازدراء الأديان على دين واحد لا ثاني له، ألا وهو الدين الإسلامي، إلا أن المحامي والناشط القبطي نجيب جبرائيل أقام ضد عبدالجليل قضية جنحة مباشرة، مطالباً بضرورة محاكمته بتهمة ازدراء الأديان، وتهديد الوحدة الوطنية، وتقويض السلام الاجتماعي، والتحريض على قتل المسيحيين ومناهضة الدولة المصرية.
الدولة المصرية التي تجد نفسها بين الحين والآخر واقعة في «حيص بيص» جراء تصريح أهوج أو رأي أرعن أو موقف أخرق بُح صوت رأسها من الدعوة إلى تجديد الخطاب. لكن الأيام تثبت أن ما يقوم به البعض من تجديد هو أقرب ما يكون إلى التخريب، وأن اجتهادات البعض الآخر تؤدي بهم إلى سجون واغتيالات نفسية وتجريحات معنوية. ولأن الجمود تمكّن من المشهد، ولأن التجديد والتحديث والتغيير تعاني جموداً وتحجراً وتصلباً منذ عقود، فإن المخاوف كثيرة والألغام عديدة. ويكفي أن الشيخ سلام عبدالجليل تحوّل من شيخ محبوب بين الوسطيين والمتنورين إلى شيخ مرغوب بين المتشددين والمغالين بعد تصريح «فساد العقيدة».
عقيدة فريق آخر لا ترى إلا المؤامرة والإلهاء والتغييب. ومن ثم، فقد تفرغ هؤلاء لقدح زناد الفكر وسن حد سكاكين التحليل والتنظير حيث تصريح عبدالجليل الغرض منه التعتيم على «اختفاء» حبيب العادلي وزير داخلية الرئيس السابق حسني مبارك قبل تنفيذ حكم بالسجن صدر في حقه، أو كسر البامية حاجز ال40 جنيهاً مصرياً.
المثير أن كل المؤسسات الدينية سارع إلى إبراء ذمته وإخلاء مسؤوليته عن عبدالجليل. فمعهد البحوث الإسلامية قال إن الأزهر لا يملك تكفير الناس وإن ما قاله عبدالجليل رأي شخصي. وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة أكد أن عبدالجليل ليست له علاقة من قريب أو بعيد بالوزارة، بل تم إنهاء عمل إمام مسجد السيدة نفيسة الشيخ عبدالله رشدي وإحالته للتحقيق لأنه ناصر عبدالجليل في موقفه.
ولم يخل الأمر من دعابة وحس فكاهة. فمنهم من قال إن عبدالجليل سيقدم برنامجاً رمضانياً اسمه «المكفراتي» (على وزن المسحراتي)، ومنهم من بدأ يكتب خواطر عنوانها «في داخل كل منا داعشي صغير»، ومنهم من دعا الجمع الحاشد إلى استراحة قصيرة من الهري الدائر والتقاط الأنفاس استعداداً لأسبوع جديد وهري جديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.