%48 من القوى العاملة في المنشآت العائلية    أفضل خمس خدمات بث فيديو    الفن يُعالج... معارض تشكيلية في المستشفيات تعيد للمرضى الأمل    «الأرصاد» في إنذار أحمر : أمطار غزيرة على جدة اليوم الجمعة    مؤشرات التضخم تحدد مزاج المستثمرين في الأسواق السعودية    إعلان أسماء المستحقين للأراضي البعلية الموسمية في الحدود الشمالية    شبكة عنكبوتية عملاقة    الأخضر السعودي يختتم استعداده لمواجهة ساحل العاج    اللاعب السعودي خارج الصورة    الفيفا يختار هدف عمرو ناصر في الأهلي المصري ضمن القائمة المختصرة لجائزة بوشكاش    الرياضة السعودية ما بعد النفط.. الاستثمار في العقول لا العقود    ازدهار الطبيعة    غدٌ مُشرق    رحلة الحج عبر قرن    عدسة نانوية لاكتشاف الأورام    إنجاز طبي جديد بنجاح عملية فصل التوأم الملتصق الجامايكي    انطلاق "موسم شتاء درب زبيدة 2025" في محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية    الأمير خالد الفيصل يكتب التاريخ ويفوز بلقب الروّاد في البطولة العربية للجولف بالرياض    القبض على (3) يمنيين لتهريبهم (60) كجم "قات" في عسير    المدير الرياضي في الأهلي: غياب توني لأسباب فنية    وزير "البيئة" يلتقي قطاع الأعمال والمستثمرين بغرفة الشرقية    وفد سعودي يشارك في تمرين إيطالي لمحاكاة مخاطر البراكين ويبحث تعزيز التعاون في الحماية المدنية    وزير الحج والعمرة: الرعاية الكريمة لمؤتمر ومعرض الحج كان لها الأثر الكبير في نجاح أعماله وتحقيق أهدافه    اليماحي يثمن الدور الرائد لدول الخليج في تعزيز مسيرة العمل العربي المشترك والدفاع عن القضايا العربية    مفتي عام المملكة يستقبل وزير العدل    نائب وزير الخارجية يستقبل سفير جمهورية فرنسا لدى المملكة    هطول أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة من يوم غدٍ الجمعة حتى الاثنين المقبل    خبراء: السجائر الإلكترونية تقوض حقوق الأطفال الإنسانية    توازن كيميائي يقود إلى الرفاه الإنساني    غرفة القصيم توقع تفاهمًا مع الحياة الفطرية    منسوبو وطلاب مدارس تعليم جازان يؤدّون صلاة الاستسقاء    "محافظ محايل" يؤدي صلاة الاستسقاء مع جموع المصلين    محافظ صبيا يؤدي صلاة الاستسقاء تأسياً بسنة النبي واستجابة لتوجيه خادم الحرمين الشريفين    تقني الشرقية تختتم "راتك 2025"    شراكة مجتمعية بين ابتدائية قبيبان وجمعية «زهرة» للتوعية بسرطان الثدي    أول اجتماع لمكتب المتقاعدين بقوز الجعافرة    مصرية حامل ب9 أجنة    الثقوب الزرقاء ورأس حاطبة.. محميتان بحريّتان تجسّدان وعي المملكة البيئي وريادتها العالمية    محافظ محايل يزور مستشفى المداواة ويطّلع على مشاريع التطوير والتوسعة الجديدة    ورشة استراتيجية مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة 2026–2030    محافظ القطيف يرعى انطلاق فعالية «منتجون» للأسر المنتجة    ذاكرة الحرمين    الشلهوب: الرسائل المؤثرة.. لغة وزارة الداخلية التي تصل إلى وجدان العالم    كمبوديا وتايلاند تتبادلان الاتهامات بالتسبب بمواجهات حدودية جديدة    وفد رفيع المستوى يزور نيودلهي.. السعودية والهند تعززان الشراكة الاستثمارية    تعزز مكانة السعودية في الإبداع والابتكار.. إطلاق أكاديمية آفاق للفنون والثقافة    «مغن ذكي» يتصدر مبيعات موسيقى الكانتري    160 ألف زائر للمعرض.. الربيعة: تعاقدات لمليون حاج قبل ستة أشهر من الموسم    وسط مجاعة وألغام على الطرق.. مأساة إنسانية على طريق الفارين من الفاشر    طهران تؤكد جديتها في المفاوضات النووية.. إيران بين أزمتي الجفاف والعقوبات    وسط جدل سياسي واسع.. الرئيس الإسرائيلي يرفض العفو عن نتنياهو    يجتاز اختبار القيادة النظري بعد 75 محاولة    شهدت تفاعلاً واسعاً منذ إطلاقها.. البلديات: 13 ألف مسجل في مبادرة «الراصد المعتمد»    النويحل يحتفل بزواج عمر    تجربة الأسلحة النووية مرة أخرى    تصفيات مونديال 2026.. فرنسا وإسبانيا والبرتغال لحسم التأهل.. ومهمة صعبة لإيطاليا    في أولى ودياته استعداداً لكأس العرب.. الأخضر السعودي يلتقي ساحل العاج في جدة    القيادة تعزي رئيس تركيا في ضحايا تحطم طائرة عسكرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وجهة نظر إقتصادية - ماذا يحدث في أوروبا؟
نشر في الحياة يوم 02 - 12 - 2010

مثّلت الأزمة في إرلندا هاجساً مهماً للاقتصاديين والمسؤولين الحكوميين في مختلف بلدان الاتحاد الأوروبي وكذلك العاملين في المؤسسات المالية العالمية. ولا شك في أن كثيرين من المهتمين بالشأن الاقتصادي اعتقدوا، قبل سنوات قليلة، بأن الاقتصاد الإرلندي من الاقتصادات النشطة والمتعافية والمرتفعة النمو. لكن ما حصل أكد أن ثمة خللاً في بنية هذا الاقتصاد وفي السياسات المالية الحكومية، ليس في إرلندا فقط ولكن في العديد من بلدان الاتحاد. عند التوقيع على اتفاق الوحدة النقدية أو «اتفاق ماسترخت» عام 1992، وُضعت معايير يجب اتباعها من البلدان الموقعة أو الساعية إلى الانضواء تحت مظلة الوحدة النقدية. وتبع توقيع الاتفاق اعتماد عدد من التدابير والإجراءات وعقد اتفاقات جديدة. ومنذ كانون الثاني (يناير) 1999، بدأ العمل بنظام الوحدة النقدية وأصبح اليورو العملة المعتمدة الوحيدة في العديد من بلدان الاتحاد التي اعتمدت عضوية الوحدة النقدية. لكن أهم من ذلك أن الاتفاق نص على شروط أساسية أكدت ضرورة التوافق في شأن السياسة النقدية في البلدان الأعضاء كلها، وبتقنين السياسات المالية بحيث لا يتجاوز العجز في الموازنات الحكومية نسبة ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في أي من البلدان، كما أن معدل التضخم يجب ألا يزيد على 1.5 في المئة.
خلال السنوات العشر الماضية منذ البدء بالعمل بنظام اليورو، لم يلتزم العديد من البلدان الأعضاء بهذه المعايير الصارمة، والدليل على ذلك ارتفاع نسبة العجز في الموازنات الحكومية إلى معدلات تتراوح ما بين سبعة و15 في المئة. ويبدو أن العديد من حكومات هذه البلدان لم تتمكن من ترشيد الإنفاق العام، أو التخلي عن المسؤوليات الاجتماعية الباهظة من ضمن أنظمتها من أجل الحد من المخصصات في إطار الإنفاق العام. كذلك لم تُرفع المعدلات الضريبية إلى مستويات تؤدي إلى زيادة إرادات الخزينة العامة للوفاء بتلك الالتزامات. وقد لا يمكّن التفاوت في البنية الاقتصادية بين هذه البلدان من تحقيق التواؤم المنشود في نصوص الاتفاق النقدي المشار إليه. لا يمكن أن تكون ألمانيا، مثلاً، في مصاف اليونان لجهة التنظيم الاقتصادي والهيكل الحكومي والإداري أو السلوكيات المجتمعية، لذلك كان متوقعاً أن تحدث مشاكل مهمة في عملية تطوير الوحدة الاقتصادية بين البلدان الأوروبية. ليس ذلك فقط، فهناك بلدان مثل بولندا وهنغاريا وغيرهما من بلدان أوروبا الشرقية التي ظلت ترزح تحت نظام اقتصادي شمولي لعقود طويلة، مقرر لها أن تلتحق بالوحدة النقدية، أو نظام اليورو، في السنوات المقبلة. وفي هذه البلدان، تتحمل الحكومات التزامات اجتماعية مهمة لا يمكن الفكاك منها في زمن قصير، وهي ستكون لذلك معرضة لمشاكل كعجز الموازنة وارتفاع المديونية الحكومية إلى مستويات غير مقبولة. إذاً هناك تحديات بنيوية في هذا النظام كان لا بد من التحوط لها من قبل الحكومات المعنية.
الآن وبعد اعتماد اتفاق مع الحكومة الإرلندية وتأمين قروض لها تبلغ قيمتها 118 بليون دولار، هل يمكن أن نزعم بأن الأمور أصبحت سالكة وأن المشاكل باتت قابلة للعلاج؟ قبل التوصل إلى هذا الاتفاق، برزت مشاكل سياسية معقدة في إرلندا حيث واجهت الحكومة معارضة شديدة تمثلت بالتحفظ على الشروط التي تمكن صندوق النقد الدولي ومفوضية الاتحاد الأوروبي التدخل في السياسات الحكومية ومتابعة الالتزام بقيود الاقتراض وحدود معدلات العجز في الموازنة. واعتبر سياسيون معارضون أن هذه الشروط تفقد البلاد سيادتها. وهنا تبدو لنا المعضلة الحقيقية في اتفاق الوحدة النقدية الذي يفترض تطبيق إجراءات وتدابير موحدة تتجاوز الاعتبارات الوطنية في أي من هذه البلدان الأعضاء، وهي كيفية التوفيق بين هذه المعايير والالتزامات الاجتماعية. تتكرس الالتزامات الاجتماعية مع الزمن وتصبح حقوقاً مكتسبة لفئات واسعة من الطبقات الوسطى والطبقات الشعبية بما يجعل من الالتزام بها عهداً سياسياً أمام الناخبين. ربما وافقت الحكومة الإرلندية، وقبلها الحكومة في اليونان، على شروط الاتفاقات الجديدة لحماية بلدانها من إعلان الإفلاس، أو على الأقل عدم القدرة على التسديد بموجب الشروط الأساسية لعمليات التمويل، إلا أن التبرم من هذه الشروط يظل مستمراً في وجدان فئات اجتماعية وأحزاب سياسية ما يؤثر في نتائج الانتخابات التشريعية في هذه البلدان. لكن هل يمكن أن تستمر هذه البلدان بالإنفاق من دون حساب، وإلى أي مستوى يمكن أن تصل المديونيات الحكومية؟
بلغ الدين العام في عدد من البلدان الأوروبية نسبة مهمة وقياسية من الناتج المحلي الإجمالي. في اليونان، مثلاً، بلغ نسبة 126 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وفي إرلندا 65 في المئة وفي فرنسا 78 في المئة وفي إيطاليا 116 في المئة. ولا بد أن يكون لهذه المستويات من الدين العام تأثيرها في الأداء الاقتصادي إذ ستُخصَّص هناك أموال لخدمة الديون تكون على حساب التزامات أخرى، وقد تدفع الحكومات إلى رفع معدلات الضرائب بما ينعكس سلباً على الأداء الاقتصادي العام في البلاد. وليست بلدان الاتحاد الأوروبي وعددها 27 دولة، كلها أعضاء في الوحدة النقدية إذ أن عدد البلدان التي تعتمد اليورو هي 16 فقط حتى الآن، ويبلغ مجموع ناتجها الإجمالي السنوي 16.5 تريليون دولار، ويقارب عدد سكانها 500 مليون نسمة. إذاً تمثّل البلدان المذكورة ثقلاً اقتصادياً مهماً وتستوعب جزءاً مهماً من صادرات الدول غير الأعضاء، سواء الآسيوية أو الأفريقية أو بلدان الأميركتين. لذا يصبح تعافي هذه الاقتصادات الأوروبية مهماً للاقتصاد العالمي، ولذلك سارع صندوق النقد الدولي إلى إسعاف إرلندا وقبل ذلك اليونان، وقد يعود ليقدم مساعدات إلى البرتغال أو إسبانيا. بيد أن هذه المشاكل، أو المعضلات، تطرح تساؤلات أساسية حول صلاحية الأنظمة الاقتصادية، فهل هناك ضرورة لإعادة النظر بالمفاهيم والقيم الاقتصادية والاجتماعية التي توارثتها الحكومات منذ نهاية الحرب العالمية الثانية؟
* كاتب متخصص في الشؤون الاقتصادية - الكويت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.