حذّر خبراء في الهندسة المدنية من خطورة ارتفاع منسوب المياه الجوفية الذي أفرز أخيراً أزمة «طفح» المياه الجوفية على السطح، مشددين أن سحبها يكون ضرورياً في حالات كثيرة، محملين أمانة جدة مسؤولية حدوث أي كوارث نتيجة تسربها في حال لم تكمل شبكة الصرف الصجي بالطريقة المثلى. وبحسب الخبير في هندسة المياه الدكتور نبيل عباس أن نسبة المياه الجوفية التي وصفها ب«المرتفعة» تشكل مصدر قلق لسكان مدينة جدة، خصوصاً في المنطقة الواقعة غرب طريق المدينة، مرجعاً ذلك إلى القرب من البحر، إضافة إلى عدم وجود شبكة صرف صحي بشكل كافٍ. وأكد عباس في حديثه إلى «الحياة» أن معاناة «جدة» الأزلية من المياه الجوفية لن تحل بشكل نهائي إلا بإكمال شبكة الصرف الصحي لمنطقة جدة كافة، رافضاً في ذات الوقت الحلول العاجلة لعدم جدواها الاقتصادية، موضحاً أن هناك طريقة لخفض منسوب المياه الجوفية بواسطة محطات الضخ، مقدراً كلفتها ببلايين الريالات. لكنه استدرك: «يكون سحب المياه الجوفية ضرورياً وملحاً عندما يؤثر على الأساسات والشبكات الموجودة في المنطقة». وشدد عباس على أن سبب انهيار المباني بشكل جزئي في منطقة جدة التاريخية يعود إلى ارتفاع منسوب مثل تلك المياه، لتأثيرها على أساسات تلك المباني بشكل سلبي ما يقلل عمرها الافتراضي، مطالباً في الوقت نفسه أمانة مدينة جدة ب«الإسراع في إكمال شبكات مياه الصرف الصحي حتى لا يحدث ما لا يحمد عقباه». وألمح إلى أنه ليس بالضرورة أن تكون هناك علامات واضحة في المباني التي تتأثر أساستها بالمياه الجوفية إذ إن التأثر يكون على المدى الطويل. وقال: «هناك علامات تساعد في التعرف على تأثير المباني والمنشآت بالمياه الجوفية مثل خفض منسوب الطرق والمباني عما كان عليه في وقت سابق». وحمَّل الخبير في هندسة المياه أمانة جدة مسؤولية تفاقم هذا الأمر نظراً إلى «ضعف مراقبتها للمباني في المناطق ذات المنسوب المرتفع من هذه المياه، وكذلك عدم اكتمال شبكات الصرف الصحي»، مشيراً إلى أهمية تعريف المواطنين بأهمية أخذ المياه الجوفية في الحسبان عند البناء من حيث حماية الأساسات وتحمل طبقات التربة في المناطق ذات المنسوب المرتفع للمباني والطرق المقامة عليها، وتوعية المواطنين أن «تلك الاحتياطات على رغم تسببها في ارتفاع كلفة البناء إلا أنها تزيد من العمر الافتراضي للمباني وحماية أرواحهم». من جانبه، أشار الأستاذ في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عبدالله الغامدي إلى أن مياه الأمطار هي السبب الرئيس في مشكلات المياه الجوفية التي ظهرت أخيراً في مناطق عدة من المدينة الساحلية ك«الأجاويد، وجدة التاريخية»، كما أن عدم اكتمال شبكات الصرف الصحي، وعدم تغطيتها من إجمالي مساحة المنطقة سوى 25 في المئة فقط هي أهم الأسباب التي أظهرت هذه المشكلة. وأضاف الغامدي: «إن زيادة نسبة المياه التي تحتاجها المسطحات الخضراء من المياه عبر الري تؤدي إلى زيادة منسوب المياه الجوفية وتزيد يومياً من منسوبها». وفي هذا السياق، طالب الغامدي بالإسراع في تنفيذ مشاريع الصرف الصحي، إضافة إلى ضرورة إيقاف تسربات شبكات المياه المحلاة التي تقدر ب30 في المئة، وصيانة تلك الشبكات بصورة دورية ولو مرة واحدة في السنة على الأقل. وشدد أن ارتفاع منسوب المياه الجوفية له حل مكلف لكنه جيد وهو ما يتمثل في إنشاء شبكات محلية عبر أنابيب جوفية مثقبة تنقل فيما بعد للمنطقة المركزية.