كتب الشيخ عبدالرحمن البراك بياناً طويلاً عن «الجهاد»، وذلك يوم 24 شعبان 1431ه، وقد فصل فيه كثيراً، إذ تحدث عن جهاد الطلب وجهاد الدفع، وأشار إلى خوف الكفار من هذه الشعيرة، وبعد قراءة البيان قلت في نفسي إن الواقع يشير إلى أن الله عز وجل قدر - وهو الحكيم العزيز - أن تكون القدرة العسكرية وعلى رأسها «السلاح النووي الجبار» في أيدي الكفار، ولا راد لقضائه وتدبيره. ما يهمني من البيان برمته هو سبب إصداره، إذ يقول الشيخ: «إن أحد الإخوان في الله، وهو دكتور، زارني يعتب عليَّ ورود اسمي في بيان «أسطول الحرية» الذي وقع عليه 70 ناشطاً، فاعتذرت بأني لم آذن بإدراج اسمي، لأنه لم يكن من عادتي في الغالب التوقيع في البيانات الجماعية، وإنما أكتب ما أكتب مستقلاً، ولكني لم أعترض عليه، ولعل إدراج اسمي كان بناءً على الثقة وحسن الظن». ثم يضيف الشيخ بأن اعتراض الدكتور المذكور كان على عدم إشارة بيان اسطول الحرية إلى أن «إذن الإمام» من أهم شروط الجهاد، وذلك عندما قال الموقعون: «والواجب على أمة الإسلام إقامة الجهاد في سبيل الله تعالى، واستهداف عمق الكيان اليهودي، لطردهم من أرض المسلمين». هنا يجب أن نتوقف طويلاً عند ما قاله الشيخ ونعيد النظر في أمر هذه البيانات التي سبب معظمها هرجاً وبلبلة كادت تعصف بنا في كثير من الأحيان، إذ يعني ما قاله أن إدراج اسمه بالبيان المذكور كان من دون علمه ومن باب «الثقة وحسن الظن»! نحن نتحدث عن بيان سياسي يدعو إلى الجهاد من دون إذن ولي الأمر، ونعلم أن ضحايا مثل هذه البيانات هم من صغار السن المغرر بهم الذين أصبحوا حطباً في حروب لا علاقة لهم بها في كل جهات الأرض، أي أن تبعات البيان خطرة جداً، فكيف يتم إقحام اسم الشيخ من دون علمه؟ وكيف لم يتم النفي في وقت باكر؟ لا أظنه يخفى على الشيخ أن هناك أفئدة تتعذب وقلوباً منكسرة ودموعاً تسيل على ضحايا مثل هذه البيانات من صغار السن، في الوقت الذي يعيش كاتبوها والساعون إلى نشرها في أبراج عاجية، فلماذا سهل الأمر الى حد أن يتم اقحام اسمه من دون علمه حتى ولو لم يعترض على مثل هذا الإقحام، ربما لأنه لا يعرف الأهداف الحقيقية من ورائه، ألم يكن الأولى بالشيخ أن يعترض بقوة على إدراج اسمه، لا لأن مثل هذه البيانات تسبب البلبلة، ولكن – وهو الأهم - لأن البيان فيه تغرير واضح ومخالفة صريحة للشرع، إذ لم يشر إلى وجوب إذن ولي الأمر بالجهاد، ومع أن الشيخ قال في ما بعد: «إنه لا يلزم ذكرُ كل ما يُشترط، «للجهاد» فمحل ذلك كتب أبواب تفصيل أحكامها، ومن المعلوم أن نصوص هذه الواجبات جاءت في القرآن مجملة في أكثر المواضع، وجاء من تفصيل أحكامها قدر يسير، وأما التفصيل التام فقد كفلته سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم»، إلا أن هذا ليس كافياً في تقديري فالشاب الغاضب المتحمس عندما يقرأ البيان ويرى اسم الشيخ الذي يثق به وبعلمه الشرعي سيأخذ البيان كما هو، ولن يلتفت لتفصيلات لم تتم الإشارة إليها من قريب أو بعيد. ثم ألا يحق لنا أن نتساءل عن خلفية إدراج الأسماء ذات الصيت والتأثير في كل البيانات التي صدرت خلال السنوات الماضية؟ إذ يبدو أن هناك «عصبة قليلة العدد» تتولى إصدار البيانات، ومن ثم تضع من الأسماء المؤثرة ما يحلو لها من «باب الثقة وحسن الظن»، ثم يخجل صاحب الاسم من العصبة ولا يعترض على إقحام اسمه، مع أن الحق أحق أن يتبع، أليس كذلك؟! [email protected]