تحاول الباحثة والناقدة ماجدة حمود في كتابها «صورة الآخر في التراث العربي» (الدار العربية للعلوم - ناشرون ومنشورات الاختلاف) الرد على ما يقوله كثيرون من أن الموروث هو أحد أسباب الارهاب ورفض الآخر، عبر تسليط الأضواء على ما قدمته الحضارة العربية، عبر أبرز المؤلفات الأدبية، في مجال نظرتها للآخر في فترتي السلم والحرب. تقول الكاتبة: «إن الإرهاب الفكري الذي نمارسه في حق الآخر المختلف، هو إرهاب في حق ذواتنا أيضاً، إذ نغلق نوافذ الحياة المتجددة، ونرضى أن نعيش في ظلمة الجهل رافضين ثقافة التسامح التي أسست ازدهار حضارة أجدادنا، لهذا بحثت في كتب التراث العربي الإسلامي عما يعزز هذه الثقافة، من دون أن يعني هذا إغفال الصور التي تجسد التعصّب فيها، وذلك من خلال دراسة صورة الأنا والآخر فيها». فالمشكلة في منطقية الصورة وكيفية تقديمها، لذلك يعدّ علم الدراسة الصورة جزءاً من تاريخ الأفكار والثقافات التي تنشأ في بلد واحد، أو بلدان عدة، وعن طريق تناول الآخر بالدارسة يختلف تفكيرنا، وتغتني ثقافتنا ويتطور سلوكنا باتجاه أفضل عما سبق، لأن الأفكار والقيم هي ما يشكل وجدان الأمة. تستنطق الناقدة ماجدة حمود الماضي في المخيال العربي من خلال تحليلها مجموعة من كتب التراث الأدبي العربي في انفتاحه على الذات وعلى الآخر فتقول: إنها لمست ذلك في لحظات القوة (الجاحظ، ابن قتيبة، أبو حيان التوحيدي) ولحظات الضعف زمن الصليبيين (أسامة بن منقذ). وتعمدت في هذا الكتاب اختيار كتب أدبية («البخلاء»، «الإمتاع والمؤانسة»، «عيون الأخبار»، «كتاب الاعتبار»، «ألف ليلة وليلة»...) لأنها تحتوي مشاهد قصصية، وملامح من السيرة الذاتية، بدت شديدة الصلة بالحياة اليومية، وفية لسياقها الاجتماعي والثقافي. فالعرب مدينون لهذه الكتب التي حفظت قصصاً واقعية تتسم بالعفوية والصدق، وعايشوا فيها مشاهد التسامح مع الآخر في أكثر الأحيان، وإن كانوا عايشوا فيها مشاهد التعصب أحياناً.