سكان المملكة ينفقون 14.30 مليارات ريال خلال أسبوع    «سلمان للإغاثة» يوزّع (2.153) سلة غذائية في محافظة ريف دمشق    إحباط تهريب (200) كيلوجرام من نبات القات المخدر في عسير    أمير جازان ونائبه يتفقدان عددًا من المشروعات التنموية والسياحية بمحافظة الريث    فيصل بن فرحان يستقبل وزير خارجية إيران    نائب أمير مكة يستقبل نائب وزير الحج    مجلس حقوق الإنسان يعتمد بالإجماع قرارًا قدمته المملكة لحماية الأطفال في الفضاء الرقمي    أمير جازان يزور محافظة الريث ويلتقي بالمشايخ والأهالي    ورشة لتحسين واجهات المباني بالذكاء الاصطناعي لرفع كفاءة المشهد الحضري بالشرقية    هيئة التراث توقّع اتفاقية لتنفيذ أعمال المسح والتنقيب الأثري على طريق الحج التاريخي    ليفربول يعود إلى التمارين للمرة الأولى بعد وفاة جوتا    تجمع الرياض الصحي الأول يطلق قافلة "صيف بصحة" في الخرج    أمير تبوك يستقبل رئيس المجلس التأسيسي للقطاع الشمالي الصحي ورئيس تجمع تبوك الصحي    تركي آل الشيخ يعلن "The Ring IV" بنزالات عالمية في "موسم الرياض" على أربعة ألقاب كبرى    357 ألف موعد في عيادات "سعود الطبية" خلال 6 أشهر    أمانة تبوك تستخدم مليون لتر من المبيدات لمكافحة الحشرات    نائب أمير الرياض يستقبل سفير بريطانيا لدى المملكة    سيرة من ذاكرة جازان.. مهدي بن أحمد الحكمي    مخاوف حرب تجارية تعصف بالأسواق العالمية    المياه الوطنية تبدأ تنفيذ 38 مشروعًا مائيًا وبيئيًا في عسير بنحو 2 مليار ريال    مركز الملك سلمان للإغاثة يختتم برنامج "نور السعودية" التطوعي لمكافحة العمى في مدينة سطات بالمغرب    التطبير" سياسة إعادة إنتاج الهوية الطائفية وإهدار كرامة الانسان    أمير تبوك يطلع على التقرير الاحصائي لمديرية مكافحة المخدرات بالمنطقة    سمو أمير منطقة الجوف يكّرم الفائزين بجائزتي "المواطنين المسؤولية "و"صيتاثون"    الشيخ / خليل السهيان يكرم الداعمين وأعضاء لجان ملتقى الهفيل الأول لعام١٤٤٧ه    بلدية البصر تنفذ مشروع تطوير ميدان العوجا قرب مطار الأمير نايف بمنطقة القصيم    أكثر من 88 ألف مستفيد من خدمات "المودة" خلال النصف الأول من العام 2025    مُحافظ وادي الدواسر يقلّد العقيد المشاوية رتبته الجديدة    زلزال بقوة 5 درجات يضرب البحر الأبيض المتوسط    5 مليارات ريال تسهيلات ائتمانية    "الأرصاد" يطلق 14 خدمة جديدة للتصاريح والاشتراطات    النيابة العامة": النظام المعلوماتي يحمي من الجرائم الإلكترونية    يتنكر بزي امرأة لأداء امتحان بدلًا من طالبة    "الشورى" يطالب بدراسة أسباب انخفاض الرحلات الداخلية    "سعودية" ضمن قائمة أبرز 200 قائدة ملهمة عالمياً    في المواجهة الأولى بنصف نهائي كأس العالم للأندية.. صراع أوروبي- لاتيني يجمع تشيلسي وفلومينينسي    استقبل سفير لبنان لدى المملكة.. الخريجي وسفير الاتحاد الأوروبي يبحثان تعزيز العلاقات    الهلال.. زعيم عالمي في مواجهة الكبار    بعثة الأخضر للناشئين تصل إلى فرنسا وتبدأ تحضيراتها لبطولة كوتيف الدولية 2025    "إثراء" يحفز التفكير الإبداعي ب 50 فعالية    دنماركية تتهم"طليقة السقا" بالسطو الفني    برنامج لتأهيل منسوبي "سار" غير الناطقين ب"العربية"    تصدت لهجمات مسيّرة أطلقتها كييف.. روسيا تسيطر على أول بلدة وسط أوكرانيا    أكد أن واشنطن تدعم حلاً داخلياً.. المبعوث الأمريكي: لبنان مفتاح السلام في المنطقة    50 شخصاً أوقفوا بتهم متعددة.. اعتقالات واسعة لعناصر مرتبطة بالحرس الثوري في سوريا    الجراحات النسائية التجميلية (3)    "سلمان للإغاثة" يدشّن بمحافظة عدن ورشة عمل تنسيقية لمشروع توزيع (600) ألف سلة غذائية    الدحيل يضم الإيطالي فيراتي    نائب أمير جازان يطّلع على تقرير عن أعمال فرع الشؤون الإسلامية بالمنطقة    لسان المدير بين التوجيه والتجريح.. أثر الشخصية القيادية في بيئة العمل    الحب طريق مختصر للإفلاس.. وتجريم العاطفة ليس ظلماً    علماء يكتشفون علاجاً جينياً يكافح الشيخوخة    اعتماد الإمام الاحتياطي في الحرمين    التحذير من الشائعات والغيبة والنميمة.. عنوان خطبة الجمعة المقبلة    مستشفى الملك فهد بالمدينة يقدم خدماته ل258 ألف مستفيد    ترحيل السوريين ذوي السوابق الجنائية من المانيا    الرياض تستضيف مجلس "التخطيط العمراني" في ديسمبر    ألف اتصال في يوم واحد.. ل"مركز911"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سجن الأحداث الفلسطينيين في دائرة مفرغة
نشر في الحياة يوم 01 - 07 - 2010

أدخلت جمعيات غير حكومية تعمل في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين (صيدا، جنوب لبنان)، برنامجاً خاصاً بالأطفال والأحداث على برامج عملها، إثر تنامي ظواهر مختلفة تدفع الاطفال الى مخالفة القانون وتعرضهم لأخطار الانحراف والإصابة بالأمراض، ومنها التسرب المدرسي وتشغيل صغار السن في جمع الخردة بخاصة، ما يزيد من احتمال إصابتهم بالأذى والعدوى، نتيجة الاهمال في فرز النفايات الصناعية والطبية. وسبق لعاملين في هذا المجال أن أصيبوا بأمراض فيروسية خطيرة هددت حياتهم. ويسعى بعض الاحداث من دون ادراك، الى الاستيلاء على مقتنيات معدنية من حديقة هنا أو بستان هناك، وهو الأمر الذي يعرضهم لملاحقة قانونية، بتهمة السرقة، علاوة على كل ما سبق.
ولد كريم (17 سنة) لعائلة فلسطينية فقيرة تعيش في ضاحية من ضواحي مخيم عين الحلوة. توفيت والدته وهو في العاشرة اثر مرض عضال، تاركة أربعة أطفال هو أكبرهم. تدهورت حال الأسرة تدريجاً بعد وفاة الوالدة، ولجوء الوالد المفجوع الى معاقرة الخمر، مهملاً عمله كبائع متنقل للثياب، وخروج كريم من المدرسة للعمل وتأمين الطعام والشراب لأخيه وأختيه.
يقع مخيم عين الحلوة في مدينة صيدا عاصمة الجنوب اللبناني، ويعيش فيه أكثر من 65 الف لاجئ، يمثلون نحو ثلث سكان مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. ويعيش أهالي المخيم حالة من الاحتقان الاجتماعي والاقتصادي والصحي، بسبب ارتفاع مستويات الفقر والبطالة والامراض، وبخاصة السرطان والقلب، اضافة الى التوترات الأمنية اليومية، ناهيك بالكثافة السكانية والفوضى والعشوائية في تمديد شبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي، وكثير من المشاكل الاجتماعية والبيئية الاخرى التي تترك تأثيراً سلبياً على أحوال اللاجئين ولا سيما صغارهم.
عمل الصبي كريم في محل لحدادة السيارات في المدينة الصناعية اشهراً عدة، قبل أن يترك العمل بسبب الأرهاق الشديد الذي أدى الى طرحه في الفراش عليلاً في شكل دوري. وبعدها أخذ يبحث عن عمل مريح يتناسب مع قدراته الجسدية المتواضعة ونحول عوده، وجد ضالته حين التحق في إحدى الفصائل الفلسطينية بمهمة تنظيف المقرات، وتعرض للضرب أكثر من مرة، بحجة اهماله في أعمال التنظيف، وما لبث ان هرب تجنباً للمعاملة القاسية والأجر الزهيد.
يشكّل الأحداث الفلسطينيون المخالفون للقانون في لبنان ما نسبته 8 في المئة (مصلحة الاحداث – وزارة العدل اللبنانية - 2009)، من مجمل الاحداث في لبنان، نصفهم تقريباً موجود في الجنوب (75 الى 80 حالة سنوياً، المصدر السابق)، وبشكل مركّز في منطقة صيدا. وأكثر التهم التي توجّه إليهم هي السرقة وتعاطي المخدرات من أصناف مؤذية رخيصة كمحلول التنر والبنزين وبعض المواد اللاصقة، لا المخدرات والعقاقير الباهظة الثمن والتي يعاقب عليها القانون. وعلى رغم أن المواد المذكورة غير محظورة قانوناً، باعتبارها مواد كيماوية صناعية، فإن اجتهادات بعض القضاة تضعها في خانة المحظور، ويتم التعامل مع الاحداث على أساس انهم معرضون لخطر الانحراف، فيطبق عليهم قانون «التعاطي».
مرت سنوات تنّقل خلالها كريم بين أكثر من عمل ووظيفة، حتى استقر حال الاسرة نسبياً حين عاد الوالد الى فتح باب رزقه من جديد في تجارة الثياب وعاد الطفل الى مدرسته. ثم عادت الأوضاع وتدهورت الحال بعد ان كسرت قدم الوالد، إذ سقط من على السطح بينما كان يصلّح عطلاً في شبكة الكهرباء وأسلاكها المتشابكة كالغابة. وعاد كريم وترك المدرسة ليعمل مع اصدقائه في جمع الخردة. أعجب الصبي بهذا العمل، بسبب حرية الحركة وقلة الالتزام. وراح يسعى الى جمع ما أمكن من الخردة في أوقات مختلفة، ليبيعها للمصانع ومحلات جمع المعادن.
واذا كان التعامل القضائي مع الاحداث المخالفين للقانون متساهلاً في معظم دول العالم، ويأخذ شكل الاصلاح بدلاً من العقاب بالسجن وغيره، فإن احداثاً كثراً في لبنان يدخلون السجن بتهم مختلفة، ويخرجون منه وهم يملكون خبرات سلبية اضافية عموماً. ويصعب تفريق الحدث عن سواه من السجناء، بسبب ضعف تطبيق القانون 422 الصادر في 2002، الذي يشترط اجراءات معينة تضمن خصوصية الحدث لكونه يُعتبر طفلاً. كما يراعي هذا القانون اتفاقية «حقوق الطفل» التي تشدد في المادة 40 على معاملة تحفظ كرامة الطفل الذي يخالف القانون وقيمته، ويضمن إعادة دمجه مجدداً في المسار الطبيعي لأقرانه في المجتمع والدفاع عنه، وتجنب الاجراءات القضائية والزج بالطفل في مؤسسات الاصلاح.
ذات يوم، مرّ الصبي كريم قرب حديقة منزل مهجور، ودفعته رؤية موّلد كهربائي قديم الى تسلق السور، لاعتقاده بأنه سيجني من بيعه قيمة عمل أسابيع. وعند محاولته دفع المّولد الى خارج السور، قبض عليه الناطور وساقه الى أقرب مخفر. قبع كريم في مبنى الأحداث في سجن رومية ستة أشهر، وخرج ليعود الى مسكن العائلة حاملاً الكثير من التجارب السيئة. وعاد الى عمله في جمع الخردة. وليلياً، بعد العمل كان يجتمع مع رفاق تعرف اليهم في السجن، ويلتقي بهم عند شاطئ البحر، يتسامرون ويتعاطون ما أمكنهم من المواد الصناعية اللاصقة، عبر تفريغ الانابيب في أكياس وأقفالها، ثم تنشقها حتى تتلاشى رائحتها... حتى الهلوسة.
وينص القانون اللبناني الرقم 422 في البند 3: «الحدث الذي يخالف القانون يستفيد من معاملة منصفة وانسانية، وتخضع اجراءات ملاحقته والتحقيق معه ومحاكمته الى بعض الأصول الخاصة»، كما ينص القانون على تطبيق اجراءات بديلة من السجن، وهي التدابير التي تقيّد حرية الحركة، ومنها العمل للمنفعة العامة كالقيام بأعمال مفيدة للمجمتع بإشراف اختصاصيين.
سجن كريم بعد ذلك أكثر من مرة بتهم متنوعة، منها: تعاطي مواد مخدرة، سرقة وغير ذلك. وكلما دخل السجن خرج منه وفي جعبته خبرات إضافية تعيده مجدداً... الى السجن.
تدابير تربوية بديلة من العقوبة
قانون الأحداث في لبنان 422/2002 هو قانون خاص يحفظ حقوق الأحداث المخالفين للقانون الجزائي والأطفال المعرضين للخطر والأطفال ضحايا جرم جزائي في جميع المراحل القضائية.
المبادئ الأساسية للقانون:
- حاجة الحدث الى مساعدة خاصة توجب تطبيق اجراءات وقواعد خاصة، تنسجم مع امكان إعادة تأهيله وتأمين فرص لمستقبله.
- حق الحدث المخالف للقانون في الافادة من معاملة منصفة وانسانية خلال إجراءات الملاحقة القانونية، والتحقيق معه، ومحاكمته التي تعتمد في الاصل على التدابير غير المانعة للحرية.
- لقضاء الأحداث مهلة علاجية ووقائية واجتماعية، فهو الاولى بشؤون الاحداث المخالفين للقانون أو المعرضين للخطر.
أهداف القانون:
- انشاء تدابير تربوية بديلة تحل مكان العقوبة التي اضحت وسيلة استثنائية لا يمكن اللجوء اليها الا في الحالات القصوى.
- انشاء نظام حماية متكامل وعملي للأحداث المعرضين للخطر أو الأحداث ضحايا سوء المعاملة والذين هم عرضة للايذاء الجسدي أو التربوي أو الصحي أو الأخلاقي أو الجنسي.
- تأمين اطار منسجم مع القوانين الدولية التي ترعى شؤون الاحداث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.