ارتفاع أسعار النفط    الاجتماع التنسيقي للمجلس الوزاري لوزراء خارجية دول مجلس التعاون يهدف إلى تنسيق الجهود تجاه القضايا الإقليمية والدولية    تعليم المدينة المنورة ينهي استعداداته للاحتفاء باليوم الوطني ال 95    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع التنسيقي لوزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية    استثمارات طبية فرنسية في سدير.. «مدن» تنشئ مركز التميز للذكاء الاصطناعي    برنامج تقني لتهيئة الخريجين للعمل    الشرقية تتزين ب 26 ألف عنصر جمالي ليوم الوطن    اليوم الوطني.. معاً خلف قيادتنا لبناء السعودية العظمى    أوروبا تتوتر وألمانيا تسرع دفاعاتها.. بوتين منفتح على تسوية أوكرانية    جهود حثيثة لتفادي تفعيل «آلية الزناد».. إيران بين سباق الدبلوماسية وشبح العقوبات    غارات الاحتلال تتسبب في مقتل العشرات بغزة    عزنا بطبعنا.. تجسيد لمسيرة التطور والعطاء    العالم يترقب حفل توزيع الجوائز.. ديمبيلي ويامال يتصارعان على الكرة الذهبية    ميسي يسجل ثنائية ويتصدر هدافي الدوري الأمريكي    الهلال يسجل ليوناردو مكان المصاب كانسيلو    الشجاعة تصنع القادة    القبض على شخصين لترويجهما «الشبو» بالشرقية    المرور: 3 مسببات ل«الحوادث بالطرق»    الطريق مسؤولية الجميع    وفاة الفنان حمد المزيني    السعودية تستضيف مسابقة «إنترفيجن» للموسيقى    فاحص ذكي يكشف أمراض العيون    تبتلع قلمين بسبب الوسواس القهري    إطلاق الربط الرقمي بين البلدين.. تعاون سعودي – سوري في المجال الصحي    سعود بن بندر: المشاريع التنموية والخدمية في الشرقية ركيزة في مسيرة التنمية الشاملة    وزير الشؤون الإسلامية يوجّه بفرش 23 جامعاً ومسجداً بالمدينة    وطن المجد.. في عامه الخامس والتسعين    مجلس إدارة جمعية بناء يعقد اجتماعه الثامن والخمسين    العالم بحاجة لإنفاق 540 مليار دولار سنوياً للتنقيب عن النفط والغاز    مؤتمر «حل الدولتين» ينطلق اليوم برئاسة سعودية - فرنسية    15 ألفا لأغلى جدارية بالأحساء    العنب الياباني الطلب يفوق العرض والأسعار تتراجع    6.3 ملايين حاوية بالموانئ وينبع أولا    دب يتسوق في دولار جنرال    شبكة عنكبوت على المريخ    الباطن يقصي الاتفاق.. الأخدود يتجاوز الرائد.. التعاون يتغلب على الفيصلي    روبوت علاجي يدخل الجسم    6 مجالات في ملتقى رواد الشباب العربي    الجلوس الطويل يبطئ الأيض    مخاطر الألياف البلاستيكية الدقيقة على العظام    «البحر الأحمر السينمائي» تكشف عن فائزي تحدّي «صناعة الأفلام»    السكن الجماعي تحت المجهر    نائب أمير منطقة تبوك يرعى حفل مدارس الملك عبدالعزيز النموذجية باليوم الوطني ال95 للمملكة    نائب أمير منطقة تبوك يطلع على تقرير عن أعمال الهيئة الصحة العامة بالمنطقة    شبابنا في اليوم الوطني.. عزّنا بطبعنا    اختتام الدراسات الأولية للشارة الخشبية لقائدات وحدات فتيات الكشافة    تشكيل الهلال المتوقع أمام العدالة في كأس الملك    مكتبة الملك عبدالعزيز تطلق معرض "الموحّد" في اليوم الوطني 95    القبض على (7) مخالفين لنظام أمن الحدود لتهريبهم (105) كيلوجرامات من "القات"    أمير الرياض يطلع على التقرير السنوي لهيئة تطوير محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد الملكية    مطلع أكتوبر: انطلاق مزاد نادي الصقور السعودي 2025    جمعية تحفيظ القرآن بطريب" تعقد اجتماعها الدوري وتصدر قرارات لتطوير أعمالها    القيادة تهنئ الحاكم العام لبيليز بذكرى استقلال بلادها    رسالة المسجد في توطيد اللحمة الوطنية    الأمن العام: ضوابط مشددة لصون مكانة العلم السعودي    40 فعالية في احتفالات اليوم الوطني بمركز«إثراء»    خطيب المسجد الحرام: استحضروا عظمة الله وقدرته في كل الأحوال    النصر يقسو على الرياض بخماسية ويحافظ على الصدارة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضياع أصوات «الكردستاني» بين صناديق البارود وصناديق الاقتراع
نشر في الحياة يوم 03 - 11 - 2015

أتت نتائج الانتخابات التي شهدتها تركيا مفاجئة ومخالفة لكل التوقّعات واستطلاعات الرأي، حتّى التي أجرتها شركات مقرّبة من حزب «العدالة والتنمية» الحاكم. بالتوازي مع ذلك، ثمة انتكاسة كرديّة واضحة، لا يمكن إغفالها أو التغطية عليها عبر سرد المبررات والمسوّغات الجوفاء التي اعتدنا على سماعها. ففي انتخابات حزيران (يونيو) الماضي، حصل حزب «الشعوب الديموقراطي» (الفرع العلني لحزب العمال الكردستاني) على 13 نقطة خوّلته حصد 80 مقعداً برلمانياً. في تلك الانتخابات، وظّف «الكردستاني» محنة مدينة كوباني (عين العرب) إلى الحدود القصوى في الدعاية الانتخابيّة المضادّة ل«العدالة والتنمية» لجهة تأكيد ضلوع الأخير في دعم التنظيمات الإرهابيّة والتكفيريّة، بخاصّة «داعش».
جاء الانتصار السابق ل»الكردستاني» على جثّة «كوباني». بينما في انتخابات 1/11/2015، صحيح أن «الكردستاني» حافظ على اجتيازه لحاجز ال10 في المئة، إلاّ أنه فقدَ ما يناهز (2,3) نقطة جعلته يخسر ما يزيد على 20 مقعداً، ذهبت ل»العدالة والتنمية». وعليه، ساهم «الكردستاني» بممارساته وسياساته الخاطئة داخل وخارج تركيا في انتصار حزب أردوغان. ويمكن تلخيص هذه الأخطاء القاتلة بالتالي:
أولاً: في انتخابات حزيران، أصيب «الكردستاني» بما يشبه نشوة النصر التي أفقدته صوابه. فصار يتصرّف بغطرسة وعنف مع الكرد الموالين ل«حزب الله» التركي، و«العدالة والتنمية»، بدلاً من جذبهم وكسبهم. ذلك أن «حزب الله» دخل الانتخابات السابقة بلائحة مستقليّن، وفشل في تمرير مرشّحيه للبرلمان. وقاطع الانتخابات الأخيرة، فعادت أصوات الموالين له، وبزخم أكبر إلى «العدالة والتنمية»، نتيجة المصادمات التي شهدتها المناطق الكرديّة بين «الكردستاني» و«حزب الله».
ثانياً: انزلق «الكردستاني» إلى الفخ الذي نصبه له «العدالة والتنمية» عبر جرّه لردود أفعال عنيفة على خلفية دعم «العدالة والتنمية» لتنظيم «داعش» والتفجيرات التي استهدفت الأكراد، بخاصة تفجير «سروج» على حدود كوباني. هذه التفجير الإرهابي، والهجمات الجويّة التركيّة على معاقل «الكردستاني» في جبال قنديل، دفع الأخير إلى تعليق الهدنة، والقيام بأعمال عسكريّة، عززت موقف «العدالة والتنمية» أكثر، بوصفه ضابط وضمانة الأمن والاستقرار في تركيا. وفي الوقت عينه أحرجت أعمال العنف هذه، حتى ولو كانت ردّ فعل على ممارسات «العدالة والتنمية»، «حزب الشعوب الديموقراطي» ووضعته في زاوية ضيقة وفي مواجهة مباشرة مع الدولة والشارع الإسلامي والقومي.
وعاد «الكردستاني» إلى تعليق العمل المسلّح، في نفس يوم تفجير أنقرة، كي تمرّ الانتخابات بسلام. ولكن هذه العودة للهدنة كانت متأخّرة. وبالتالي، تصرّف «الكردستاني» في فترة ما بعد انتخابات حزيران، وفق ما يشتهيه حزب «العدالة والتنمية»!.
ثالثاً: فوّت «الكردستاني» على نفسه فرصة ذهبيّة، عقب انتخابات حزيران. إذ كان بإمكانه الدخول في ائتلاف حكومي مع حزب أردوغان، حين كان الأخير ضعيفاً، ويمكن فرض بعض الشروط الكرديّة عليه. ولكن «الكردستاني» وكي يرضي «شرذمة» من الشخصيات والجماعات اليساريّة التركيّة المتحالفة معه، رفض الدخول في أيّة حكومة ائتلافيّة مع «العدالة والتنمية» فور إعلان نتائج انتخابات حزيران. ولو وافق على الحكومة الائتلافيّة، لكان «الكردستاني» الآن يقود تركيا، بالشراكة مع «العدالة والتنمية».
رابعاً: خارجيّاً، سعى «الكردستاني» إلى استفزاز الحكومة التركيّة، داخل الأراضي السوريّة إلى الحدود القصوى، عبر التنسيق مع نظام الأسد. وكان آخر هذه الاستفزازات، إعلان منطقة «تل أبيض»، كانتوناً، وضمها إلى «كوباني» الخاضعة لسيطرته عبر فرعه السوري (حزب الاتحاد الديموقراطي). هذا الإعلان، كان بمثابة هديّة قدّمها «الكردستاني» على طبق من ذهب لأردوغان، كي يلعب على وتر الأمن القومي التركي والمخاوف التركيّة من قيام كيان كردي على الحدود الجنوبيّة.
وقد نجح «العدالة التنمية» في استنهاض الشعور القومي، إلى درجة كسبه الكثير من أصوات ومقاعد حزب «الحركة القوميّة» التركي المتطرّف. وكان بإمكان «الكردستاني» تأجيل إعلان «تل أبيض» كانتوناً، لما بعد انتخابات 1 تشرين الثاني (نوفمبر)، لئلا يصبح ذلك مادّة للدعاية الانتخابية لحزب أردوغان.
خامساً: أيضاً خارجيّاً، انزلق «الكردستاني» نحو التناقضات والمماحكات بين أنقرة من جهة وواشنطن وموسكو وطهران من جهة أخرى. بحيث استفاد «العدالة والتنمية» من ذلك، كي يظهر «الكردستاني» على أنه «عميل» للخارج و»متآمر» على الدولة. ذلك أن «الكردستاني» ربما توّهم أنه وصل إلى درجة «الحليف» لواشنطن وموسكو، وصار يوحي بالاستقواء على أنقرة بهاتين العاصمتين.
قصارى القول: صحيح أن «العدالة والتنمية» استخدم كل مؤسسات الدولة الأمنيّة والاقتصاديّة والإعلاميّة في خدمة حملته الانتخابيّة. وصحيح أنه مارس العنف وإرهاب الدول ضد الكرد، ودعم «داعش» واستثمر الدين، كعادته، في هذه الانتخابات. ولكن صحيحٌ أيضاً أن الكردستاني، بأخطائه وتصرّفاته الرعناء، وعدم قراءته الصحيحة لنتائج الانتخابات السابقة، تحول بمثابة «الحليف الخفي» لحزب أردوغان. واعتقد أن إبقاء «الشعوب الديموقراطي» في البرلمان، يمكن تفسيره أنه بمثابة «شعرة أردوغان» التي لا يريد الأخير قطعها مع «الكردستاني».
وكان بإمكان أردوغان توتير الأوضاع، وتسميم المناخات في المناطق الكرديّة أكثر، بحيث يحرم المواطن الكردي من الإدلاء بصوته نهائيّاً. وما كان أحد ليحاسب أردوغان على ذلك، لا في داخل تركيا أو خارجها. بمعنى لو أراد أردوغان حرمان الكرد من التواجد داخل البرلمان، كما كانت تفعل الحكومات التركيّة السابقة، في حقبة التسعينات، لفعل. أعتقد أن أردوغان يريد اللعب بالورقة الكرديّة، في مواجهة المعارضة وعلى الصعيد الإقليمي أيضاً. من جهة أخرى، لا يمكن إغفال مسألة أن حال حزب «الشعوب الديموقراطي» هو كحال الأحزاب التركيّة في حقبة الثمانينات والتسعينات، حين كان الجيش يتحكّم بتلك الأحزاب. فالقادة الحقيقيون ل»الشعوب الديموقراطي» هم العسكر الكرد في جبال قنديل. بخلاف «العدالة والتنمية» الذي صار يقود العسكر التركي.
وعليه، قيادة «الكردستاني» العسكريّة لا تترك هامش المبادرة الحرة ل»الشعوب الديموقراطي»، تماماً كما كان يفعل الجيش التركي مع الأحزاب والحكومات التركيّة السابقة. والسؤال هنا: إلى متى سيبقى «الشعوب الديموقراطي» على هذه الحال من التبعية والطاعة العمياء لقيادة «الكردستاني»؟. وهل سيكرر الأخير أخطاء مع بعد انتخابات حزيران الماضي؟ أم أنه سيحافظ على ما حصل عليه في 1/11/2015، وهو المتبقي من المكاسب السياسيّة التي حققها في انتخابات حزيران الماضي؟، وهل سيجنح في شكل نهائي إلى صناديق الاقتراع بدلاً من التعويل على صناديق البارود؟
* كاتب كردي سوري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.