اعتبر رئيس مجلس إدارة صندوق التنمية الزراعية المهندس عبدالله بن سليمان الربيعان، أن من أولويات الصندوق في المرحلة المقبلة تطوير سلاسل الإمداد للقطاع الزراعي المتمثلة في «التوزيع والتسويق والتخزين والمناولة»، خصوصاً أن هناك هدراً كبيراً في المنتجات الزراعية، والدليل على ذلك أن سوق عتيقة في الرياض تهدر يومياً 40 طناً من الخضار والفاكهة، «ما جعلنا نسعى إلى وضع استراتيجية محددة للحد من هذا الهدر، من خلال توفير العرض وفق حجم الطلب، ومن خلال آلية تحفظ هذا المنتج لمدة طويلة». وقال الربيعان في حوار مع «الحياة»: «إن فكرة إنشاء شركة للتسويق الزراعي هي أحد الخيارات المطروحة، خصوصاً أن هناك تجربة سابقة لم تفشل، ولكن كانت هناك عقبات أمامها، وكان من الممكن حلها، ولكن الصندوق حالياً لديه القدرة على دعم مثل ذلك التوجّه وتشخيص عقبات التسويق وتحديد الطريقة المناسبة لذلك سواء من خلال إنشاء شركات أو شركة واحدة». وأشار إلى أن هناك لائحة جديدة لإقراض الجمعيات الزراعية، تتميز بمرونة جيدة، مشيراً إلى أن عملها ما زال تقليدياً، ولا يتواءم مع الوقت الحاضر، ما يتطلب تطوير عملها التعاوني في ظل تحوّل مثل تلك الجمعيات في مختلف أنحاء العالم إلى شركات ناجحة بشكل كبير. وأكد استمرار الصندوق في إقراض المشاريع الزراعية والحيوانية، «ووضعنا رؤية للصندوق بما يخدم القطاع الزراعي، وبما يسهم في الحد من هدر المياه، والإقراض سيكون من خلال التزام المشروع بشروط محددة، من أهمها المياه وترشيدها، وأن يسهم في الأمن الغذائي في المملكة ويكون ذا اقتصادات جيدة». وأوضح أن الصندوق سيطلق عدداً من المبادرات ضمن استراتيجيته الجديدة لتطوير القطاع الزراعي، منها مبادرة لإنشاء مركز المعلومات الزراعية لمعالجة كثير من العقبات التي تعترض العمل في هذا القطاع، ومبادرة التسويق الزراعي، التي تهدف إلى خلق كيانات أو كيان لتولي تسويق الخضار والفاكهة وتقليل الفاقد منها. وتطرق الربيعان في حواره إلى عدد من المواضيع.. فإلى نص الحوار: ما أهم التحديات التي تواجه القطاع الزراعي؟ - أهم التحديات تحقيق الأمن المائي وموضوع القمح والأعلاف الخضراء، والتحدي الثاني هو تطوير سلاسل الإمداد «التوزيع والتسويق والتخزين والمناولة»، بحيث يكون المنتج سليماً وصحياً تتم مناولته بطريقة صحيحة، خصوصاً أننا نعيش في بلد حار ولا يمكن الاستمرار بالعمل على الطريقة الحالية، والتحدي الثالث هو المعلومات التي يجب توفيرها لأغراض التسويق والمناولة، وغير ذلك بحيث يجب توفير المعلومات وإيجاد بدائل للأعلاف الخضراء. ما أهداف الصندوق الزراعي خلال المرحلة المقبلة؟ - هدف الصندوق هو تطوير البنك الزراعي لاستيعاب المتغيرات التي يمر بها القطاع الزراعي، إضافة إلى أنه سيستمر في برنامج الإقراض للمشاريع الزراعية، وسيكون دوره التركيز على تحسين قطاع المناولة والتوزيع في القطاع الزراعي «سلاسل الإمداد للمنتجات الزراعية»، ورفع كفاءة القطاع سواء الثروة الحيوانية أو النباتية بحسب كل قطاع ومنتجاته، وتم البدء في إطلاق مبادرات جديدة واستراتيجية في هذا المجال. ما الخطط الجديدة للصندوق، خصوصاً أن هناك توجهاً لإنشاء شركات تعمل من خلاله؟ - بدأ الصندوق في وضع خطة استراتيجية جديدة، وسيتم تحقيق ذلك من خلال البحث عن نقاط الضعف والتعامل معها، بحكم أن الصندوق زراعي ويهدف إلى تنمية القطاع الزراعي، ولعب دوراً في معالجة وتحسين وتطوير ذلك القطاع، وبدأنا بموضوعين مهمين، هما وضع الصندوق من الداخل، إذ نحاول تحسين أدائه من خلال تطوير العاملين ومراجعة الأنظمة واللوائح وغير ذلك، ووضع برنامج للرفع من أداء الصندوق، والموضوع الثاني هو الاهتمام بالقطاع الزراعي بالكامل، إذ تم التركيز على عدد من المبادرات والمواضيع لتحسينه بحسب الأهمية والأولوية، إضافة إلى بعض البرامج التي تهدف إلى تطوير عملية التمويل. وتركز المبادرة الأولى على إنشاء مركز المعلومات الزراعية لمعالجة كثير من العقبات التي تعترض العمل في هذا القطاع، والثانية هي مبادرة التسويق الزراعي، وتهدف إلى خلق كيانات أو كيان لتولي تسويق الخضار والفاكهة وتقليل الفاقد منها وتحسين المناولة، ويبقى اهتمام المزارع بالزراعة فقط، وسيتم ذلك من خلال توجيه المزارعين إلى أفضل السبل وليس فرض نمط أو كيان معين، إذ سيتم تشكيل فريق من الصندوق ووزارة الزراعة والقطاع الخاص والمتخصصين، يكون دوره توجيهياً. والمبادرة الثالثة تتركز على قطاع التمور وتسويقه، إذ نحن بحاجة إلى مناولة ذلك المنتج بشكل صحيح وكذلك تصديره، إذ تكون هناك جهة تقوم على تصديره، أما الرابعة فتركز على تطوير وإكثار قطاع الماشية، إذ إن هذا القطاع يعاني من ضعف كبير على رغم أنه يستهلك من الدعم أكثر مما ينتجه، ف 80 في المئة من الدعم المقدم من الصندوق يتجه إلى قطاع الماشية، ومع ذلك فإن أداءها متواضع بشكل كبير، ولذلك نأمل بأن يتقلص هذا الدعم نتيجة تحسن أداء هذا القطاع، إضافة إلى أننا نهدف من خلال دعم الصندوق إلى تحسين الوضع الاقتصادي لقاطني البادية الذين يعملون في قطاع الماشية، وكذلك معرفة جوانب الضعف في هذا الجانب، إضافة إلى أن تربية الماشية مكلفة جداً وتستهلك 70 في المئة من حجم الأعلاف الموجودة ومردودها محدود، وبذلك نسعى إلى الرفع من تحسين الإنتاج والتوالد، بخاصة أن مرحلة التسمين أكثر مردوداً من غيرها. والصندوق يدعم أي مشروع للماشية سواء من شركات أو أفراد، ولكن موضوع تحسين الأغنام المحلية يحتاج إلى وقت وبحث ودعم مالي كبير، ولذلك نركز على أن تقوم تلك الجهات بالدور المطلوب. ويرجع ضعف قطاع الماشية إلى العمل بطريقة تقليدية، فالأعلاف تم تحسينها، إذ إن استراتيجية الأعلاف ستعمل على حل مشكلة التغذية للماشية، خصوصاً أن الشعير ليس علفاً كاملاً، في حين توجد قناعة لدى مربي الماشية في البادية بأن الشعير هو العلف المناسب، وهذا التغيير يحتاج إلى وقت طويل. وهناك جانب آخر هو التحسين الوراثي والأغنام المنتجة، إضافة إلى عدم تحسين النسل أو الصنف من الأغنام، وكذلك موضوع التكاثر الذي لا يتجاوز معدله واحداً، والمفروض ألا يقل عن 1,5 إلى 2، ويجب أن نستفيد من تجربة قطاع الألبان والدواجن إلى حد ما. والمبادرة الخامسة تركز على تسويق ومناولة الأسماك، إذ نخطط مع منتجي ومستزرعي الأسماك إلى أن يكون هناك كيان يقوم على التسويق سواء في الداخل أو التصدير، والمبادرة السادسة هي التأمين التعاوني بهدف الحد من الأمراض والمخاطرة والأمن الحيوي في قطاع الدواجن، وهذا سيحسن من أداء هذا القطاع. هل سيستمر الصندوق بصيغته الجديدة في إقراض المشاريع الزراعية والحيوانية؟ - سنستمر في عملية الإقراض، وسنتوسع في هذا المجال، وقد وضعنا رؤية للصندوق بما يخدم القطاع الزراعي، وبما يسهم في الحد من هدر المياه وترشيد استخدام المياه بالحد من زراعة القمح والأعلاف، أما المحاصيل الأخرى مثل النخيل والخضار فسنعمل على تقليل استهلاكها للمياه إلى أقل من 50 في المئة، من خلال برنامج دعم أساليب الري الحديثة والمخطط لها ثلاث سنوات لتحقيقها. أما إقراض المشاريع فسيكون من خلال الالتزام بشروط محددة، من أهمها المياه وترشيدها، وأن يسهم في الأمن الغذائي في المملكة ويكون ذا اقتصادات جيدة، وكذلك دعم الأفكار الجديدة التي تسهم في تطوير ودعم القطاع الزراعي، ولذلك لا يوجد إشكال في عملية التمويل ولكن نحتاج إلى فكرة للمشروع. ماذا عن القروض المتعثرة على المزارعين، وكيف سيتم تحصيلها؟ - الصندوق يعمل حالياً على مراجعة أنظمته ولوائحه، وموضوع التحصيل ومراجعة المشاريع التي قد تقابل بعوائق هناك توجه لحلها، وتمت مناقشتها قبل فترة، وسنتوصل إلى حلول مرضية لذلك. ولكن لا ننسى أن مبادراتنا السابقة سترفع من كفاءة القطاع الزراعي، وبالتالي ستمكن القطاعات المتعثرة في التسديد بحيث يكون لديها إيرادات جيدة تسهم في تسديد ديونها، إضافة إلى أن لدينا أدوات جديدة ستسهم في الحد من المديونيات المتراكمة على بعض المزارعين. وتبلغ نسبة التحصيل من تلك المديونيات أكثر من 70 في المئة، ولكن التغيرات الجديدة في القطاع الزراعي ستسهم في تأخر التسديد، ولكن لدينا آليات ستمكننا من التعامل معها. وزراعة القمح ليست نهاية المطاف للمزارعين الذين عليهم مديونيات، بل هناك بدائل سيتم طرحها، وهناك برامج جديدة للمساحات التي تتم زراعتها بحيث يتم التركيز على كمية الإنتاج ومدى تسويقها ونوعية المنتج بدلاً من الاعتماد على الزراعة غير المدروسة وبمساحات كبيرة، بحيث نركز على أن يكون لكل مزارع منتج واحد أو اثنان يضمن من خلالها عملية التسويق لهذا المنتج بشكل جيد، والمزارع مدرك للمشكلات التي يعاني منها، والدليل قطاع الدواجن الذي أثبت نجاحه من خلال التخطيط الجيد والسليم، إضافة إلى أن من خطط الصندوق توعية المزارع من خلال برامج معينة للحد من الهدر في المنتجات. إيقاف زراعة القمح جعل المزارعين يتجهون إلى الأعلاف، ما أثر ذلك في المياه؟ - المزارعون الذين تحولوا من زراعة القمح إلى الأعلاف لا تتجاوز نسبتهم 10 في المئة، ولكن خطة الأعلاف الجديدة ستجعل من الأعلاف غير مجدية اقتصادياً ولذلك ستتوقف، وهناك مزارعون بدأوا في إدراك ذلك في ظل دعم البدائل الأخرى غير الأعلاف الخضراء التي تعتبر أغلى وأكثر كلفة، إذ إن الطن منها قيمته ألف ريال. كيف سيتم حل مشكلة المعدات والآلات وغيرها التي يمتلكها المزارعون لزراعة القمح وعليها قروض؟ - مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله للزراعة الخارجية نأمل أن تكون الحل باستغلال تلك المعدات في المشاريع الخارجية، ويستفاد منها ومن تجربة المزارعين في مشاريعهم، بحيث يتم نقلها لمشاريعهم الخارجية، وبذلك يستطيع هؤلاء المزارعون تسديد القروض التي عليهم. ما هي خططكم للتسويق الزراعي عقب فشل إنشاء شركة التسويق الزراعي قبل سنوات؟ - إنشاء الشركة في ذلك الوقت لم يفشل، ولكن كانت هناك عقبات أمامها كان من الممكن حلها، والصندوق لديه القدرة على دعم مثل ذلك التوجه، ولذلك فإن الفريق القائم على مبادرة التسويق سيشخص عقبات التسويق، ويحدد الطريقة المناسبة لحل ذلك، سواء من خلال إنشاء شركات أو شركة، وهذا بحسب ما يراه مناسباً، خصوصاً أننا نؤكد على المحافظ على مصلحتي المستثمر والمستهلك. ولا ننسى أن هناك هدراً كبيراً في المنتجات الزراعية، والدليل على ذلك أن سوق عتيقة في الرياض تهدر يومياً 40 طناً من الخضار والفاكهة، إضافة إلى أن العمر الزمني للمنتج المحلي محدود، ما يسهم في إهدار هذا المنتج خلال ساعات، ونسعى إلى وضع استراتيجية محددة للحد من هذا الهدر، من خلال توفير العرض وفق حجم الطلب ووفق آلية تحفظ هذا المنتج لمدة طويلة. ما دور الجمعيات الزراعية في التسويق الزراعي؟ - لدينا إدارة خاصة بالجمعيات الزراعية هدفها توعية الناس بالعمل التعاوني وحل مشكلات الجمعيات، ومن المتوقع زيادة عددها، وسيتم دعمها بشكل كبير، خصوصاً في ظل صدور النظام الجديد لها. وهناك لائحة جديدة لإقراض الجمعيات وفيها مرونة جيدة، ولن تكون هناك عقبات على رغم أن عمل الجمعيات ما زال تقليدياً، ولا يتواءم مع الوقت الحاضر، ونحن بحاجة إلى تطوير عمل تلك الجمعيات وعملها التعاوني، في ظل التحول الذي تشهده مثل تلك الجمعيات في مختلف أنحاء العالم وتحولها إلى شركات ناجحة، وبالتأكيد عندما تمارس هذه الجمعيات عملها بشكل مؤسساتي، فإنها ستسهم في الحد من هدر المنتجات. وقمنا بإقراض جمعيات زراعية مبالغ كبيرة وأثبتت نجاحها، ولكن ما زالت هناك نسبة كبيرة من تلك الجمعيات تعمل بالنظام التقليدي ولم تثبت نجاحها. هل تدعمون توجه جذب التقنية المتقدمة في القطاع الزراعي من خلال رؤوس الأموال الأجنبية؟ - المبادرات المذكورة ستكون إحدى الأدوات لنقل التقنية للقطاع الزراعي، وأي كيان محلي يريد أن يشارك مع مستثمر أجنبي لديه تقنيات متقدمة فسندعمه، إضافة إلى أن الصندوق تبنى استخدام التقنيات الزراعية، وسنكون داعمين ومقرضين ومساهمين في كلفة نقل التقنية، ما يسهم في تطور القطاع الزراعي، وسنشدد على ذلك التوجه وندعمه من خلال برامجنا. كيف تنظرون إلى الاستثمار الزراعي الخارجي وتكامله مع خطط وبرامج الصندوق؟ - خطة الدولة في الاستثمار الزراعي الخارجي تسير وفق خطة تكاملية مع خطط الصندوق، ولكن نحن في الصندوق نركز على المحاصيل المطلوبة يومياً وتكون طازجة وتتطلب مياهاً محدودة، ويتم ترشيد المياه فيها بحيث تكون محاصيل ذات مردود وقيمة عالية، ولذا فليست لنا علاقة ببرنامج الزراعة في الخارج، فنحن نركز على الداخل فقط بالتنسيق مع وزارة الزراعة. متى يتم تطبيق خطط وبرامج الصندوق؟ - نحن نعمل حالياً على طرح المبادرات ونعمل على إعداد الفرق، وأتوقع أن تسهم تلك المبادرات في تطوير أفكار المتخصصين في القطاع الزراعي في المملكة، ونأمل أن نبدأ تطبيقها خلال العام الحالي، خصوصاً أن بعض المبادرات تم البدء فيها. كيف تقوّمون علاقتكم بالشركات الزراعية القائمة ومدى دعمها وإقراضها؟ - نسعى لتطوير تلك الشركات، ونقدم لها القروض التي تحتاجها بما يسهم في تحقيق استراتيجية ورؤية الصندوق.
