إعلان العراق، الأسبوع الماضي أنه سيبدأ الحفر لاستخراج النفط من منطقة الصفوان، إلى الجانب العراقي من الحدود الكويتية - العراقية، أثار مخاوف من حصول أزمة نفط بين الكويت والعراق. حقيقة الأمر أن الحفر والبحث واستخراج النفط داخل الأراضي العراقية، أمر عراقي بحت، يجب ألا يؤثر مطلقاً على العلاقات الكويتية – العراقية، بخاصة أن هناك مشاورات بين الطرفين منذ أكثر من 4 سنوات لتأليف فريق عمل مشترك يبحث أمور النفط المتعلقة بالحقول الحدودية المشتركة. ولدى العراق أكثر من أربع مناطق نفط حدودية مشتركة مع كل من الكويت، إيران، السعودية وسورية ومنطقة غاز مع سورية. وأعتقد أن الأكثر تعقيداً هو حقل مجنون العملاق داخل الأراضي العراقية، إلا أن إيران حفرت أكثر من 20 حقلاً ما يؤدي إلى تعقيد الأمور. وللكويت حقول مشتركة مع المملكة العربية السعودية في منطقتي الخفجي والوفرة، وبين الطرفين مشاركة واتفاقية تنظم العلاقة وحقوق الطرفين بالتساوي وتحديد الكميات والنفقات وتطوير الحقول المشتركة وزيادة إنتاجها ومحاولة تطويل أعمار هذه الحقول إلى أبعد مدة ممكنة. ويوجد الحقل الغازي المشترك بين كل من قطر وإيران وهو حقل الشمال، من أكبر حقول الغاز في العالم. وتشكل بين الطرفين فريق عمل يجتمع دورياً ويناقش المواضيع المتعلقة بمعدلات الإنتاج وتطوير المعلومات الثنائية وتحديثها. ولكي يتحول الحقل الحدودي إلى حقل مشترك، يجب أن يتم برضى الطرفين، بعد تشكيل فريق عمل مشترك، وتبادل جميع المعلومات الفنية والتقنية بخاصة الدراسات الجيولجية لمعرفة أصول ومكونات الطبقات البترولية ومن ثم معرفة جذور وأصول هذه الحقول، والاستعانة بإحدى شركات النفط المتخصصة لتكون طرفاً محايداً لتعريف الكميات وتحديد نسبة كل طرف من الكميات والإنتاج اعتماداً على الموجودات من الاحتياطات والكميات على حدود كل طرف وما تحت سطح الأرض. وأفضل مثال لعمليات النفط العالمية وحقولها المشتركة حقول بحر الشمال بين النروج وبريطانيا واسكتلندا، ووجود أكثر من 5 شركات عالمية استطاعت زيادة الإنتاج وإطالة العمر الافتراضي للحقل أكثر من 10 سنوات. والحقل الحدودي بين الكويت والعراق امتداد لحقل الرميلة، من أكبر حقول العراق حتى الآن، وينتج نحو 1.3 مليون برميل في اليوم، ويمتد داخل الأراضي الكويتية ويسمي حقل الرتقة حيث يصل معدل إنتاجه إلى نحو 40 ألف برميل في اليوم. وكانت الكويت أول من طالبت بإنشاء فريق عمل منذ أكثر من 4 سنوات لتنظيم الأمور المتعلقة بحقول النفط الحدودية وترتيبها مع العراق، بخاصة مع مشروع تطوير حقول الشمال وأغلب الظن أنها مسألة وقت قبل أن تبدأ الفرق بالعمل معها ومع دول النفط الحدودية الأخرى لأن من صالح جميع الأطراف المشتركة، تطوير هذه الحقول بأحدث أساليب أو تقنيات للحفاظ على الثروات الطبيعية أطول مدة. المرحلة الحالية تتطلب تضافر جهود الجميع لوضع اتفاقات مشتركة لتطوير الثروات الطبيعية والاستفادة المالية القصوى ونتمنى أن نكون اجتزنا مرحلة التشنجات والأزمات السياسية، وبدأنا فعلاً مرحلة العمل الاقتصادي للمصلحة المشتركة بين البلدين والدول المجاورة الأخرى. * كاتب ومحلل نفطي.