الاتحاد يفتح باب الترشح لرئاسة وعضوية مجلس إدارته للدورة الجديدة    وزير الخارجية الإيراني: لن نتخلى عن تخصيب اليورانيوم    أمريكا تستهدف الحوثيين بعقوبات جديدة    المنتخبات السعودية الجامعية تواصل مشاركتها في الألعاب العالمية بألمانيا    القبض على يمني في جازان لتهريبه (140) كجم "قات"    وزارة الاستثمار: عقد منتدى استثمار سعودي - سوري في دمشق    ضبط صيني لممارسته الصيد البحري دون تصريح واستخدامه أدوات محظورة    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى (10843.20) نقطة    الأمير محمد بن عبدالعزيز يستقبل رئيس ووكلاء جامعة جازان    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة العيدابي ويطّلعان على مشروعاتها التنموية    عملية نادرة في مستشفى الملك سلمان تعيد النور لمريضة تجاوزت 111 عامًا    أمير حائل يستقبل استشاري تبرع بجزء من كبده لطفلة مريضة    أمير القصيم يدشّن مشاريع بلدية بمحافظة البكيرية ب 140 مليون ريالا    فيصل بن مشعل يرعى توقيع اتفاقية دعم "أهالي البكيرية الوقفية" لبرنامج المدينة الصحية    جامعة الأمير محمد بن فهد تُنجز المرحلة الأولى من مشروع الطاقة الشمسية    الخارجية الفلسطينية تُطالب المجتمع الدولي بإجراءات فورية لوقف حرب الإبادة في غزة    مطار أبها يعتمد إجراءات جديدة لشحن السمن والعسل    البيئة تعلن تمديد مهلة الحصول على رخص استخدام مياه الآبار لمدة عام    السعودية ترحب بمطالبة دولية لإنهاء حرب غزة    تقارير.. الأهلي يرفض التواجد في السوبر    أكثر من 7 آلاف طفلٍ استفادوا من مركز ضيافة الأطفال في المسجد النبوي    'الحياة الفطرية' توضح حقيقة ظهور قرود البابون في الرياض    الشؤون الإسلامية في جازان تشارك في اليوم العالمي للعلاقات العامة 2025 م        جامعة جازان تُطلق برامج جامعية قصيرة ضمن مبادرات برنامج تنمية القدرات البشرية    الجمعية للثقافة والفنون بالشمالية تنظم مسرحية 'الراعي' بعرعر يوم الأربعاء    المسرح ورهانات المستقبل".. أمسية ثقافية بجمعية الثقافة والفنون بجدة    حرارة مرتفعة في الرياض والشرقية و رياح على معظم المناطق    أمير نجران يثمّن جهود الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر    أمانة منطقة الباحة تطلق مبادرة "التنشيط السياحي" لتعزيز الحراك السياحي والاقتصادي في صيف 2025    مطل حاتم الطائي في حائل ..دلائل ومكارم    أمير القصيم يدشن مشروعين خيريين في البكيرية بتكلفة 10.5 ملايين ريال    أمير القصيم يزور مقصورة السويلم التراثية في البكيرية    لا علاقة بين يوم الميلاد وشخصية الإنسان    تقنية تحسن عمى الألوان    الوحدة ليست وباء بل تجربة إنسانية    الأمير عبدالعزيز بن سعود يلتقي وزير الدولة لشؤون الأمن بوزارة الداخلية البريطانية ويزور ثكنات ويلينجتون العسكرية    أكدت أن أمانات المناطق ترصد المخالفات.. "البلديات والإسكان": 200 ألف ريال غرامة تقسيم الوحدات السكنية ل»الاستثمار»    بدء التقديم على مقاعد دراسة التمريض في البحرين    انطلاق منافسات بطولة العالم للبلياردو 2025 في جدة    النصر يقلد الهلال    في كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025.. فريق Gen.G Esports الكوري يحصد بطولة League of Legends    دعوا لوقف فوري للحرب.. 25 دولة تستنكر قتل المدنيين الفلسطينيين    10 ملايين زائر للمواقع والفعاليات الثقافية في 2024    فيلم «الشاطر» يتجاوز ال 15 مليون جنيه خلال 4 أيام    المغنية الفرنسية Ghostly Kisses تشدو في موسم جدة    أكاديمية الإعلام السعودية تقيم اللقاء الافتتاحي لمسار "قادة الإعلام"    رئيس باكستان يمنح رئيس أركان القوات البحرية وسام "نيشان الامتياز" العسكري    المفتي يطلع على أعمال جمعية البر    "واتساب" يدخل الإعلانات لحسابات المستخدمين    حذر من مفترق طرق خطير.. المبعوث الأمريكي ينتقد تدخل إسرائيل في سوريا    محامية تعتدي على زملائها ب" الأسنان"    مليون ريال غرامات بحق 8 صيدليات مخالفة    أكد رفع التنفس الاصطناعي خلال 4 أيام.. الربيعة: استقرار حالة التوأم "يارا ولارا" بعد عملية الفصل    «تطوير المدينة» تُنفّذ 16 مبادرة لخدمة ضيوف الرحمن    "السينما.. فن المكان" شعار مؤتمر النقد السينمائي الثالث..    1.9 مليون مصلٍ في روضة المسجد النبوي    أمير جازان يستقبل مدير فرع إدارة المجاهدين بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



... وأزهر الياسمين

في كلِّ مرةٍ كنتَ ترسمُ لي فيها على حافةِ الصمت قلباً ووردةً حمراء، كنتُ أرسمُ لكَ عصفوراً وزهرةَ ياسمين، وكان عصفوري يخربشُ فوق القلب ويبعثر الوردة، فألمحكَ تتشظى... تنشطرُ إلى نصفين، أحدهما يتلاشى مع أوراق الورد المبعثرة، والآخر يغرق في صمت حزين.
لم يكن ما بيننا يشبه ما يكون عادة بين رجل وامرأة، ولا حتى بين امرأة وأخرى، كان شيئاً مختلفاً، شيئاً لا يشبه الاشتياق ولا تفوح منه رائحة العشق فقط ، كأن بين روحينا تواطؤاً غير معلن للاحتواء، هناك شيء في حضورك يأسرني ويطلقني في آن واحد، يبعثرني ويلملمني، يشظيني ويعيدُ تكويني من جديد، كنتَ قطعةً باذخة من روحي المحترقة لا أرغبُ في حشرها في أفق ٍ ضيق ٍ لجسدٍ فان ٍ.. كنتَ فرحاً لا يشبه الفرح.
ذلك الطغيان الذي تملكه بمنتهى اللطف، ذلك الاجتياح الذي لا أملك له رديفاً ، ذلك الألق الذي لم أعرف مثله يوماً، شيء يشبه النقاء، يشبه دموع الأطفال، يشبه الشمس والياسمين، ولا يشبه وردة حمراء، كأنك كنت في ثنايا الروح منذ الأزل، كأنك خلقت وترعرعت هناك، كأنك لم تغادر أبداً.
لكنك كل مرة كنت تصر على أن تقدم لي وردتك الحمراء، وكنت أصر على أن أهديك ياسمينة لترى ذلك البياض الرقيق الذي لا أريده أن يخدش بأي هفوة.
وحدك دون الناس دخلتَ إلى دهاليز الروح وتجولتَ فيها بحرية من يتجول في سكنه في وحدة ليل هادئ، وحدك عرفتَ الغرف المبللة بالفرح، كما مررتَ بأخرى مسربلة بالحزن، وحدك لامستَ الروح، وعانقتَ أدق خلجاتها، فلماذا تصّر على أن تلوثَ شيئاً أسطورياً سرمدياً لا مثيلَ له بشيءٍ يشبه كل الأشياء التي حوله.
عندما جلستَ على شغافِ القلبِ ذات حزن ٍ بحتُ لك بأنني لا أريد أن أكون محطةً تترجل منها عند وصولك إلى أخرى، أريد أن أظلَّ ذلك الوجع القصي في الروح، أخبرتك بأنك لا تشبه الأسماء ولا تحمل الملامح ذاتها التي يمتلكها الكل، لذلك كان علي أن أحتفظ بمشاعرك، ولذلك كان علي أن أحملك على جناحي حلم حتى لا تطأ الأرض فتدفن فيها ذلك الشعور الدافئ، فلا تتكئ على تفصيلٍ صغيرٍ من شأنه أن يجعلكَ تشبهُ كل من حولي، ليس بالضرورة لمن يلامس الجسد أن يقتربَ من الروح، وأظنه حتمياً عليك أن تظل تلك الأسطورة التي تورق في أوردتي، وتزهر على ضفاف وجعي، ستظل زهرة ياسمين رقيقة تنعتق في روحي، لنتحرر معاً من الفناء، من أجسادٍ لا ترتقي لأثير أرواح تعانق خيوط الشمس الدافئة، ولا تسمو لتكون شفيفة كروحك ولا متلألئة كذلك الدفق الهائل الذي يخترقني كلما مررت في بالي.
دع الأجساد للأرض وانعتق نحو السماء، نحو السمو، حيث لا يوجد للخطيئة مكان ولا معنى.
عندما زرعتَ لي الأرض ورداً، زرعتُ لك السماء نجوماً، وخيرتك بين أن ترحل، وبين أن تقتل ورودك كمداً وتنثر الياسمين.
كنت أخشى بيني وبين نفسي أن تختار الرحيل، أحتاج إليك، أتوق لوجودك، وأحتاج إلى ذلك الشعاع الذي أشعلته في حنايا نفسي ولا أريد له أن ينطفئ فأنطفئ معه، ولا أريد أن أستفيق صباحاً لأجد نفسي وحيدةً مرة أخرى.
أكذب إن قلت أن رحيلك صعب، إنه مستحيل ، قاتل، قد يذبحني، أنا التي للمرة الأولى على امتداد العمر أجد رجلاً يفهمني، يبحر في عمقي، يتمايل مع تناقضات جنوني وفزعي وارتيابي، يعزف على أوتار ظمئي، يشعلني ويطفئني في لحظة واحدة، كيف كان لي أن أفقدك وفقدانك قد يمزق شرايين الفرح في قلبي إلى الأبد.
كنت تحاول أن تجرني من يدي إلى تلك الزاوية المحرمة، ومرة تلو الأخرى رحت أشدّك برفق ٍ لتحلق معي حيث النجوم.
أزهر الياسمين في قلبي أخيراً، وشممتُ رائحةَ الحرائق تنبعثُ من جدران قلبك، لكن رائحة الياسمين ما لبثتْ أن تغلبتْ على ذلك الدخان، ولم أع ِ أنك أسلمتني روحك ورحت تبحث لقلبك عن امرأة أخرى، لم أنتبه أنني تربعت أخيراً على عرش الأولياء في قلبك، لكن عرش الحبيبة صار شاغراً بانتظار أخرى، أسعدتني لحظة الانتصار، وساعات اللقاء النقي، والأحاديث الملونة حيناً والبيضاء أحياناً أخرى.
وها أنت اليوم تعيدُ ترتيب وردتك الحمراء لتهديها إليها، في داخلي مأتم لموتِ شيءٍ لا أدرك كنهه تماماً، قد يكون قلبي، قد تكون روحي، وفي عينيّ تنصلتْ دمعة أغلقتُ عليها جفوني جيداً لئلا تراك، اقتربتُ منكَ بهدوءٍ لا يشي بالزوابع التي تجتاحُ كياني، ولا بالفقد الذي راح يحفر سراديب ظلام على حافة الروح، رسمتُ لك على صفحة وجهي ابتسامةً هادئة، وأعطيتك حزمة ياسمين، أغلقتَ عينيكَ على دمعةٍ توشكُ أن تفضحَ عريك، وابتسمتَ بارتباكٍ قائلا ً: ما زالَ ياسمينك الأغلى على قلبي، لكنني لا أستطيع الحياة دون وردة حمراء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.