تحالف رؤى العقارية يطرح مخطط رؤى للبيع في مزاد علني    انخفاض أسعار النفط    "مدن" وهيئة التراث توقّعان اتفاقية تعاون    "مدن" وهيئة التراث توقّعان اتفاقية تعاون لدعم الصناعات الحرفية ضمن مبادرة "منتج حرفيون"    جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية تنظّم حفل اعتماد الدفعة الأولى من الاعتماد البرامجي    سمو الأمير سعود بن طلال يرعى استلام هيئة تطوير الأحساء شهادة ال"ISO"    حرم أمير منطقة الرياض ترعى حفل زفاف 176 من فتيات جمعية "إنسان"    ترمب يؤكد بدء إعادة إعمار غزة قريباً و«إسرائيل» تواصل خروقات وقف النار    المملكة بوصلة الاستقرار العالمي وقطب الدبلوماسية    فيصل بن بندر يطلع على جهود "ترجمة".. ويعزي مدير الأمن العام    مجلس الوزراء: التصعيد في اليمن لا ينسجم مع وعود الإمارات    أمير الباحة يشدد على تعزيز التكامل بين الجهات الحكومية والخدمية    استعراض أهداف "محبة للتنمية الأسرية" أمام سعود بن بندر    أمير المدينة: قياس الأداء ركيزة للارتقاء بالخدمات الحكومية    رحبت بإجراءات التحالف وأدانت تحركات «الانتقالي».. الحكومة اليمنية: مواقف الرياض تاريخية ومحورية لحماية المدنيين    رغم استمرار الخلافات حول خطوات اتفاق غزة.. تل أبيب لا تمانع من الانتقال ل«المرحلة الثانية»    "السنغال والكونغو الديمقراطية وبنين" إلى ثمن نهائي أمم أفريقيا    تغلب عليه بهدف وحيد.. ضمك يعمق جراح الأخدود    الأهلي يتغلب على الفيحاء بثنائية    مشيداً بدعم القيادة للمستهدفات الوطنية..الراجحي: 8 مليارات ريال تمويلات بنك التنمية الاجتماعية    تعديل ضريبة المشروبات المحلاة    «وطن 95».. تعزيز جاهزية القطاعات الأمنية    ضبط 594 كلجم أسماكاً فاسدة بعسير    مجلس الوزراء: المملكة لن تتردد في اتخاذ الخطوات والإجراءات اللازمة لمواجهة أي مساس أو تهديد لأمنها    والد الفريق محمد البسامي إلى رحمة الله    استمرار النمو بمختلف القطاعات.. 2.9 تريليون ريال إيرادات الأنشطة الصناعية    أكدت أن تحركات أبو ظبي لا تنسجم مع أسس «التحالف».. «الخارجية»: أمن السعودية خط أحمر.. وخطوات الإمارات باليمن بالغة الخطورة    مشاركة 25 فناناً في ملتقى طويق للنحت    رياض الخولي بوجهين في رمضان    التوازن والغياب!    فلما اشتد ساعده رماني    باحثون يطورون نموذجاً للتنبؤ بشيخوخة الأعضاء    مسحوق ثوري يوقف النزيف الحاد في ثانية    الميزة الفنية للاتحاد    الاتحاد وانتصارات الدوري والنخبة    متحدث التحالف: سفينتا الإمارات كانتا تحملان 80 عربة وأسلحة وذخائر    إذاعة القرآن.. نصف قرن من بث الطمأنينة    «مساء الحِجر».. تاريخ العُلا    «جدة التاريخية».. وجهة سياحية جاذبة    تعرف على مستجدات لائحة تقويم الطالب وأدلتها التنظيمية    المملكة تضخ مليونًا و401 ألف لتر ماء بمحافظة الحديدة خلال أسبوع    خسارة ثقيلة للأهلي أمام المقاولون العرب في كأس رابطة المحترفين المصرية    دعم سعودي للحل السياسي الإمارات تستجيب وتعيد قواتها من اليمن    الاتفاق يوقف سلسلة انتصارات النصر    سر غياب روبن نيفيز عن قائمة الهلال أمام الخلود    محافظ ضمد يزور جمعية دفء لرعاية الأيتام ويشيد بجهودها المتميزة    أمير الرياض يعزي مدير الأمن العام في وفاة والده    جيل الطيبين    حين يغيب الانتماء.. يسقط كل شيء    «الهيئة»أصدرت معايير المستفيد الحقيقي.. تعزيز الحوكمة والشفافية لحماية الأوقاف    ولادة مها عربي جديد بمتنزه القصيم الوطني    رجل الأمن ريان عسيري يروي كواليس الموقف الإنساني في المسجد الحرام    الدردشة مع ال AI تعمق الأوهام والهذيان    انخفاض حرارة الجسم ومخاطره القلبية    القطرات توقف تنظيم الأنف    «ريان».. عين الرعاية وساعد الأمن    دغدغة المشاعر بين النخوة والإنسانية والتمرد    القيادة تعزي رئيس المجلس الرئاسي الليبي في وفاة رئيس الأركان العامة للجيش الليبي ومرافقيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإنصاف فيما وقع في حكم القات من الخلاف رقم (10)
نشر في الداير يوم 14 - 05 - 2012


المقصد الثاني:
الصنف الثاني من العلماء: يرى أن القات من المشتبهات فيعدّه مكروهاً ، ويكاد يحرّمه إلا أنه لا يجرؤ زهداً وخوفاً من الزلة في تحريم ما لم يحرمه الله  ولا رسوله 
ممن يمكن أن يقال إنه من أصحاب هذا القول العلامة شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر الهيثمي المتوفى سنة 974ه :
والحقيقة أن العلماء قد اختلفوا في مذهب ابن حجر الهيثمي في القات ، فمنهم من يرى أنه حرم القات ، لا سيما وأن من حرموا القات إنما يعتمدون غالباً على رسالته: ( تحذير الثقات عن أكل الكفتة والقات).
كما أنه ذكره في الكبيرة السبعين بعد المائة في كتابه: ( الزواجر عن اقتراف الكبائر) في كتاب الأطعمة.
ومن العلماء من يرى أن ابن حجر توقف في حكم القات بسبب تضارب الآراء في تأثيره وضرره ، والظاهر أن هذا الرأي هو الأقرب ؛ لأنه يقول : (( فعند وقوع هذا الاختلاف والتنافي حار الفكر فيه ، وأحجم العقل عن أن يجزم فيه بتحليل أو تحريم ، وغلب على الظن أن سبب ذلك الاختلاف أنه يختلف تأثيره وعدم تأثيره باختلاف الطباع بغلبة أحد الأخلاط والطبائع الأربع عليها ، وأنه لا يمكن التوفيق بين هذه الأخبار... إلا بأن يفرض أنه يؤثر في بعض الأبدان دون بعض ، وإذا فرض صدق هذا الظن ، وأن هذا النبات يختلف باختلاف غلبة بعض الأخلاط فوراء ذلك نظر آخر ، وهو أن ما يختلف كذلك هل النظر فيه إلى عوارضه اللاحقة له فيحرم على من ضرَّه دون من لم يضرّه ، أو إلى ذاته ؟ ، فإن كان مضراً لذاته حرم مطلقاً وإلا لم يحرم مطلقاً...)) (1 ).
ويقول: (( والحاصل أني وإن لم أجزم بتحريمه على الإطلاق لما علمتَ مما قررته ووضَّحته وبيَّنته وبرهنتُ عليه بالأدلة العقلية والنقلية ، لكني أرى أنه لا ينبغي لذي مروءة أو دين ، أو ورع أو زهد ، أو تطلع إلى كمال من الكمالات أن يستعمله ؛ لأنه من الشبهات لاحتماله الحل والحرمة على السواء ، أو مع قرينة أو قرائن تدل لأحدهما ، وما كان كذلك فهو مشتبه أي اشتباه ، فيكون من الشبهات التي يتأكد اجتنابها... إلى أن قال: وإذا تقررت لك هذه الأحاديث وعلمت أن غاية أمر هذه الشجرة أنها من المشتبهات تعيَّن عليك إن كنت من الثقات والمتقين أن تجتنبها كلها وأن تكف عنها ، فإنه لا يتعاطى المشتبهات إلا مَنْ لم يتحقق بحقيقة التقوى ، ولا تمسك من الكمالات بالنصيب الأقوى... فالصواب ترك أكلها دائماً... ودرء المفاسد أولى من جلب المصالح كما أطبق عليه أئمتنا رحمهم الله تعالى...)) (2 ).
وقد قال عنه العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ: ((... وقد اسقصى صفات القات ، ووصفه بصفات المسكر المضر بالعقل والأديان والأبدان ، وصرّح في بعض عباراته بالمنع والنهي ، والتحذير والتحريم ، وجَبُنَ في موضع آخر عن إطلاق التحريم ، فإما أن يكون ذلك توقفاً منه وتأدباً لعدم وقوفه على نص في ذلك ، أو أنه قوي على القول بالتحريم بعد ذلك )) ( 3).
ومن أصحاب هذا القول أيضاً القاضي أحمد بن عبد الفتاح الحازمي وهو من علماء جازان ، فهو يرى أن القات والدخان من العادات السيئة ويرجح ضرر الدخان ، ولكنه لم يجزم فيهما بالتحريم بل جعلهما من الأمور المشتبهة التي يتوقاها ذو الإيمان فقال من قصيدة له يحث على منع القات:
وما هو ربح القات والقات للقوى***وللنسل والأموال مفن وحاصد
وأدهى وأخزى بل وأنكى بلا مرا***من القات تتن شرّه متزايد
وما القات والدخان إلا بلية *** جنتها على سخف العقول العوائد
وفي قصيدة أخرى حوارية تربو على مائة بيت يقول عن حكم القات والدخان:
فأفرط من يرى التحريم نصّاً ***وفرط من أحل بلا نكيرِ
ومرقى من يُحرم ذاك صعبٌ ***ومهبط من أباح لقعر بيرِ
وعندي الأمر مشتبه وهذا ***نهاية مذهبي ووقوف سيري
وذو الإيمان وقاف لديه***كما معناه جاء به النذير
ويوشك من رعى حول الحمى أن *** يخالطه وذا سوء المصيرِ ( 4)
وكما أن العلامة أحمد بن حجر – رحمه الله تعالى – قد بيَّن وحذَّر بكل صراحة ووضوح من أكل القات ، فقد فعل ذلك القاضي الحازمي ، وأكّد أضرار القات الاجتماعية والاقتصادية والدينية ، فها هو يُصوَِّر حال امرأة حسناء تندب حظها ؛ لأنها ابتليت بزوج مدمن على القات فتشاغل عنها بمضغه وبشرب الشيشة فقال على لسانها :
وقالت بعدما سردت عتاباً *** تلين للطفه صمُّ الصخور
أيهجرني الضجيع بلا نشوز *** ويلهو ويْله دوماً بغيري
لقد غُبِنَ السفيه ونال خُسراً*** أعاض الله غالية المهور
أيعدل نحو خضم القات عني *** كخضم النوق من شجر البرير
ويودعه إلى حين بفِيْهِ *** فينفخ خدّه كجراب كيرِ
ومن دوني العكوف على دفار *** متوجة ببركان السعير
إذا أَوْمَتْ بمبسمها لِلَثْمٍ *** سمعتَ رغاءها مثل البعير
وليس رضابها إلا دُخاناً *** وليس غناؤها غير الزفيرِ
وتخلع تاجها فيهم مراراً *** لترصيع بجمر مستطيرِ
فوا أسفاً أضاعوا ذكر سلمى *** وأحيوا الذكر من قات وبوري
أضاعوا فيه أوقاتاً ومالاً *** وذا سرفٍ غدا في غير خيرِ
وأمراً يقبح التصريح عنه *** وحسب الأذكياء لمح المشير (5 ).
وقال عن أضراره الدينية:
وغالب كلِّ منهمكٍ عليه*** ديانته تكون على شفيرِ
فبعضهم صلاة العصر تمضي *** مراراً عنه وهو بلا شعورِ
ويُحرم من صلاة الفجر بعضٌ *** يكون منامهم وقت السحورِ
بنفسي من يرى هذا حراماً *** ولم ينهض ألا هل من نكيرِ ؟ (6 )
فالمتأمل في أقوال هذا الصنف من العلماء يجدهم يحذرون من القات بكل قوة وصراحة.. بل يجد في كلامهم عبارات التحريم واضحة! بسبب ما يحفُّ بالقات من أضرار وآثار.. ولكنهم يحجمون عن التصريح بالتحريم المطلق خوفاً وخشية من تحريم ما لم يرد فيه نص بتحريمه مع اختلاف الناس في حقيقته وشأنه.
( 1) تحذير الثقات من استعمال القات ضمن كتاب: القات في الأدب اليمني والفقه الإسلامي ، 98- 99.
( 2) المرجع السابق ، 106- 107.
( 3) فتوى في حكم أكل القات للشيخ: محمد بن إبراهيم آل الشيخ ، 13-14.
( 4) الحوار المبين عن أضرار التدخين والتخزين ، 59- 60 ، 63.
( 5) الحور المبين عن أضرار التدخين والتخزين ، 60-61 . والبيت الأخير يشير إلى أن تلك الحسناء تشكو من أن زوجها قد قصَّر في حقها في الاستمتاع المشروع بين الزوجين بسبب انشغاله بمجالس القات والشيشة!! .
( 6) المرجع السابق ، 61-62 .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.