نمو الجولات السياحية ودعم الاقتصاد الوطني    «الحونشي»    حظي عجاجه والحبايب (قراطيس) !    هل بقيت جدوى لشركات العلاقات العامة؟    المسار الموثوق    أبها يتغلب على الخليج بهدفين في دوري روشن    نادي الرياض يتعادل مع 10 لاعبين من النصر    القمر يقترن ب «قلب العقرب» العملاق في سماء رفحاء    الدكتوراه لفيصل آل مثاعي    «الثقافة» و«التعليم» تحتفيان بالإدارات التعليمية بمختلف المناطق    سفارة المملكة في إيرلندا تحتفي بتخرج الطلبة المبتعثين لعام 2024    الاستثمار الثقافي والأندية الأدبية    د. رائد الحارثي: الذكاء الاصطناعي هو الحل للجدولة    "منشآت" تختتم أسبوع التمويل بمناقشة الفرص والحلول التمويلية لروّاد الأعمال    الهلال يتفنن بثلاثية أمام الطائي    تنوع أحيائي    مشروعات عصرية    ماذا بعد طلب «الجنائية» توقيف قادة في إسرائيل وحماس؟    مجدٌ يعانق النجوم    ثانوية السروات تحتفي بتخريج الدفعة الأولى من نظام المسارات    يونايتد المتعثر يقف أمام سيتي الطامح لكتابة المزيد من التاريخ    نزاهة: حادثة التسمم الغذائي بأحد مطاعم الرياض لن تمضي دون محاسبة    الراجحي يتحدى مرتفعات «باها اليونان» في كأس العالم    إثراء يختتم قمة الاتزان الرقمي "سينك" بنسختها الثانية    فيصل بن خالد يرأس اجتماع الجهات الأمنية والخدمية المشاركة في منفذ جديدة عرعر    فيلم "نورة"يعرض رسميا في مهرجان كان السينمائي 2024    فرع وزارة الشؤون الإسلامية بالمنطقة الشرقية يكرم موظف سوداني    انطلاق الهايكنج في الحريق    موعد احتفال الهلال بلقب دوري روشن    مستشفى أبها للولادة والأطفال يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للربو"    مستشفى الحرجة يُنظّم فعالية "التوعية عن ارتفاع ضغط الدم"    عرض ضخم من الهلال لجوهرة البرتغال    وزير الخارجية يستقبل وزير خارجية النمسا    القبض على وافد بتأشيرة زيارة لترويجه حملات حج وهمية ومضللة    علامة HONOR تكشف عن بنية الذكاء الاصطناعي المكونة من 4 مستويات وتمضي قدماً مع Google Cloud من أجل مزيد من تجارب الذكاء الاصطناعي في VivaTech 2024    الداخلية: دخول مكة والبقاء فيها ممنوعان للزائرين    دفعة جديدة من العسكريين إلى ميادين الشرف    السعودية تدعم عمليات الإنزال الجوي الأردني لإغاثة الفلسطينيين في غزة عبر مركز الملك سلمان للإغاثة    السعودية تفوز بعضوية مجلس منتدى النقل الدولي ITF    إصدار 54 ترخيصاً صناعياً جديداً خلال مارس 2024    أمير حائل يشكر جامعة الأمير محمد بن فهد    رفع كسوة الكعبة المشرَّفة للحفاظ على نظافتها وسلامتها.. وفق خطة موسم الحج    أدبي الطائف يقيم الأمسية السودانية ضمن لياليه العربية    تمكين المرأة.. وهِمة طويق    برعاية وزير الداخلية.. تخريج 142 مجندة من الدورة التأهيلية    جنة الأطفال منازلهم    الخريجي يقدم العزاء بمقر سفارة إيران    معرض «لا حج بلا تصريح» بالمدينة المنورة    دشن هوية «سلامة» المطورة وخدمات إلكترونية.. الأمير عبدالعزيز بن سعود يتفقد سير العمل في الدفاع المدني    الكاتب العقيلي يحتفل بتخرج إبنه محمد    الاستعداد النفسي أولى الخطوات.. روحانية رحلة الحج تبعد هموم الحياة    توريد 300 طن زمزم يومياً للمسجد النبوي    الأمير سعود بن مشعل ترأس الاجتماع.. «الحج المركزية» تستعرض الخطط التشغيلية    آل مجرشي وآل البركاتي يزفون فيصل لعش الزوجية    مغني راب أمريكي ينهي حياته في بث مباشر    "أبرار" تروي تحديات تجربتها ومشوار الكتابة الأدبية    استشاري: حج الحوامل يتوقف على قرار الطبيب    جناح الذبابة يعالج عيوب خلقية بشرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليهودي النازي
نشر في البلاد يوم 05 - 09 - 2010

أُثير مؤخرا موضوع معاداة السامية، ويتعامل الكثيرون مع هذا المصطلح وكأنه مصطلح واضح محدد المعالم، ولكن الأمر عكس ذلك تماما. والمصطلح ترجمة شائعة للمصطلح الإنجليزي أنتي سيميتزم anti-Semitism، ونحن نفضل استخدام عبارة معاداة اليهود للإشارة إلى هذه الظاهرة، فهي ترجمة للمفهوم الكامن وراء العبارة الإنجليزية. وهذا المصطلح يضرب بجذوره في الفكر العنصري الغربي الذي كان يرمي إلى التمييز الحاد بين الحضارات والأعراق، فميَّز في بداية الأمر بين الآريين والساميين على أساس لغوي، وانتهى به الأمر إلى الحديث عن تفوُّق الآريين على الساميين، أي اليهود، هذا العنصر الآسيوي المغروس في وسط أوربا، كما دار الحديث عن خطر الروح السامية على المجتمعات الآرية. وشاع المصطلح منذ ذلك الوقت وقام الدارسون العرب باستيراده وترجمته كما فعلوا مع كم هائل من المصطلحات الأخرى.
اختلاط المفاهيم لصالح إسرائيل
وقد اختلط المجال الدلالي للمصطلح تماما في اللغات الأوربية بعد ظهور الصهيونية، خاصة بعد تأثير الخطاب الصهيوني على النشاط الإعلامي الغربي، فاتسع المجال واضطرب ليضم عدة ظواهر لا يربطها رابط حتى أصبح بلا معنى، وأصبح أداة للإرهاب والقمع الفكريين. فلم تَعُد هناك تفرقة بين ظاهرة معاداة اليهود في الدولة الرومانية وظاهرة معاداة اليهود في العصور الوسطى المسيحية، ولم يَعُد هناك تمييز بين معاداة اليهود على أساس عرْقي وبين معاداة اليهود على أساس ديني، وأصبحت معاداة الصهيونية، بل والدولة الصهيونية هي الأخرى، تُصنَّف باعتبارها من ضروب معاداة اليهود. وحينما بينت استطلاعات الرأي أن 59% من المواطنين الأوربيين يرون أن "إسرائيل" هي أكبر تهديد للسلام، اتهموا بمعاداة السامية. وحينما قامت محطة تلفزيون (PBC وهي محطة تعليمية ثقافية تتمتع بحرية واسعة لأنها تمول عن طريق التبرعات، وليس عن طريق الإعلانات) بتغطية أحداث الصراع العربي الإسرائيلي بقدر عال من الموضوعية، اتهمتها الجماعات الصهيونية بمعاداة السامية، وطالبوا أعضاء الجماعة اليهودية بعدم التبرع لها. بل إن الاتهام نفسه وُجه إلى صحيفة النيويورك تايمز المعروفة بتحيزها للصهاينة عندما نشرت تقارير صحفية وصفية لما يحدث في فلسطين المحتلة على يد القوات الإسرائيلية. كما وُجه الاتهام إلى شركة أمازون عندما أدرجت كتاب بروتوكولات حكماء صهيون ضمن الكتب التي تقوم بتسويقها. وبالمثل، يُساق الاتهام إلى كل من يشكك في المحرقة الألمانية النازية ليهود ألمانيا، أو يشكك في عدد الضحايا، بل وصدرت قوانين في بعض البلاد الغربية الديمقراطية تجرم مثل هذا البحث العلمي ويصل الخطاب الصهيوني إلى قمة سخافته حين يعلن أن نضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني لأراضيه تعبير عن ظاهرة معاداة السامية.
إشكالية الشخصية اليهودية
وقد بلغ الاتهام بمعاداة السامية مبلغه، فتوجد أعمال سينمائية عديدة تتناول الموضوع، من آخرها فيلم بعنوان ماكس عن حياة هتلر قبل أن يصبح زعيما نازيا. ويصور الفيلم هتلر بطريقة سلبية واضحة، فهو في الفيلم فنان فاشل محبط، يحاول أن يغطي فشله وإخفاقه ببيع أعماله الفنية بالانضمام للحركات العنصرية وتحريض الجماهير ضد اليهود بشكل انتهازي غوغائي. ومع هذا، تصدت المنظمات الصهيونية للفيلم واتهمته بأنه يصور هتلر بطريقة إيجابية. وقد شاهدت الفيلم عدة مرات لأبحث عن إجابة للسؤال التالي: لماذا يتصدى الصهاينة لفيلم يصور هتلر بطريقة سلبية، واكتشفت أن الفيلم يحاول تفسير حياة هتلر وانحرافه، والخطاب الصهيوني يحاول أن يضفي نوعا من الفرادة على الظاهرة النازية، بحيث تصبح غير قابلة للتفسير، ومن ثم غير قابلة للنقد ويسهل توظيفها في تحقيق الأهداف الصهيونية. ومن هنا، فإن هذا الفيلم يشكل خطورة على الرؤية الصهيونية. ونحن نذهب إلى أن الغرب حوَّل الإبادة النازية إلى ما يشبه الأيقونة، والأيقونة، بالنسبة للمسيحيين لا تشير إلا إلى ذاتها وهي مصدر المعنى النهائي بالنسبة للمصلي. وقد عُرض فيلم آخر بعنوان المؤمن، وكان عنوانه الأصلي هو اليهودي النازي، ويحكي قصة شخص معاد للسامية يكره اليهود بعمق ويرى أنه يجب قتلهم جميعا. ولكن داني بطل الفيلم ليس مجرد بلطجي عنصري، فهو ذكي وقادر على الإفصاح عن نفسه، حيث يتهم اليهود بأنهم يتحكمون في الإعلام ورأس المال العالمي، ويقوضون التقاليد الأخلاقية من خلال محاولة نشر الشذوذ الجنسي، بل ويحاولون تقويض المجتمع بأسره بالتركيز على قضايا هامشية وتهميش القضايا الأساسية. وهو يشير إلى أن كل المفكرين الذين يحاولون تقويض المجتمع يهود: فرويد وماركس وغيرهما، ولكن المفاجأة الكبرى أن داني هذا يهودي! فقد تخرج في يشيفاه (أي مدرسة تلمودية لتخريج الحاخامات)، وعلى رغم عدائه العميق لليهود واليهودية فهو يحتفظ ببعض السمات اليهودية، ويشعر بحنين خفي للجماعة اليهودية. فعلى سبيل المثال، يقوم داني وجماعة من أصدقائه العنصريين بإشعال النار في معبد يهودي، ولكنه يشعر أثناء ذلك بشيء من الرهبة حين يرى لفائف التوراة (وهي أكثر الأشياء قداسة في المعبد اليهودي). كما أنه يجدد علاقته ببعض زملائه من المدرسة التلمودية ويذهب لإقامة الصلاة في عيد روش هاشاناه (عيد رأس السنة العبرية)، بل ويبدأ بتدريس العبرية والعقيدة اليهودية لصديقته بحجة أنه يود أن يعرف عدوه. والفيلم يستند إلى قصة حقيقية، وهي قصة حياة دانيال بوروس وهو صبي يهودي من نيويورك (حي كوينز) وكان من أفضل الطلاب في المدرسة التلمودية، ولكنه بعد تخرجه أصبح من أكبر المدافعين عن النازية وإبادة اليهود. وقد انضم للحزب النازي في الولايات المتحدة وجماعة الكوكلوكس كلان، وقُبض عليه عام 1965 أثناء أحد اجتماعات الجمعية. وعندما كشفت صحيفة النيويورك تايمز أنه يهودي، انتحر بوروس بعد ساعات من كشف هويته. والطريف أن بوروس كان يشبه داني في كثير من الوجوه، فهو يحن لليهود واليهودية على رغم عدائه لهما، إذ حاول أن يقنع أحد أصدقائه بألا يحرقوا لفائف التوراة، بل بدأ في ممارسة بعض الشعائر اليهودية.
وحينما سُئل هنري بين (Bean) مخرج الفيلم عن الأسباب التي أدت به إلى إخراج الفيلم قال: إن بوروس شخصية منقسمة على نفسها: فهو يهودي معاد للسامية وقد سحره هذا الانفصام. ثم أضاف ضاحكا: لقد نظرت في قلبي.. أنا يهودي.. ولكن من السهل عليّ حينما أفكر في اليهودية أن أتصور كيف ينظر المعادي للسامية لليهود واليهودية، وقد حاولت أن آتي بأقوى الأطروحات المعادية للسامية وأكثرها إقناعًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.