تشهد ولايات كردفان السودانية تحولاً لافتاً في المشهد الميداني، مع تراجع نسبي لحدة القتال في عدد من المحاور، يقابله تصاعد في حالة عدم اليقين بشأن السيطرة الميدانية، وسط حضور أممي متنامٍ وتحذيرات من كارثة إنسانية غير مسبوقة. وشن الجيش السوداني غارات بطائرات مسيّرة على تجمعات لقوات الدعم السريع في منطقة المزروب بشمال كردفان، في وقت سُجّل فيه انخفاض واضح في وتيرة الاشتباكات بمحوري أم سيالة وبارا، بينما يسود هدوء حذر في مدينة بابنوسة، حيث يبقى الجيش في حالة استعداد لصدّ أي محاولة تقدم. ورغم تراجع القتال، لا تزال خطوط المواجهة محمّلة بالتوتر، خصوصاً في بارا التي تحولت إلى محور رئيسي للخلاف بين الطرفين.، فقد أعلنت قوات موالية للجيش دخولها إلى جبرة الشيخ وأم سيالة، ثم وصولها إلى داخل بارا، قبل أن تسارع قوات الدعم السريع إلى نفي ذلك، وتنشر صوراً تقول إنها تُظهر تدمير معدات عسكرية للجيش، مؤكدة مقتل مئات الجنود في اشتباكات وقعت بأم سيالة. وعلى الجانب الآخر، بثّ عناصر من الجيش صوراً لهم داخل سوق بارا، بما يشير إلى استمرار المعركة على مستوى السرديات العسكرية. المشهد السوداني المشحون دفع الأممالمتحدة إلى تكثيف حضورها، حيث زار وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية توم فليتشر مناطق في دارفور وشمال كردفان، واصفاً دارفور بأنها "مركز المعاناة الإنسانية في العالم" و"مسرح جريمة محتملة"، في تحذير يعكس حجم الكارثة. وأكد فليتشر أن الأممالمتحدة أحرزت تقدماً في إرسال فرق ميدانية إلى مدينة الفاشر، لافتاً إلى غياب أي تقديرات موثوقة بشأن عدد القتلى، رغم الحديث عن مئات الآلاف العالقين في طويلة، وصعوبة خروج السكان من الفاشر نتيجة تصاعد العمليات العسكرية. وتستمر الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في حصد الأرواح وإشعال مزيد من الفوضى، إذ أدت حتى الآن إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 12 مليون شخص، في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، بحسب تقديرات الأممالمتحدة.