تواجهنا في الحياة مطبات كثيرة، وكل واحد منّا يتعامل مع هذه المطبات بطريقة مختلفة، فنجد شخصًا يضعف عند أول مطب، ونجد آخر يسقط ثم يحاول ولكن عزيمته وإرادته لا تكفيه للنهوض، ونجد آخر لديه من القوة والصبر والثقة بالله ما يجعله يقاوم عشرات المرات، وينهض بعد كل سقوط. لا أنكرُ أن جميعنا نضعف في بعض الأحيان، ونظن بأننا لا نستطيع أن نتغلب على همومنا وأحزاننا، ولكن أوَ ما علمتَ بأن الله إذا أحبَ عبدا ابتلاه. ليس كل ما يصيبنا من ابتلاءات يكون شرًا لنا، ولكن أحيانًا سبحانه يذكرنا بأننا لا شيء بدون لطفه ورحمته، وأن لا حول ولا قوة لنا إلا به، ولا ندري كيف تأتينا رسائل الله، ولكن من رحمة الله بنا وكرمه أن جعل لنا حلولًا كثيرة وطرقًا عديدة نلجأ إليها عندما تتكالب علينا المصائب والأحزان والهموم، وأعظمها حسن الظن بالله. قال عز وجل (لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها) فحسن الظن بالله أمر كفيل بتهوين وتخفيف أحزاننا وهمومنا، وعندما كان سيدنا يونس، عليه السلام، في أشد الأماكن ظلامًا داخل بطن الحوت وظلمة البحر ووحشة الليل، ظل يردد (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) فأخرجه الله بهذه الكلمات المعدودات من ذلك المكان الموحش، ومن الظلام المفزع، ولولا تلك الكلمات للبث في بطنه إلى يوم يبعثون، أوَ ليس الذي أخرج يونس من بطن الحوت قادر على أن يخرج الضيق والحزن من صدورنا؟ ومن أعسر الأمور لأيسرها ؟ أوَليس الذي جعل النار بردًا وسلامًا على إبراهيم قادر على أن يذهب الهموم التي في قلوبنا؟ وقادر على أن يفتح لنا أبوابًا أغلقها الناس في وجوهنا؟ أحيانًا ونحن نسير في طريق الحياة، يجب أن نمر بالأسوأ حتى نصل للأفضل، ويجب أن يخرج من حياتنا أناس سيئون؛ لكي يدخل فيها من هم أجمل، وقد تفتح لك من حيث لا تعلم أبوابٌ طال انغلاقها واشتد بلاؤها بسبب دعوة أودعتها الخالق ذات يوم في سجدة في جنح الظلام، والناس نيام وقد تكون أنت نسيتها ولكن الكريم لم ينسها، فلا تيأس إذا تأخرت استجابة دعواتك وطال انتظار أمنياتك؛ فسيأتي الفرج لا محالة. يقول الله عز وجل:( أنا عند ظن عبدي بي )، هي معادلة بسيطة ( صبر+ حسن ظن بالله = فرج )، فإذا جاءك يوم يسوؤك فلا تجزع؛ فسيأتي يوم يسرك. هكذا هي الحياة تتقلب فيها الأيام (وتلك الأيام نداولها بين الناس).