استقرار سعر الدولار    جمعية رؤية تختتم برنامج الإلقاء والخطابة للأطفال ذوي الإعاقة 2025    الهوية السعودية بين الموروث والثقافة السعودية في جلسة حوارية ضمن مبادرة الشريك الأدبي    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. انطلاق مؤتمر ومعرض الحج 1447    قوات الاحتلال تواصل اقتحامها للمدن والبلدات الفلسطينية    وزارة الداخلية تطلق ختمًا خاصًّا بمؤتمر ومعرض الحج 2025    تحت رعاية ولي العهد.. تدشين النسخة الافتتاحية من منتدى «TOURISE»    ارتفاع تحويلات الأجانب    إنفاذاً لأمر خادم الحرمين الشريفين.. منح رئيس «الأركان» الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز    ويتكوف وكوشنر اليوم في إسرائيل.. تحرك أمريكي لبحث أزمة مقاتلي حماس في رفح    شجار زوجين يؤخر إقلاع طائرة    إسلام آباد تبدي استعدادها لاستئناف الحوار مع كابل    بعد ختام ثامن جولات «يلو».. العلا يواصل الصدارة.. والوحدة يحقق انتصاره الأول    استعداداً لوديتي ساحل العاج والجزائر قبل خوض كأس العرب.. لاعبو الأخضر ينتظمون في معسكر جدة    عبر 11 لعبة عالمية.. SEF أرينا تحتضن البطولة الكبرى للدوري السعودي للرياضات الإلكترونية    إنفاذًا لأمر خادم الحرمين الشريفين.. رئيس هيئة الأركان العامة يُقلِّد رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الممتازة    لص يقطع أصبع مسنة لسرقة خاتمها    هيئة «الشورى» تحيل 16 موضوعاً لجلسات المجلس    الرياض تعيد اختراع الإدارة المحلية: من البلديات التقليدية إلى المدينة الذكية    وزارة الداخلية في مؤتمر ومعرض الحج 2025.. جهود ومبادرات أمنية وإنسانية لخدمة ضيوف الرحمن    «إثراء» يستعرض المشهد الإبداعي في دبي    مغنية افتراضية توقع عقداً ب 3 ملايين دولار    استثمار الإنسان وتنمية قدراته.. سماي: مليون مواطن ممكنون في الذكاء الاصطناعي    العلاقة الطيبة بين الزوجين.. استقرار للأسرة والحياة    مطوفي حجاج الدول العربية شريكاً إستراتيجياً لمؤتمر ومعرض الحج 2025    النوم بعد الساعة 11 مساء يرفع خطر النوبات    المقارنة الاجتماعية.. سارقة «الفرح»    «الغذاء والدواء»: إحباط دخول 239 طناً من الأغذية الفاسدة    فهد بن سلطان: هيئة كبار العلماء لها جهود علمية ودعوية في بيان وسطية الإسلام    العُيون يتصدر دوري أندية الأحساء    الاتفاق بطلاً للمصارعة    في الشباك    غزة بين هدنة هشة وأزمة خانقة.. القيود الإسرائيلية تفاقم المعاناة الإنسانية    أمير نجران يلتقي مدير فرع «عقارات الدولة»    هيبة الصقور    القبض على مروجين في جازان    مستشفى الملك فهد بالمدينة صديق للتوحد    «الشؤون الإسلامية» بالمدينة تحقق 37 ألف ساعة تطوعية    تناولوا الزنجبيل بحذر!    تعزيز تكامل نموذج الرعاية الصحية الحديث    15 شركة صحية صغيرة ومتوسطة تدخل السوق الموازي    انطلاق مناورات "الموج الأحمر 8" في الأسطول الغربي    على وجه الغروب وجوك الهادي تأمل يا وسيع العرف واذكر الأعوام    معجم الكائنات الخرافية    الأهلي يتوج بالسوبر المصري للمرة ال 16 في تاريخه    فيفا يُعلن إيقاف قيد نادي الشباب    82 مدرسة تتميز في جازان    الشرع في البيت الأبيض: أولوية سوريا رفع قانون قيصر    هدنة غزة بوادر انفراج تصطدم بمخاوف انتكاس    وزير الحج: موسم الحج الماضي كان الأفضل خلال 50 عاما    أمير تبوك يشيد بحصول إمارة المنطقة على المركز الأول على مستوى إمارات المناطق في المملكة في قياس التحول الرقمي    أمير تبوك يستقبل عضو هيئة كبار العلماء الشيخ يوسف بن سعيد    انطلاق أعمال مؤتمر ومعرض الحج والعمرة 2025 في جدة بمشاركة 150 دولة.. مساء اليوم    83 فيلما منتجا بالمملكة والقصيرة تتفوق    اختتام فعاليات ملتقى الترجمة الدولي 2025    تحت رعاية الملك ونيابةً عن ولي العهد.. أمير الرياض يحضر دورة ألعاب التضامن الإسلامي    هنأت رئيس أذربيجان بذكرى يومي «النصر» و«العلم».. القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة صباح جابر    مسؤولون وأعيان يواسون الدرويش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بلادي عزيزةٌ.. وأهلها كرامٌ
نشر في البلاد يوم 10 - 03 - 2025

يبدو لكل مراقب لخطابات قائدنا إلى المكرمات، خادم الحرمين الشريفين، سيدي الوالد المكرم، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، القائد البطل، الإداري الفذ، المؤرخ العالم، الصحفي الذكي، الناقد الضليع، الأديب الأريب، حاضر البديهة دوماً.. أقول يبدو لكل مراقب لخطابات مقامه السامي الكريم وأحاديثه ومتابع، عندما يشكره شعبه على تعبه من أجلهم وعمله الدءوب وإنجازاته وما حققه لهم من مكتسبات مدهشة، ليس في عهده الزاهر الميمون هذا فحسب، بل منذ تسنُّمه إمارة منطقة الرياض، التي كان يقول عنها دوماً إنه يرى من خلالها الوطن كله، من أدناه إلى أقصاه، مؤكدين لمقامه السامي الكريم عرفانهم وامتنانهم لحسن صنيعه من أجلهم ومن أجل بلادهم وخير العالمين أجمعين.. أقول يبدو للمتابع لخطابات قائد قافلة خيرنا القاصدة وأحاديثه، أنه يحاول جاهداً، بما عرفه عنه الجميع من تواضع، أن يُعْزِي الفضل، بعد الله إلى غيره، من أعضاء الحكومة وموظفي الدولة وأفراد الشعب كلهم؛ شأن القادة الكبار دوماً عبر التاريخ.
فقد سمعنا مقامه السامي الكريم أكثر من مرة، يخاطب المعنيين هنا وهنالك، خاصة القائمين على أمر الحج من أمير منطقة مكة المكرمة، إلى وزير الحج ولجنة الحج العليا وكافة المعنيين بخدمة الحجاج والمعتمرين وشؤون الحرمين الشريفين، يخاطبهم بأدبه الجم، وتواضعه المعهود: (… هذا الذي تحقق، هو بعون الله وتوفيقه أولاً، ثم لست أنا وحدي الذي أنجز هذا، بل كل واحد منكم شريك أصيل في هذا الإنجاز، وكل فرد من أفراد الشعب السعودي نساءً ورجالاً، هم شركاء في كل نجاح نحققه معاً بجهود الجميع وتقديرهم للمسؤولية، من أجل خدمة رسالة بلادنا سعياً لتحقيق مفهوم الخلافة في الأرض، وراحتنا جميعاً…) مستشهداً ببيت الشعر الشهير للشاعر دريد بن الصمَّة:
وهل أنا إلا من غزيَّة إن غوت
غويت وإن ترشد غزيَّة أرشدِ
ثم يستدرك مقامه السامي الكريم ببديهته التي لم تخذله أبداً: (وغزيَّة لن تغوي إن شاء الله، فهي راشدة دوماً) كأنه يقول إن قومه يحسنون الصنع دوماً، ولهذا كان العمل والإنجاز والإبداع.
والحقيقة من يعرف أن الشاعر دريد بن الصمَّة هذا، كان من صناديد العرب، سيد قومه وقائدهم وفارسهم، غزا نحو مائة غزوة، انتصر فيها كلها.. أقول من يعرف هذا، يدرك سر اختيار قائدنا الملك سلمان الاستشهاد بشعر هذا الشاعر القائد الفارس الصنديد، فالعظماء يعرفون بعضهم البعض. ويؤكد هذا ما ذهبت إليه في المقدمة، وما تعرفونه كلكم لولي أمرنا قائد ركبنا سيدي خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان من معرفته بالأدب.
أردت أن أصل بهذا إلى القول إنه بدا لي اليوم في هذه المناسبة السعيدة التي نحتفي فيها بيوم الأخضر الخفَّاق، راية التوحيد العقدي، والوحدة الوطنية الاجتماعية الفريدة التي لا مثيل لها.. هذه الراية التي لا تضاهيها في الدنيا راية، إذ تُعَدُّ كلمة التوحيد أهم مكوناتها، بل مكونها الأساسي، تعبيراً راسخاً عن الوطنية والانتماء الذي تعتز به كل سعودية وكل سعودي حيثما كانوا.. انتماءً لوطن عزيزٍ غالٍ، ليس مثله في الدنيا وطن؛ شرَّفه الله سبحانه وتعالى، فجعل فيه أطهر البقاع وأقدسها على الإطلاق، مكة المكرمة التي كرمها الله فجعل فيها بيته العتيق، أول بيت وُضِعَ للناس، والمسجد الحرام، إضافة إلى المسجد النبوي الشريف، الذي شرَّفه الله فجعل فيه مثوى أشرف الخلق، رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، سيد ولد آدم؛ وجعل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها يولُّون وجوههم شطر المسجد الحرام حيثما كانوا.
أدرك يقيناً، أننا عندما نتحدث عن هذا الشأن العظيم، ربَّما يرى البعض أن الأمر عادي جداً، بل أكثر من عادي، ولا يثير فيه أي نوع من المشاعر، غير أن الواحد منَّا إذا جلس في لحظة تفكُّر صادقة وتأمُّل عميق، لا بد له أن يقشعر بدنه وتقف كل شعرة في رأسه من هذا الفضل العظيم، الذي تفضَّل الله به علينا، واصطفانا به دون سائر خلقه، من غير حول منَّا ولا قوة. وإنني على يقينٍ تامٍ أن العالم كله اليوم، حتى غير المسلمين، يتمنون لو أن الله عزَّ و جلَّ قد اختصهم هم بهذا الفضل العظيم.
وبجانب هذا تفضَّل المنعم الوهاب علينا، فقيَّض لنا قادة كرام بررة، أصحاب رسالة سامية عظيمة، ضحُّوا بالغالي والنفيس من أجل استقلال بلادنا والمحافظة على مقدساتنا ورعايتها، والعمل ليل نهار من أجل عزتنا وحفظ كرامتنا وتحقيق سعادتنا. ولهذا أحسب أننا مهما نجتهد سنظل عاجزين عن وفاء هذه النعم العظيمة شكرها للمنعم الوهاب.
ويقودني هذا لمقابلة استشهاد خادم الحرمين الشريفين، سيدي الوالد المكرم الملك سلمان، ببيت الشعر الذي تحدثت عنه آنفاً، ببيت شعر قيل إن قائله الأصلي هو الشريف قتادة أبو عزيز بن إدريس، الذي ينتهي نسبه إلى الإمام علي بن أبي طالب:
بلادي وإن جارت عليَّ عزيزةٌ
وأهلي وإن ضنُّوا عليَّ كرامٌ
فأقول، وإن كنت أعترف أنني لست مثل مقام قائد مسيرة خيرنا الظافرة، خادم الحرمين الشريفين، سيدي الوالد المكرم الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، في تذوق الشعر وسرعة البديهة، إلا أن التَّشبُّه بالرجال فلاح كما يقولون.. أقول إن بلادي لن تجور أبداً على أي فرد من بناتها أو من أبنائها، أو على غيرهما. وبالمقابل لن يضن أهلها أبداً على أي فرد مهما كانت الظروف. ولهذا أقول ملء الفيه إن بلادي أعزَّ بلاد في الدنيا، وإن أهلي أجود أهل في الوجود وأكرم.
أجل، بلادي لن تجور أبداً إن شاء الله، لأن تحقيق العدل وبسط الأمن للمحافظة على أرواح الناس وأعراضهم وأموالهم وممتلكاتهم، هما من أهم أهدافها التي من أجلها أُنشئت، فها هو مؤسسها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود، البطل الفذ، القائد العبقري الهمام، يأتيه قومه في قصر الحكم أو تناديه المارة في الطرقات باسمه مجرداً دونما ألقاب: يا عبد العزيز، يا أبو تركي… إلخ؛ فيلتفت إليهم الرجل الكبير الذي لا يهتم للألقاب، بل يزيدها هو تشريفاً، مبتسماً، راضياً مطمئناً، ليسمع شكواهم ويجيب كل واحد منهم عن سؤله. فها هي تلك المرأة المسنَّة التي جاءته مستنجدة به بعد الله، بسبب ما لحقها من ظلم في قضية ميراث، قائلة إنها ليس لها من يدافع عن حقوقها. فيهب إليها الرجل الصالح، الحاكم العادل، ويطَّلع على ما معها من أوراق، ثم ينادي على كاتبه أن يكتب: (من عبد العزيز، إلى القاضي فلان آل فلان.. أنا وكيل هذه المرأة أمامك شرعاً). فما أن وصل مكتوب عبد العزيز إلى القاضي، حتى حكم لها و ردَّ إليها حقها. فأبلغ عبد العزيز المرأة الحكم وأمر بإنفاذه فوراً.
ويقول عبد الكريم الجهيمان، المربي الأديب، في هذا المعنى مرحباً بالمؤسس عند قدومه مكة المكرمة عام 1359، في قصيدة له بعنوان (المليك فيك وفي بنيك):
كم من يتيمٍ قد جبرت مصابه
وكشفت عنه ما به بسناء
وأرامل يشكرن فضلك في الدجى
ويحثهن مكارم بيضاء
وفي المعني نفسه يقول الشاعر صالح بن عبد العزيز بن عثيمين، في قصيدة له بعنوان (أهلاً بمقدمك الميمون) مرحِّباً بالملك عبد العزيز عند قدومه مكة المكرمة عام 1362:
تولي الأرامل والأيتام من سغبٍ
كأنها منك لم تيتم ولم تئم
وعلى كل حال، لقد وردت هذه القصة التي تقشعر لها الأبدان حقاً بالتفصيل في كتاب خادم الحرمين الشريفين، سيدي الوالد المكرم، الملك سلمان، عن والده المؤسس (ملامح إنسانية من سيرة الملك عبد العزيز) الذي عرض فيه مقامه السامي الكريم صوراً حية لمواقف تاريخية مهمة، جسَّدت العدل والإيمان الصادقين اللذين اتسمت بهما شخصية المؤسس. وأحب أن أضيف هنا: وورثهما عنه أشبه الناس به، قائدنا اليوم أبا فهد.
أجل، بلادي لن تجور أبداً إن شاء الله، وقائد قافلة خيرنا القاصدة اليوم، خادم الحرمين الشريفين، سيدي الوالد المكرم الملك سلمان هذا نفسه، أشبهنا بعبد العزيز خَلْقاً وخُلْقاً، هو أيضاً لا يخشى في الحق لومة لائم أبداً. وأذكر جيداً أنني سمعت قصة، لا أقول مشابهة لعدل عبد العزيز، بل هو عدل عبد العزيز نفسه: عندما كان مقامه السامي الكريم أميراً لمنطقة الرياض، وكان بابه مفتوحاً كعادته حتى اليوم لكل مظلوم وصاحب حاجة، جاءه عامل يشتكي إليه ظلم كفيله الذي فاجأه باستصدار تأشيرة خروج نهائي دون علمه، بالتزامن مع بداية العام الدراسي، ودون أن يعرف لهذا الأمر سبباً واضحاً. وكان للعامل هذا أربعة أطفال يدرسون. وفي الحال وجَّه مقامه السامي الكريم الجهات المعنية، كحزم عبد العزيز وحسمه عندما يتعلق الأمر بحقوق الناس، بالتحقق مما جاء في الشكوى، وبعدها يبقى العامل وأسرته على كفالة الدولة حتى يكمل أبناؤه العام الدراسي بما فيه من ملاحق، إن كان لأحدهم أو لبعضهم ملاحق، ثم يُستدعَى كفيله ويؤخذ للعامل حقه حسب النظام. بل أكثر من هذا وأعجب: في عهد قائدنا الزاهر الميمون هذا، طبَّق مقامه السامي الكريم الشرع حتى على أحد أفراد الأسرة المالكة، ولم يشفع له انتماؤه إليها.. فلا محاباة ولا انتقائية أبداً في الحق والعدل لأيٍّ كان، ولأي سببٍ كان.
وهذا هو عدل المؤسس وعدل قائد ركبنا سلمان اليوم نفسه، الذي أخذه عنهما ولي العهد القوي بالله الأمين، أخي العزيز صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، رئيس مجلس الوزراء، الذي أكثر ما يؤلمه أن يأتيه أحدٌ يشتكي ظلماً لحق به؛ وهو شديد في هذا، لا فرق عنده بين أمير وبين وزير أو خفير.
ويعجبني في هذا قول الشاعر خالد بن محمد الفرج في قصيدته (والحلم غمد حسامه) التي ألقاها أمام الملك عبد العزيز عند قدومه الإحساء عام 1354:
ولأنتم آل السعود الحر
ينجب منه حرَّاً
هذا ابنه وكأنه
هو نفسه خبراً وخبرا
إن الكواكب في السماء
تشابهت كبرى وصغرى
ويوافقه الشاعر العبقري المبدع أحمد بن إبراهيم الغزاوي، شاعر الملك، في قصيدة له بعنوان (وأنت الذي أحيا الشريعة) ألقاها أمام المؤسس في حفل توديعه من مكة المكرمة متجهاُ إلى الرياض عام 1358:
وحولك من أبنائك الغر عصبةٌ
أسودٌ وأشبالٌ بدورٌ وأنجمٌ
نباهي بهم في موقف السلم والوغى
ونشدو بهم في المكرمات ونقدم
أجل، بلادي لن تجور أبداً إن شاء الله، و ولي أمرها يقف جنباً إلى جنب مع المواطن البسيط، أمام القاضي، دونما مقاعد خاصة أو ألقاب، فالكل أمام شرع الله سواءٌ. وأذكر أن الشيخ عبد الله المنيع، ذكر على القناة الأولى مرة حكاية هي عدل عبد العزيز نفسه أيضاً في عهد الملك فهد، إذ حكم القاضي لمواطن ضد وكيل الملك فهد. وفي قضية أخرى في عهد الفهد أيضاً حكم فيها القاضي لمواطن ضد وكيل الملك عبد الله وقد كان آنئذٍ ولياً للعهد.
أجل، مثلما أن بلادي لن تجور أبداً، بالمقابل أهلها لن يضنِّوا مطلقاً، فهم أكرم الناس عطاءً، وأكثرهم مروءة، وأسخاهم يداً، وأشدهم حرصاً على فعل الخير.. هذا الخير الذي أسسوا له مركزاً خاصاً للأعمال الإنسانية، يلبى دعاء المستغيثين في العالم كله دونما تفرقة لأي سبب.
أقول حاشا لأهل بلادي أن يضنِّوا أبداً، وقيادتها الرشيدة تولي أصحاب الدخل المحدود فيها عناية خاصة، مثلما تولي رعاية فائقة لدور الرعاية الاجتماعية. بل أسست أحد أعظم الصناديق السيادية في العالم، دعماً للأجيال القادمة؛ فالجود والكرم بصمة خاصة لقادتها وأهلها كلهم دونما استثناء. وقد رأينا من قبل استجابة الجميع، بمن فيهم الأطفال، عندما ينادي ولي الأمر بإغاثة إخوتنا العرب والمسلمين ممن تضرروا بسبب الكوارث الطبيعية، بل دعمهم السَّخي للمحتاجين في العالم كله، دونما تمييز لأي سبب كان كما أسلفت.
أجل أهل بلادي لن يضنِّوا أبداً، وهم يوفرون المأكل والمشرب والمسكن والنقل والرعاية الطبية الفائقة، لنحو ثلاثة ملايين حاج تقريباً سنوياً، إضافة لملايين المعتمرين والزوار على مدار العام؛ تلك الرعاية الطبية الفريدة التي أدهشت خبراء الصحة في العالم، فوجهوا بضرورة دراسة التجربة السعودية الاستثنائية في إدارة الحشود، خاصة أثناء انتشار الأوبئة، كما حدث وقت انتشار جائحة الكورونا.
أقول حاشا لأهل بلادي أن يضنِّوا أبداً، وهم يوفرون فرص العمل والحياة الكريمة لنحو خمسة عشر مليون وافد، من أكثر من مائة دولة من كل قارات العالم؛ يكسبون رزقهم ويتمتعون بكل ما يتمتع به المواطن السعودي من حقوق وواجبات.
نعم أهل بلادي لن يضنِّوا أبداً، وهم يفرشون الموائد لمئات آلاف الصائمين في الحرمين الشريفين كل عام، ناهيك عمَّا نشاهده في مساجد مدنها وقراها وهجرها. وأحسب أنهم لا يفرحون بشيء مثل فرحهم بتقديم الطعام والشراب ومد يد العون للمحتاجين في كل مكان.
أقول إن أهل بلادي لن يضنِّوا أبداً، ومنهم حاتم الطائي الذي يضرب به المثل في الكرم، ومشت الركبان بكرمه، الذي لم يكن يرى للمال أي فائدة غير أنه وسيلة لإكرام الناس، كما لم يكن يرى للذهب أي قيمة غير أنه وسيلة لإطعام الجياع، إذ يقول:
وما تغنيني الأموال إن لم تُكْرِم الناس
وأي نفع للذهب إذا لم يٌطْعِم الجياع
فالحمد لله المنعم الوهاب، إذ جعل مواسم الخير تترى في بلادنا، فيما تغلي معظم دول العالم على صفيح ساخن. فبالأمس القريب احتفينا بذكرى يوم تأسيس بلادنا المجيد، الذي تزامن مع زيارة زعماء الدول العظمى لعاصمتنا رياض العز، طلباً للدعم والمساعدة والرياض السديد في حل مشاكل العالم وإحلال الأمن والسلام بدل الحروب والخصام؛ ثم شرَّفنا سيد الشهور، شهر الخير والرحمة والمغفرة والعتق من النار، وها نحن اليوم نحتفي بيوم الخفاق الأخضر، علم التوحيد العقدي والوحدة الوطنية الاجتماعية الراسخة المتينة.
وما أشبه الليلة بالبارحة، فمثلما صوَّر الشاعر العبقري ابن مكة المكرمة، أحمد بن إبراهيم الغزاوي، شاعر الملك عبد العزيز، استقرار بلادنا في عهد المؤسس، فيما يضطرب ما حولها من بلدان، إذ يقول في قصيدة له بعنوان (ترنو لك الأبصار في تاج التقى) بمناسبة قدوم المؤسس إلى الحوية عام 1365:
مولاي، شعبك في (ظلالك) آمن
والأرض في قلق، وفي إتراب
تتجاوب الأكوان أصداء (الطوى)
و(البؤس) و(الحرمان) والإضراب
والجوع يفتك بالشعوب، تراهمو
(تبر) يوسعهم بكل تباب
والحمد للرحمن، ما زلنا بكم
في (نعمة) موصولة الأسباب
وإذا البلاد القاصيات أمضها
فتك الحروب، وفتنة الأحزاب
فلقد وقانا الله فيك زلازلاً
شتى وكفَّ كواشر الأنياب
***
وإذا الملوك تفاخروا بعروشهم
كان اتجاهك قبلة المحراب
أقول مثلما كان حال بلادنا في عهد المؤسس من نعمة وأمن واستقرار، كذلك هو اليوم، ننعم هنا في هذا العهد الزاهر الميمون، عهد خادم الحرمين الشريفين، سيدي الوالد المكرم الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، و ولي عهده القوي بالله الأمين، أخي العزيز صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، رئيس مجلس الوزراء، بالأمن والأمان والاطمئنان والاستقرار، فيما يجاهد كثيرون حولنا لنوم، و لو ليلة واحدة، آمنة في أوطانهم، بسبب التشرذم والتحزب شرقاً وغرباً.. ولا غرو في ذلك، أليس سلمان هذا شبيه أبيه في كل شيء كما يؤكد أخي الشاعر المبدع (شبيه الريح) في قصيدته الجزلة (سلمان الشهامة):
مثيل أبيه أشباهاً وفعلاً
عصي الوصف سلمان الشهامة
***
فريد اللطف في يسر وعسر
ويسبق فعله عطفاً كلامه
أرى كربات خلق الله صرعى
صنائع جوده ترمي سهامه
وستظل بلادنا هكذا إلى الأبد إن شاء الله، بتوفيق ربِّنا عزَّ و جلَّ، ثم بحكمة قيادتنا الرشيدة وحرصها على مصلحة شعبها، وبتضافر جهد الشعب مع قيادته ووفائه وإخلاصه لها ولبلاده.. فكل عام قيادتنا بخير، وشعبنا في أمن وأمان واطمئنا ورخاء واستقرار، وبلادنا في شموخ وعزٍّ وتمكينٍ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.