لايخفى على كثير من القُرّاء جنوح بعض شعراء لغة الضاد عن جادة الصواب السوية في الإسلام وقبله،واشتهارهم بسوء السلوك الفكري وشذوذهم عن مجتمعاتهم وروابطهم العربية فيما كان قبل الاسلام وبعده،فهناك خلاف ناشئ بين اصحاب الفكر بين مؤيدلهم ومعارض،فالمؤيد يرى بإن النظرة الكلية للشخص يجب ان لا تكون شاملة للنتاج الأدبي له، ويجب الفصل بين الشخص أخلاقيا وسلوكياوبين ما يقدم من أدبيات،وهناك من يرى بإن سوءسلوك الشاعروصمةلاتُغتفرولا تجيزتجريده من مواقفه حتى ولو كان شاعرذوإجادة. فعند القياس يتبادر الى اذهاننا الشاعر الحطيئة الذي سجنه الفاروق ومن ثم قام باستمالة شفاعته وعطفه حين قال: ماذا تقوللأفراخٍ بذِي مَرَخٍ زُغْبِ الحواصِلِ لا ماءٌولاشجر ألقيْت كاسبَهم في قَعْرِ مُظْلِمَةٍ فاغفرْ،عليك سلامُ الله يا عمر فاشترى منه الفاروق رضي الله عنه اعراض المسلمين بثلاثة الاف درهم،وخلّى سبيله،والآخر هو شاعر الغزل الفاضح عمر بن ابي ربيعه الذي ابتعدعن مروءة الرجل العربي وقام بوصف المرأة بتجرد اخلاقي،فالمتتبع لأخبار الشعر العربي من خلال علمائه الأفذاذ وجامعيه ومصنفيه في الأمة يجدهم يستدنئون نتاجهم الأدبي رغم اعترافهم ببراعتهم،ويضعونهم في نهايات الكتب بل تجد من لايواطيء ذكرهم في مؤلفاته،فعلى سبيل المثال اتفق كثير من الشّراح والنقادبإن الشاعرالحطيئة لولاسوء سلوكه لكان من احدكبارالشعراءوأشهرهم عربيا،إذاً فإن شعرالحطيئةرغم سوءالسلوك لم يشفع له بالبزوغ المستحق،والملاحظة المهمة بإن هؤلاءالذين قاموبجمع شعرالعرب كان ظهورهم بعدالاسلام ولم يكن قبله فكان القياس لديهم هو مكارم الأخلاق والسلوك قبل النظرالى الادب. ومن خلال ذلك في وقتناالحاضر فإنه ليس مأسوفاً على شعر من كانت مواقفه تجاه قضايانا المهمة مواقف مناهضة لمواقفنا،ولدينا من الغزارةالأدبية مايغنيناعن اصحاب الجنوح والضلال،ففي الأمة شعراءلو وُزنت حروفهم بحروف الشواذ لم ترجح كفتهم قيد (قطمير)،وقديقول قائل بإننا نقوم بترجمة كتب الغرب ودراسة آدابهم فكيف لا نحتفي بشاعر عربي لمجردانه وقف ضد قضايانا،فالردعلى هؤلاءهوان الشاعرالغربي لم تفرض عليه فطرته إنتماءه لنا،بل وان بعضهم كان مؤيدا لقضايانا بشكل مباشر او بشكل غير مباشر،ولكن ان يأتي شخص من بني جلدتك ويتمردعلى فطرته ودماءه فنحن هنا لانريدالاعتراف به كأديب لانه لم يعترف اصلاً بإنتماءه الأصولي لنا،وهنا مسألة مهمة وهي انه قبل الحكم على الشيء يجب تتبع الأصول قبل الفروع،فالأصل لدينا اهم من الفرع، فعلينا السلام ومنا السلام حتى يرث الله الارض ومن عليها.