الذبابة الطائرة أو بالأصح الاجسام الطافية هي شكوى يعاني منها الكثير من الناس خاصة عند بلوغ منتصف العمر،، وهي رؤية نقاط صغيرة سوداء او دوائر او خطوط تسبح في مجال الرؤية وتبدو اكثر وضوحا عند النظر الى اسطح زاهية مثل السماء الصافية او جدار ابيض. والاجسام الطافية هي عبارة عن تجمعات صغيرة من المواد الجيلاتينية داخل الجسم الزجاجي وهي المادة التي تملأ تجويف العين وما يراه الشخص هو ظل هذه الاشياء على الشبكية عند سقوط الضوء عليها. ومن اسباب ظهور الاجسام الطافية انكماش الجسم الزجاجي وانفصاله عن الجزء الخلفي للعين، قصر النظر الشديد، اجراء بعض الجراحات بالعين، حدوث التهابات بالعين او العلاج بالليزر. وهذه الاجسام الطافية بحد ذاتها لا تمثل خطورة على العين ولا تؤثر على النظر، ويمكن ابعادها حين ظهورها في مجال الابصار بتحريك العين، ومن الممكن التعايش معها عدة سنوات حتى تتضاءل تدريجيا. وتكمن أهمية هذه الذبابة في انها تدق ناقوس الخطر، ويجب الذهاب الى اخصائي الشبكية لإجراء فحص دقيق لقاع العين للتأكد من عدم حدوث تمزق في الشبكية خاصة في حالات ظهور اجسام طافية فجأة في مجال البصر او عند حدوث وميض ضوئي متكرر او ظهور ستارة رمادية تتحرك في مجال الإبصار. وفي حالة حدوث تمزق بالشبكية لابد من التدخل الفوري وعلاجه بأشعة الليزر او التبريد، مما يساعد على تثبيت الشبكية في مكانها، ويحمي من حدوث انفصال بالشبكية. والليزر هو علاج بسيط يتم عمله بالعيادة ولا يسبب ألما للمريض خاصة حين يتم اجراؤه في التوقيت المبكر، اما الحالات التي تذهب للطبيب متأخرة بعد حدوث انفصال الشبكية وهو دخول سوائل خلف الشبكية وفصلها عن جدار العين فإن التدخل الجراحي يصبح ملحًّا في هذه الحالات. حيث انه قد يحدث انفصال جزئي للشبكية بدون تأثر مركز الإبصار، وفي هذه الحالة لن يلاحظ المريض ضعفًا في حدة الابصار ولكنه قد يعاني من وجود ستارة رمادية في مجال الابصار مع بعض الاجسام الطافية، اما في حالة امتداد الانفصال الى مركز الابصار فإن النظر ينخفض بشدة حتى انه يصل الى رؤية حركة اليد فقط وكلما اسرعنا في اجراء الجراحة زادت نسبة تحسن الابصار بعدها وتقليل امكانية حدوث مضاعفات وتليفات بالشبكية ومعظم جراحات الشبكية تتم تحت مخدر موضعي وهناك عدة طرق لاعادة الشبكية الى موضعها، منها وضع حزام حول العين او إزالة الجسم الزجاجي مع حقن غاز خاص داخل العين لتثبيت وضع الشبكية وهذا الغاز يمتص بعد فترة من العين ويفرز محله سوائل لملء تجويف العين او حقن زيت السيليكون وفي هذه الحالة يحتاج المريض لإجراء جراحة اخرى بسيطة بعد عدة اشهر لإزالة زيت السيليكون بعد ان يكون قد ادى دوره في تثبيت الشبكية في موضعها، وغالبا ما يحتاج المريض للنوم وبوضعية خاصة بعد اجراء الجراحة حتى تثبت الشبكية في مكانها، وعادة ما يحتاج المريض الى حوالى شهر حتى تستقر الحالة ويتمكن المريض من مزاولة حياته الطبيعية مع استعادته للإبصار بعد الجراحة ان شاء الله. وختاما فإن النظر نعمة غالية من الله الخالق سبحانه وتعالى والمحافظة عليه مسؤولية كل فرد، ولذلك يجب عدم التباطؤ عند ظهور اي اعراض غير مألوفة والإسراع الى استشارة الطبيب المختص، لأن علاج أي مشكلة في بدايتها أفضل بكثير من الانتظار حتى تتقدم الحالة ويبدأ حدوث مضاعفات شديدة تؤثر على قدرة العين على استعادة الإبصار حتى بعد التدخل الجراحي. متع الله الجميع بنعمة النظر والعافية. زميل كلية الجراحين الملكية البريطانية استشاري الشبكية والجسم الزجاجي بمستشفى مغربي بجدة
