دعوني هذه - المرة - انقل لكم بعضاً من حوار دار معه قبل أيام فهو أحد الحاذقين في شؤون الحياة والعارفين لبعض خباياها. له من "الرأي" اصوبه ومن الأسلوب "النص" روعته.. خبر الحياة وخبرته.. أعرف الآن مدى - زعله - ان أنا ذكرت اسمه. لكن طالما الحوار في المكشوف سوف اذكره في آخر الكلام. في احدى لقاءاتنا المتباعدة أحياناً اخذنا الحوار عن التعليم ورجالاته في قديم الزمان أي قبل حوالى مائة عام تقريباً عندما كانت دور العلم الرسمي مفقودة وتلقي الدروس على مشائخ أكفاء محدودة .. فكان أن أتى إلى هذه المدينة الطاهرة المدينةالمنورة رجال من بعيد من درة التاج البريطاني كما كان يطلق عليها.. - الهند - التي كانت مكتملة بالباكستان وبنقلادش. أتى رجال من هناك وأخذوا على عاتقهم مسؤولية انشاء مدارس لأبناء هذه المدينة "الجاذبة" فواحد كالشيخ عبدالغني دادا الذي قام بتأسيس أول دار للايتام تنشأ في المملكة لرعاية الأيتام ففي عام 1350ه أي قبل ثلاثة وثمانين عاماً وكانت البلاد تعاني من جفاف لقلة الأمطار وساءت أحوال الناس الاقتصادية فهاجر أبناء البادية من حول المدينة إليها بحثاً عن الرزق فكانت قسوة الحياة على أبناء اولئك القادمين من خارج المدينة قاسية بل شديدة القسوة نبتت فكرة إنشاء دار للأيتام لاحتوائهم وبالفعل قدم لهم بجانب العلم الطعام والكساء، وقد كانت بادرة انسانية كبرى.. تخرج منها جمع من أبناء المدينةالمنورة، ومن يتسنمون مراكز متقدمة الآن. وهناك بجانب دار الأيتام مدرسة دار الحديث التي أنشأها الشيخ أحمد محمد الدهلوي حيث اتجهت في تعليمها إلى علوم القرآن والسنة النبوية الشريفة وكان انشاؤها في عام 1350ه لتتحول في عام 1364ه الى مرحلتين الابتدائية والاعدادية مع وجود شعبة خاصة للسنة النبوية وبجانب ذلك كان هناك مكتبة لها بها أمهات الكتب التراثية في علوم الحديث والتاريخ والسير. في عام 1340ه كانت البداية خجولة لكن العزم كان كبيراً عندما قدم السيد أحمد الفيض ابادي إلى المدينةالمنورة بدأت فكرة إنشاء مدرسة العلوم الشرعية في مبنى بسيط ما يشبه العريش كبداية الانطلاق لتمضي في سيرها الحثيث مقدمة في بداياتها بعض الاعانات المادية لطلبتها وقد كان ذلك الى عهد قريب حيث كانت في كل عام تقيم مأدبة غذاء للطلبة ومن ثم تسليم كل طالب قطعة قماش وريالين من الفضة هذا الجهد وذلك الاصرار على توفير العلم والتعلم من اولئك الرجال يجعلني اتساءل ماذا قدمنا لهم من تخليد لذكراهم واعترافاً لتلك الجهود التي بذلوها في ذلك الزمن الماضي الذي كان فيه الحصول على متطلبات الحياة قاسية بل تكاد تكون نادرة جدا. ان هؤلاء الرواد الذين اعطونا عصارة فكرهم لا بد من التفكير في اعادة رد الفضل إليهم بإحياء اسمائهم على بعض المدارس او على بعض الشوارع والميادين لنخلد للأجيال اسماءهم وهم جديرون بذلك التخليد. كان يومها الحوار متشعباً بل وعميقاً في بعض جوانبه ومناحيه حيث تعرضنا فيه لكثير من صور الحياة التي أخذت في التغير وطبعها التلون امامنا بشكل مخيف بل ومفزع لهذه الظواهر التي اخذت في الانتشار.انه زمن - الخطف - في كل شيء دون "تسبيكة" على نار هادئة كما يقال انه عصر السرعة والقشور. هكذا ختم حوارنا الحبيب الاستاذ أسعد حمزة شيره ونحن نتجاذب الحديث في بستان الجياشية العامرة بأهلها وروادها ذات ليلة ورائحة المطر تملأ أنوفنا. آخر الكلام : قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا