أصدرت قبل عدة سنوات كتاباً بعنوان : "آفة التدخين بين الطب والدين"، ولأهمية الموضوع عكفت على إعداد دراسة علمية ميدانية عن "ظاهرة التدخين في المجتمع السعودي" خرجت بكتاب كبير يتضمن نتائج وتوصيات مهمة ، وقد حذرت في هذين الكتابين مما نراه في ذلك الوقت من انتشار ظاهرة التدخين ، وامتدادها إلى شرائح كثيرة من المجتمع ، بما فيها الأطفال والنساء بدرجة غير مسبوقة ، حتى بات من الأمور المفزعة التي تهدد صحة قطاعات كبيرة من أبناء المجتمع الذين اندفعوا وراء التقليد الأعمى للغرب الذي زرع هذا الوباء ، وقام بتصديره ، والترويج له لتحقيق أرباح مالية طائلة على حساب صحة الناس وحياتهم ، وقد حذرت من تفاقم الظاهرة المشار إليها آنفاً ، وخطورة انتشار هذه الظاهرة بين النساء والأطفال . وأنقل لكم ما ورد في إحصاءات السجل الوطني للأورام في المملكة العربية السعودية المنشور في معظم الصحف مطلع ربيع الآخر ، فقد احتلت المملكة المرتبة الخامسة على مستوى العالم من حيث النساء المدخنات ، فقد بلغت نسبتهن "5.7%" من عدد السكان الإناث ، وأن نسبة المدخنين في المملكة من البالغين ذكوراً وإناثاً وصل إلى "21.6%" ، مما وضع المملكة في المرتبة السادسة عالمياً. وأظهرت الإحصاءات بروز ثلاثة أنواع من السرطانات التي لها علاقة بالتدخين، فقد تم تسجيل "2350" حالة سرطان للرئة في المملكة، بينها "1741" سعودياً، بينهم "374" امرأة، ما بين عامي 1994م / 2000م، كما أن نسبة الإصابة بسرطان الرئة لدى النساء تبلغ "13%" ، ويموت منهن "23%" ، وتعتبر الرئة أكثر أعضاء جسم الإنسان تأثراً بالقطران ، وأول أكسيد الكربون في التبغ .. وتم تسجيل "1681" حالة سرطان للفم بين عامي 1994م / 2000م، وسجلت "1854" حالة سرطان للمثانة البولية ، مؤثراً كذلك على نضارة البشرة ، ورونق الشعر وجماله .. وذكرت الدراسة أن استهلاك التبغ في المملكة يصل إلى "40" ألف طن من التبغ سنوياً ، ويوجد في المملكة ستة ملايين مدخن. هذه الأرقام والنسب المهولة مزعجة جداً حينما نقرأها في أي بلد ، فكيف في بلادنا المملكة العربية السعودية ، قبلة المسلمين ، ومهبط الوحي ، ومنبع الرسالة المحمدية ، والدولة المطبقة لشرع الله ، ولابد أن تتكاتف الجهود فيها لمواجهة هذا الوباء ، ومكافحته ، والحد من انتشاره.ولابد من قيام الجهات المعنية بالتوعية بأضرار التدخين بمضاعفة جهودها ، ومراجعة حساباتها ، وخاصة الجمعيات المعنية بهذا الأمر ، فصحة الإنسان ، وأضرار هذا الداء الخبيث دينياً ودنيوياً ، ومكانة بلادنا ، تتطلب تضافر الجهود وتكاملها ، وهذا الأمر لا يقف عند وزارة الصحة فحسب ، بل جميع المؤسسات ذات العلاقة يجب عليها التعاون والتكاتف لمحاربة هذا الداء . وأعيد القول لما صرح به أحد المسؤولين في برنامج مكافحة التدخين بوزارة الصحة في حوار أجرته أحد الصحف معه عام 1424ه ، وتحديداً في شهر شعبان ، وصف الأرقام والإحصاءات آنذاك بأنها وصلت إلى حد الكارثة حينما أشار إلى أن ما يصرف يومياً على التدخين خمسة ملايين ريال ، خلاف مصاريف العلاج ، فماذا عساه أن يقول اليوم ، وهو يسمع أو يقرأ هذه الإحصاءات والنسب الجديدة ، وليس من الرجال فقط ، بل من النساء .. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.