من نعم المولى على هذه الأرض الطاهرة أن جعل قيادتها بيد رجال صالحين مصلحين ، تتوافر فيهم صفات القيادة الحكيمة ، الفطرية منها والمكتسبة ، ومنذ أن وحد كيانها المجاهد الفذ المغفور له بإذن الله تعالى الملك عبد العزيز آل سعود ، الذي أدرك بغريزته الطبيعية كيف يسوس الناس بحكمة واتزان ، وأصبحت فترة حكمة تسير في طريق التقدم والازدهار ، وتابع من بعده أبناؤه البررة المسيرة على خطاه المرسومة بدقة وإتقان ، والسياسة الداخلية للدولة تسعى إلى إيجاد كل سبل الراحة لأبنائها ، ولكل من يهنأوا بالعيش فوق ثراها ، فكانت وما زالت المشاريع المختلفة بشتى أنواعها تقام على ثراها الطاهر ، وتصرف عليها الحكومة مليارات الريالات من أجل رفاهية المواطن والمقيم والزائر الكريم ، ولا يخفى ذلك على أحد ، ولضمان نجاح المشاريع بالشكل المطلوب وضع الشهيد الملك فيصل بن عبد العزيز طيب الله ثراه في عام 1390ه نظام الخطط الخمسية التي تهدف لذلك ، فالمشاريع تعتبر اللبنة الأساسية لقيام المجتمع بالصورة الصحيحة كونها تقدم خدمات متعددة العطاءات للمرء في محيط حياته اليومية ، إلا أن أكثر المشاريع افتقدت أمانة التنفيذ والإخلاص في العمل عند تنفيذها مما جعلها مشاريع استنزاف مادي من خزينة الدولة يستفيد منها ضعاف النفوس الذين حُمِلوا الأمانة من قبل ولاة الأمر ، وواقع الحال يدل على ذلك دون الحاجة إلى استشهاد أو بينة توضح ما هو حاصل ، فأي مشروع يحتاج إلى سنوات عديدة لتنفيذه دون أن يكتمل بالشكل المطلوب نتيجة عدم ترسيته على المقاول المناسب ، وما يلبث أن ينتهي المشروع إلا ويحتاج خلال فترة وجيزة من تسليمه إلى مشروع آخر لصيانته نتيجة سوء التنفيذ الذي يفتقد في حد ذاته إلى الرقابة من الجهات المختصة عند تشييده ، وحيث إن هذه الظاهرة سائرة في التوسع المستمر ( الفساد الإداري والمالي ) لغياب الرادع الذي يوقفها عند حدها ، فإنه أصبح من الواجب الدراسة الفعلية من قبل الجهات المختصة لتخصيص الوحدات الحكومية حتى تغدو تحت إدارة القطاع الخاص الذي ينتج أعماله بمصداقية عاليه ، وبالتالي يخفض الإنفاق الحكومي . همسة : الأفعال أبلغ من الأقوال . وصدق المصطفى عليه السلام إذ قال : ( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ) . ومن أصدق من الله قيلاً {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}.