✒أن يذيقك الذي خلقك حلاوة تجدها في قلبك .. قل لي من يوازيك سعادة ممن تلمس هذه الحلاوة من مخلوق مثله ؟.. حتى إن كان صادقا في دلالته لك على ماينفعك .. إلا أنه يظل متصفا بأنه مخلوق .. ومن لوازم ذلك : أولا.. الجهل وعدم كمال العلم اللازم ليعطيك الوصفة التي تنفعك حتما ولاتضرك بأي وجه كان .. ومن أوجه الجهل .. عدم الإحاطة بحقيقة النفس البشرية العجيبة ، والجهل بالغيوب المستقبلة والحاضرة بل و الماضية .. ولاتخفى أهمية الإحاطة بها لإعطاء ماسيظل سبب استقرار نفسك رغم تقلب أحوال الإنسان واختلاف بيئات البشر .. فأنت اليوم في حال وغدا في غيره .. اختلاف المحيطين بك .. اختلاف صحتك .. مالك .. عمرك .. فماقد اتخذته قاعدة تسير عليها قد تحتاج لاستبدالها بخلافها .. وثانيا .. فمما يلحق البشر العجز وعدم كمال القدرة .. فقد يصف لك أمرا يسعدك لكنه عاجز عن جعله مفيدا لك أنت بالذات .. فكم من أمور أفادت أناسا وعجز عنها آخرون .. ذلك أن الشعور بالأمن رزق للقلب ولايملك الرزق ولا القلب إلا من خلقهما.. وثالث تبعات كونه مخلوقا .. عدم تجرده التام وهو يضع الحلول عن التأثر بمايحبه هو ويكرهه كشخص .. ولذا تجد الاختلاف بين الناس في وضع القوانين حسب مايحقق مصالحهم وحسب مايرونه صوابا حتى وإن عارضهم أمثالهم من أصحاب التخطيط والمنظرين .. والرابع من أوجه نواقص المخلوق البشري عدم القدرة على الشمول بمايحقق العدل التام بين الناس .. فلكل مدرب وجهة ولكل مستشار نظرة .. ومن أمثلة الظلم الناتج عن عدم شمول العدل .. سحق النظام الجماعي للفرد حين يقدم مايظنه لصالح الجماعة على حساب الواحد كالشيوعية مثلا التي سرعان ماسحقت حقوق الأفراد فتعس المجموع .. وبالمقابل النظام الفرداني الذي يؤكد على تقديم رغبات الفرد - ولا نقول حقوقه - على حاجات المجموع فيظل الفرد لاهثا وراء رفاهيته الخاصة متجاهلا بل رافضا التنازل عن أي مطلب فيه سعادة الآخرين فيؤول الحال إلى تعاسة الجميع حين تنعدم روح التراحم والتعاون المحققين للصحة النفسية المأمولة .. ولربما كان فيما ألمح إليه من الفوارق كفاية لمن تأملها وعقل شيئا من نتائجها. ونخلص من تلك التأملات أن من أراد الوصول حقا لنفس متوازنة وحياة سعيدة فليس من الإنصاف لنفسه السعي لتجارب الخلق والرضى بالجهل بمنهج الخالق وماحفظه لنا في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم لنربي به أنفسنا ونصلح به تحركاتنا .. ومن سعى لمراد الخالق ومنهجه في تزكية الروح لم يكن مفلحا في الدنيا فقط بل امتدت له سعادته في قبره ويوم البعث والجزاء .. فهل سنبدأ الطريق من منطلق ماجاء في الحديث : قَالَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ *(*مَنْ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ: رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا ، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا ، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا ، فَأَنَا الزَّعِيمُ لِآخُذَ بِيَدِهِ حَتَّى أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ*) -حسنه الألباني- ولنتدبر ماالمعاني والتغيرات التي ستكون في حياتنا حين نرضى كل الرضا بالله ربا فلانحكم غيره ،وبالإسلام دينا فلا نساوي به غيره ، وبمحمد نبيا فتكون سيرته ضياء وضبطا لعلاقاتنا كلها .. إنه طعم الإيمان وحلاوته نستلذ بها في الدنيا ويدخلنا الله بها جنات النعيم. عن الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ:*(ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا ، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا ، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا) - رواه مسلم - اللهم أذقنا طعم الإيمان وحلاوته وأكرمنا برضاك عنا وبالفردوس الأعلى يارب العالمين. أمل باحطاب