وبعد غياب ليس بالهين عدت والعود أحمد، ولعل عودتي تبدأ بالأسرة ذلك الكيان العظيم واللبنة الأولى في حياة كل فرد وتعتبر هي الوطن والمستقر والملجأ والمأمن. الأسرة هي روح كل العلاقات الجميلة المترابطة المتآلفة والمتعاونة والوطيدة هي منبع الترابط والتآزر والتعاون والتلاحم هي أيضاً المدرسة الأولى التي يتعلم فيها كل فرد ما يراه من أبويه من قيم ومبادىء وغير ذلك من الأمور والاخلاق والافعال . وإني هنا لن اتحدث عن جمال هذا الكيان وروعته بل سأخوض في أمر بات يقلق كل عاقل ولبيب فطن وهو التفكك الخفي وليس التفكك الظاهر و الذي يكون بالطلاق لا بل تفكك خفي يغزو البيوت ويدمر العلاقات ويشتت الأسر ويقطع روابط التلاحم فيها. لقد بدأت الأسرة* تتفكك تفكك خفي وليس ظاهر تفكك لايراه الكثير ويعيشه الأغلبية للأسف!* فأغلب الأسر اليوم متفككة فالأب الحاضر الغائب و الأم الحاضرة المشغولة* و الأبناء الغرباء المشتتين. لقد باتت أركان البيت مضطربة* وجدرانه مهترئة وسقفه يكاد يسقط وأرضيته متشققة!! يكاد المنزل ينهدم على رؤوس أصحابه. هكذا هي بيوتنا حقيقة، فالأب بدأ بالغياب فعلياً وبدأت مسئوليته تنحصر في جلب المال والغذاء وتوفير سبل الراحة والترفيه للأسرة والأم بدأت تسخر وقتها لغير أسرتها تبذل وتعطي وتهتم لمن هم أصلا ليسوا بحاجتها فبعضهن سخرت نفسها للعمل أو الجوال او الصديقات وغير ذلك من الأمور والأدهى والأمر أن تجد الأم أوكلت للخادمة مهامها ورمت الأمر برمته لها. اليوم كل فرد في الأسرة** انشغل بنفسه وبناء ذاته والانغماس في ملذاته* على حساب الأسرة والجميع يريد استقلاليته وله حياته الخاصة المنعزله تماما عن أسرته. ولو نظرت للأسرة فانك لاتجد* روح الألفة موجودة وتكاد تختفي بين أفرادها وحتى وأن حصل اجتماع فهو شكلي فكل منا معه حبيبه (الجوال) والأقرب إلى قلبه ويحمله إينما ذهب في جيبه أن شعر بالملل أنعكف عليه وأن أراد أمر ذهب يبحث فيه وأن نام وضع المنبه واستيقظ على صوته،أصبح الجوال ليل نهار مصاحب لأجسادنا وقلوبنا. لقد فقدت الأسرة في هذا الوقت مايجعلها تتماسك وتلتحم لقد فقدفيها* صوت الأب وأحاديثه ومسامرته لأولاده والجلوس معهم والسماع منهم ومحاورتهم وفقد أيضاً صوت الأم الحاني وروحها الطيبة ومقاسمتها لبناتها وأبنائها حياتهم الخاصة،حقيقة* بدأت الأسر* بالشتات والمبكي المحزن نجد الانسجام التام* لأفراد الأسرة مع هذا الشتات *والتأقلم مع نظام مفكك تحت سقف واحد. واقعياً* الأسرة تجر نفسها* إلى الهاوية والحضيض بأفعال كل* فرد فيها من* أبآء وأمهات وأبناء فأكثر الأباء* يتحججون* ببناء مستقبل* آمن لأولادهم وتوفير مايغنيهم عن الخلق و بدون أن أدنى شعور منهم هم* يهدمون شيئا عظيما في نفوسهم لقد* هدموا قدسية الأسرة! ومكانة الأسرة! هدموا الصورة الجميلة في أذهانهم هدموا* الأسرة! ذلك المأوى الآمن والشعور بالطمأنينة والاجتماع المحفوف بالألفة لقد صوروا* لهم الحياة الأسرية بصورة بشعة مشتته!! كم* بيت من بيوت المسلمين؟ متأثر بأنعكاف الأب والأم على الجوال وأنعازلهم عن الأبناء ! إلى متى* ايها الاب؟ تعيش مع جوالك أكثر من أولادك وتضحك مع أصدقائك أكثر من أن تضحك مع أهل بيتك. وإلى متى أيتها الأم؟ تلهثين وراء الدنيا وتتركين فلذات أكبادك أسرى للضياع وضحايا أهمالك الغبي !! دعونا من المثالية ولننزل للواقع المرير فأغلب بيوتنا خاوية من القران لا نسمع* فيها قران يتلى ولاذكر يطنئن النفوس وينزل السكينة بل نسمع (شيلات، واغاني، واراجيز) تردد ليل نهار على ألسنة الصغار والكبار ! بيوتنا خاوية من الصلوات خاوية فعلاً خاوية!! ولو لم تكن كذلك لما رأيت أغلب المساجد خالية عند صلاة الفجر من الرجال والشباب إلا من رحم الله . إنني لا أتكلم من فراغ بل هذا هو الواقع المرير الذي نعيشه وأكثر ماسُلط علينا وشتتنا حقيقة هو ( الجوال) هذا الجهاز الذي جعل من الأم معتكفه على برامج التواصل فيه وجعل من الأب متواجد بحواسه وقلبه مع اصحابه وأحبائه وجعل من الابناء قادة في الألعاب والشبكات والبرامج وغيرها.. وهو جعل لكل واحد منا عالمه الافتراضي الذي يعيش فيه ولا يجد نفسه في عالم غيره. إشراقة: إن تفككت الأسرة لاتسأل عن تلاحم المجتمع.