مقال بعنوان: حكايةُ صمت

حكايةُ صمت
في السابق كان البعض لا يتكلم حين يبلغ الألم ذروته..!! فالصمت عالمٌ لا يفهمه إلاّ القليل..!!
فكثيراً ما سمعت ما يقال عن الصمت..!! وأنه أقوى لغات العالم..!! لم أصدق ما يقال عنه أو أني بالأحرى اعتقدت أنها مبالغة.. ولكن عند فهمي لتلك العبارة غيرت كل اعتقاداتي وظنوني..!!
فما أجملها من لغة.. و لكن لا يفهمها إلاّ من مرّ بها وتعمق في حروفها..!!
الصمت.. بحرٌ مليء بالأسرار.. يغني عن مئات الكلمات.. ليس للصمت أبجديةٌ تخصه.. بل هي لغة لا يتكلم بها إلاّ من أحب وأخلص في حبه..!!
عندما تصمت فإنك تمنح نفسك طاقة قوية للتفكير بعمق في كل ما يحصل حولك والتركيز بعقلانية على إجابتك، كما أنه يجعلك تسيطر على من أمامك من خلال نظرات محملة بمعانٍ غير منطوقة تجعلهم حائرين في تفسيرها.
ما أجمله من إحساس.. حين يكون في قلبك العشرات.. بل المئات من الكلمات تود قولها والبوح بها.. كلماتٌ وعتاب وخصام.. أو أحاسيس ومشاعر مرهفه مكنونة في صدرك وتحتاج من يتبناها.. ولكن يصل بك الطريق إلى ما يسمونه بالصمت..!!
وياله من شعور.. أن تكون في قمّة السعادة والهيام ولا تستطيع التعبير..!!
فيغلبك الصمت..!!
أن تضيق الدنيا عليك بما رحبت.. و تؤصد الأبواب بوجهك وتذكر جرحك الدامي.. وتحاول جاهداً منع دموعك من أن تذرف لتغسل جروح قلبك..!!
وتصمت..!!
عندما تُظلم ويُساء الظنّ بك..!! وتبحث عمن يقف بجانبك في محنتك.. فلا تجدهم حولك..!! ثم تعود وتدخل في دوامة الصمت..!!
ليس لأنك لا تستطيع الكلام..! أو لجهلك بما يدور حولك..! ولكن لأن ما حولك لا يستحق الكلام..!!
فالصمت عالمٌ جميل لا يفهمه إلاّ من تعمق فيه ودار في دوامته..!!
فهذه حكاية صمت..!!
توفيق الأسمري
كاتب صحفي وإعلامي