أمير منطقة جازان يلتقي مشايخ وأهالي محافظة الريث    أمير تبوك يستقبل رئيس المجلس التأسيسي للقطاع الشمالي الصحي ورئيس تجمع تبوك الصحي    تركي آل الشيخ يعلن "The Ring IV" بنزالات عالمية في "موسم الرياض" على أربعة ألقاب كبرى    357 ألف موعد في عيادات "سعود الطبية" خلال 6 أشهر    نائب أمير الرياض يستقبل سفير بريطانيا لدى المملكة    أمانة تبوك تستخدم مليون لتر من المبيدات لمكافحة الحشرات    سياحية عنيزة تحصل على شهادة الايزو    مخاوف حرب تجارية تعصف بالأسواق العالمية    سباق في دوري روشن من أجل غريليتش    المياه الوطنية تبدأ تنفيذ 38 مشروعًا مائيًا وبيئيًا في عسير بنحو 2 مليار ريال    "هيئة العقار": الخميس تنتهي مدة تسجيل العقارات ل208,137 قطعة عقارية بالمنطقة الشرقية ومحافظة مرات    حرس الحدود بتبوك ينقذ مواطناً من الغرق أثناء السباحة    بلدية البصر تنفذ مشروع تطوير ميدان العوجا قرب مطار الأمير نايف بمنطقة القصيم    مركز الملك سلمان للإغاثة يختتم برنامج "نور السعودية" التطوعي لمكافحة العمى في مدينة سطات بالمغرب    أكثر من 88 ألف مستفيد من خدمات "المودة" خلال النصف الأول من العام 2025    مُحافظ وادي الدواسر يقلّد العقيد المشاوية رتبته الجديدة    بلدية محافظة أبانات توقع عقدًا لصيانة الإسفلت بأكثر من 3 ملايين ريال    التطبير" سياسة إعادة إنتاج الهوية الطائفية وإهدار كرامة الانسان    سمو أمير منطقة القصيم بحضور سمو نائبة يستقبل رئيس مجلس إدارة مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع موهبة ويشيد بدورها في رعاية الموهوبين    سمو أمير منطقة الجوف يكّرم الفائزين بجائزتي "المواطنين المسؤولية "و"صيتاثون"    الشيخ / خليل السهيان يكرم الداعمين وأعضاء لجان ملتقى الهفيل الأول لعام١٤٤٧ه    أمير تبوك يطلع على التقرير الاحصائي لمديرية مكافحة المخدرات بالمنطقة    استمرار تأثير الرياح المثيرة للأتربة على مناطق المملكة    زلزال بقوة 5 درجات يضرب البحر الأبيض المتوسط    "الأرصاد" يطلق 14 خدمة جديدة للتصاريح والاشتراطات    تصدت لهجمات مسيّرة أطلقتها كييف.. روسيا تسيطر على أول بلدة وسط أوكرانيا    أكد أن واشنطن تدعم حلاً داخلياً.. المبعوث الأمريكي: لبنان مفتاح السلام في المنطقة    50 شخصاً أوقفوا بتهم متعددة.. اعتقالات واسعة لعناصر مرتبطة بالحرس الثوري في سوريا    5 مليارات ريال تسهيلات ائتمانية    النيابة العامة": النظام المعلوماتي يحمي من الجرائم الإلكترونية    يتنكر بزي امرأة لأداء امتحان بدلًا من طالبة    مركز الملك سلمان يوزع مساعدات غذائية في 3 دول.. تنفيذ مشروع زراعة القوقعة في الريحانية بتركيا    383.2 مليار ريال تمويلات مصرفية للمنشآت الصغيرة    في المواجهة الأولى بنصف نهائي كأس العالم للأندية.. صراع أوروبي- لاتيني يجمع تشيلسي وفلومينينسي    نيابةً عن ولي العهد.. وزير الخارجية مشاركاً في "بريكس": السعودية تطور تقنيات متقدمة لإدارة التحديات البيئية    استقبل سفير لبنان لدى المملكة.. الخريجي وسفير الاتحاد الأوروبي يبحثان تعزيز العلاقات    "إثراء" يحفز التفكير الإبداعي ب 50 فعالية    دنماركية تتهم"طليقة السقا" بالسطو الفني    برنامج لتأهيل منسوبي "سار" غير الناطقين ب"العربية"    بعثة الأخضر للناشئين تصل إلى فرنسا وتبدأ تحضيراتها لبطولة كوتيف الدولية 2025    الجراحات النسائية التجميلية (3)    الهلال يحسم مصير مصعب الجوير    "سلمان للإغاثة" يدشّن بمحافظة عدن ورشة عمل تنسيقية لمشروع توزيع (600) ألف سلة غذائية    الدحيل يضم الإيطالي فيراتي    تقرير «مخدرات تبوك» على طاولة فهد بن سلطان    أمير القصيم يشكر القيادة على تسمية مركز الملك عبدالعزيز للمؤتمرات    نائب أمير جازان يطّلع على تقرير عن أعمال فرع الشؤون الإسلامية بالمنطقة    648 جولة رقابية على جوامع ومساجد مدينة جيزان    الحب طريق مختصر للإفلاس.. وتجريم العاطفة ليس ظلماً    لسان المدير بين التوجيه والتجريح.. أثر الشخصية القيادية في بيئة العمل    علماء يكتشفون علاجاً جينياً يكافح الشيخوخة    "الغذاء والدواء": عبوة الدواء تكشف إن كان مبتكراً أو مماثلًا    اعتماد الإمام الاحتياطي في الحرمين    التحذير من الشائعات والغيبة والنميمة.. عنوان خطبة الجمعة المقبلة    مستشفى الملك فهد بالمدينة يقدم خدماته ل258 ألف مستفيد    ترحيل السوريين ذوي السوابق الجنائية من المانيا    الرياض تستضيف مجلس "التخطيط العمراني" في ديسمبر    ألف اتصال في يوم واحد.. ل"مركز911"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور أسامة خياط المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر والعلن واجتناب نواهيه ابتغاء مرضاته سبحانه وتعالى .
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام " إنَّ خَيْرَ مَا أُوْتِيَ المرْءُ مِنْ خِصَالٍ حِسٌّ مُرْهَفٌ، وَشُعُورٌ يَقِظٌ، وَقَلْبٌ نَقِيٌّ، وَعَقْلٌ فَطِنٌ، يَبْعَثُ عَلَى تَعْظِيمِ مَا عَظَّمَهُ اللهُ، والوقوفِ عندَ حُدودِهِ، واستِشْعَارِ حُرْمَةِ ما حرَّمَهُ، والنُّفْرةِ مِنْ انتهاكِها، بحُسْنِ الامتثالِ لأمرِهِ ونَهْيِهِ، وكمالِ الانقيادِ لشَرْعِهِ، ورَجَاءِ جميلِ العُقْبى في الإخلاصِ له، والاتِّباعِ لخاتَمِ أنبيائِهِ ورُسُلِهِ، عليه أفضل الصلاة والسلام، بالحظوةِ برضوانِهِ ومغفرتِهِ، ونُزولِ دارِ كرامتِهِ، مع الذينَ أنْعَمَ اللهُ عليهِمْ من النَّبِيِّينَ والصِّدِّيقِينَ والشُّهَداءِ والصَّالِحينَ، وحَسُنَ أولئِكَ رَفِيقًا.
وأضاف " إنَّ اللهَ تعالى يختصُّ -بحكمته ورحمته- ما شاءَ مِنَ الأزْمِنَةِ والأمْكِنَةِ، بما شاءَ مِنَ العِباداتِ والقُرُباتِ، التي يَزْدَلِفُ العِبَادُ القَانِتُونَ المخْبِتُونَ بها إليه، مُبْتَغِينَ بها الوَسِيلةَ في سَيْرهم إلى ربِّهِمْ، بحُسْنِ القُدوم عَلَيْه، ويُمنِ الوُفود إليه ولَقَدْ كانَ مِمَّا كتبه عزَّ اسمُه وافترضه على لِسَانِ خَلِيلِهِ إبراهيمَ ووَلَدِهِ إسماعيلَ-عليهما السَّلامُ- تحريمُ أشْهُرٍ من السَّنَةِ وتعظيمُها بتحريمِ القِتالِ فيها، وتواتَرَ ذلك التحريمُ حتَّى نَقَلَتْهُ العَرَبُ بالتَّواتر القوليِّ والعمليِّ وتلك هي: الأشهر الأربعةُ التي أشار إليها سبحانه بقوله // إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين // , وبيَّنها رسولُ الهُدَى صلى الله عليه وسلم بقولِهِ في خُطْبَةِ حَجَّةِ الوَدَاعِ: «إنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ: ثَلَاثَةٌ مِنْهَا مُتَوَالِيَاتٌ، ذُو القَعْدَةِ، وَذُو الحِجَّةِ، ومُحَرَّمٌ. وَرَجَبُ مُضَرَ، الذي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ» .
وأردف فضيلته قائلا " إنَّما كَانَتْ الأشْهُرُ الحُرُمُ على هذه الصِّفَة –ثَلاثةٌ سَرْدٌ وواحِدٌ فَرْدٌ- كما قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: «لِأَجْلِ أَدَاءِ مَنَاسِكِ الحَجِّ والعُمْرَةِ، فَحُرِّمَ قبل شَهْرِ الحَجِّ شَهْرٌ، وهو ذو القعدة؛ لأنَّهُمْ يَقْعُدُونَ فِيهِ عَنِ القِتَالِ، وحُرِّمَ شَهْرُ ذي الحِجَّةِ؛ لأنهم يُوقِعُونَ فيهِ الحَجَّ، ويَشْتَغِلُونَ فيهِ بِأَدَاءِ المَنَاسِكِ، وحُرِّمَ بَعْدَهُ شَهْرٌ آخَرُ وَهُوَ المُحَرَّمُ، لِيَرجعوا فيه إلى نائي بِلادِهِمْ آمِنِينَ، وحُرِّم رَجَبُ في وَسَطِ الحَوْلِ؛ لأجلِ زِيارَةِ البَيْتِ والاعتمارِ بهِ لمن يَقدَمُ إليهِ مِنْ أقصى جزيرةِ العَرَبِ، فيزورُهُ ثُمَّ يَعُودُ إِلَى وَطَنِهِ آمِنًا» وأمَّا اسْتِدَارَةُ الزَّمَانِ؛ فهي: عَوْدَةُ حِسَابِ الشُّهورِ إلى ما كان عليه مِنْ أَوَّلِ نِظَامِ الخَلْقِ، الذي كتبه اللهُ وقدَّرَهُ، فوقع حجُّهُ في تلك السَّنَةِ في ذِي الحِجَّةِ الذي هو شَهْرُهُ الأَصْلِيُّ؛ ذلك أنهم-كما قال أهلُ العلمِ بالحديثِ كالإمامِ الخَطَّابِيِّ والحافظِ ابن حَجَرٍ وغيرهما: «كانوا على أنحاء، منهم من يُسَمِّي المحرَّمَ صفرًا؛ فيُحِلُّ فيه القتالَ، ويُحرِّم القتال في صفر ويسمِّيه المحرَّم، ومنهم من كان يجعل سنةً هكذا، وسنةً هكذا، ومنهم من يجعله سنتين هكذا، وسنتين هكذا، ومنهم من يُؤخِّرُ صفر إلى ربيع الأوَّل، وربيعًا إلى ما يليه، وهكذا إلى أن يصير شوالٌ ذا القعدة، وذو القعدة ذا الحِجَّة، ثم يعود العَدَدُ على الأصل، فكانوا يخالفون بين أشهر السنة بالتَّحليل والتَّحريم، والتَّقديم والتَّأخير؛ لأسبابٍ تعرِضُ لهم، منها استعجالُ الحرب، فيستحِلُّونَ الشَّهرَ الحرامَ، ثمَّ يُحرِّمون بدَلَهُ شهرًا غيرَه، فتتحوَّلُ في ذلك شهورُ السَّنةِ وتتبدَّلُ» وذلك هو النَّسِيءُ الذي ذمَّه الله تعالى، وبيَّن أنَّه زيادةٌ في الكفر؛ لأنه تشريعُ ما لم يأذنْ به اللهُ، مضافٌ إلى أصل كفرهم بالله بالشرك فتشريع الحلال والحرام والعبادة: هو حقٌّ للهِ وَحْدَهُ، فَمَنْ شَرَّع مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ شَرعًا؛ فَقَدْ نازعَ اللهَ عزَّ وجلَّ في حقِّه، وذلك شركٌ في ربوبيَّته فيُضِلُّونَ بِهِ سائرَ مَنْ يتَّبِعُهُم منَ الكَافِرينَ الذين يتَّبِعُونَهُمْ فيهِ، ويتوهَّمُونَ أنَّهُمْ لم يخرجوا به عنْ مِلَّةِ إبراهيمَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ حيثُ وَاطَأوا فيهِ عِدَّةَ مَا حرَّمَهُ اللهُ مِنَ الشُّهُورِ في مِلَّتِه، وإنْ أَحَلُّوا مَا حَرَّمَهُ اللهُ وَهُوَ المقصُودُ بالذَّاتِ مِنْ شَرْعِه لا مُجرَّدُ العَدَدِ» وهذا كلُّهُ مِنْ ظُلْمِ النَّفْسِ في الشَّهْرِ الحَرَامِ الذي نَهَى ربُّنا عنْهُ .
// يتبع //
14:34ت م

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة أولى
وأكد الشيخ الخياط أن ظُلْمُ النَّفْسِ يَشْمَلُ كُلَّ محظورٍ يُوبِق المرءُ فيه نفسَهُ، ويَدخُلُ فيه هَتْكُ حُرْمَةِ الشَّهْرِ الحَرَامِ دُخُولاً أوليًّا مُحقَّقًا وهذا الظُّلمُ للنَّفسِ كما يكون بالشِّرك بالله تعالى، وهو أعظمُ ظلمٍ لها، فإنه يكون -أيضًا- بالتَّبديل والتَّغييرِ في شرعِ الله، والتَّحليل والتَّحريم بمُجرَّد الهوى، والآراء الشخصيَّة، والاجتهادات التي لا يُسنِدُها دليلٌ صحيحٌ من كتاب الله أو سُنَّة نبيه صلى الله عليه وسلم ويكون ظلمُ النَّفسِ-أيضًا- باقترافِ الآثامِ، واجتراحِ السَّيِّئاتِ في مختلف دُرُوبها، فالذَّنْبُ سوءٌ وشؤمٌ، وظُلمٌ للنفس في كل زمان؛ لأنَّه اجتراءٌ على العظيم المنتقم الجبَّار، المحسنِ إلى عبادِه بالنِّعَمِ الخاصَّةِ والعامَّة، المتحبِّبِ إليهم بالآلاء وهو الغنيُّ عنهم، لكنَّه في الشهر الحرام أشدُّ سوءًا، وأعظمُ جُرمًا، وأفدحُ ظُلمًا؛ لأنَّه جامعٌ بين الاجتراءِ والاستخفاف، وبين امتهانِ وانتهاك حُرْمَةِ ما حرَّمه الله، وعظَّمَهُ واصطفاه فكما أنَّ المعاصي تُغَلَّظُ في البلدِ الحرام فكذلك الشَّهرُ الحرام تُغلَّظُ فيه الآثامُ؛ ولهذا غُلِّظَتْ فيه الدِّيَةُ عند كثير من العلماء.
وأشار إمام وخطيب المسجد الحرام إلى أنه حريٌّ بمن رضي بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد رسولاً، أن يحجُزَ نفسه عن الولوغ في الذنوب، وينأى بها عن مزالق الخطايا، ويكفَّها عن التلوُّث بأرجاس الإثم، وأنْ يترفَّعَ عن دواعي الهوى والنَّزَواتِ، والشَّطَحاتِ الموبقاتِ المُهلِكاتِ، وتسويل الشيطان، وتسويل النفس الأمارة بالسوء، وخَطَرات الشيطان وخَطَواته، وأنْ يذكرَ على الدَّوامِ أنَّ الحياةَ أشواطٌ ومنازل، تفنى فيها الأعمار، وتنتهي الآجال، وتنقطع الأعمال، ولا يدري المرءُ متى يكون الفراقُ لها، وكم من الأشواط يقطع منها، وإلى أيِّ مرحلةٍ يقف به المسير فالسعيد من سَمَت نفسُه إلى طلب أرفع المراتب، وإلى ارتقاء أعلى الدرجات من رضوان الله ومحبته وغفرانه.
ودعا فضيلته الى استدراك ما فات، واغتنام ما بقي من الأزمنة الشريفة، والأوقات المباركة، والتزام المسلك الرَّاشد، والنَّهج السَّديد، في هذا الشَّهر الحرام وفي كلِّ شهور العام، بالإقبال على موائد الطاعة، ورياض القُرُبات، والاستمساك بما صحَّ وثبت عن سيد الأنام عليه الصلاة والسلام والإعراض عنْ كُلِّ مُبْتَدَعٍ لا أصلَ له في كتابِ اللهِ، ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
// يتبع //
14:34ت م

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة ثانية
وفي المدنية المنورة أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف فضيلة الشيخ عبد البارئ بن عواض الثبيتي، المسلمين بتقوى الله تعالى.
وقال في خطبة الجمعة اليوم : إن مسيرة الحياة طويل في ظاهرها وهي سريعة الزوال والارتحال ، وإن العاقل في الدنيا يستذكر أحواله وانقضاء الأعمار فيرق قلبه ويلين فوائده .
وبين فضيلته أن المنزل الذي لا يسع كل راحل إلا يوم نزوله هو القبر قال صلى الله عليه وسلم : إن للقبر ضغطة لو كان أحد ناجياً منها نجا سعد بن معاذ ، وكان عثمان رضي الله عنه إذا وقف على قبر بكى حتى يبل لحيته , فقيل له تذكر الجنة والنار فلا تبكي وتبكي من هذا فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : القبر أول منازل الآخرة فإن ينجو منه فما بعده أيسر منه وإن لم ينجو منه فما بعده أشد منه ، وقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والله ما رأيت منظراً إلا والقبر أفظع منه .
وأضاف أن من أركان الإيمان باليوم الآخر الاعتقاد بحقيقة القبر , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم عذاب القبر الذي أسمع .
ومضى فضيلته يقول : إن زيارة القبور للعبرة والعظة سنة وقربة فمن زار القبور تذكر الأموات وهم ممن سبق من آبائه فيتيقن أنه ميت ومقبور مثلهم ومسئول ٌ في قبره، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة .
وقال : العبد إذا دفن في قبره ومضى من كان معه فإن أول زواره ملكان يمتحنانه قال رسول الله صلوات الله وسلامه عليه : إِذَا وُضِعَ الْمَيِّتُ فِي قَبْرِهِ ، فَإِنَّهُ يَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ حِينَ يُوَلُّونَ عَنْهُ ، قَالَ : فَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَانَتِ الصَّلاةُ عِنْدَ رَأْسِهِ ، وَكَانَ الصِّيَامُ عَنْ يَمِينِهِ ، وَكَانَتِ الزَّكَاةُ عَنْ يَسَارِهِ ، وَكَانَ فِعْلُ الْخَيْرَاتِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالصِّلَةِ وَالْمَعْرُوفِ وَالإِحْسَانِ إِلَى النَّاسِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ ، فَيُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ , فَتَقُولُ الصَّلاةُ : مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ , ثُمَّ يُؤْتَى مِنْ يَسَارِهِ ، فَتَقُولُ الزَّكَاةُ : مَا قِبَلِي مَدْخَلٍ ، ثُمَّ يُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ ، فَتَقُولُ فِعْلُ الْخَيْرَاتِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالْمَعْرُوفِ وَالإِحْسَانِ إِلَى النَّاسِ : مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ ، فَيُقَالُ لَهُ : اجْلِسْ ، فَيَجْلِسُ, فَيُقَالُ لَهُ : أَرَأَيْتُكَ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ فِيكُمْ مَاذَا تَقُولُ فِيهِ ؟ فَيَقُولُ : دَعُونِي حَتَّى أُصَلِّيَ , قَالُوا : إِنَّكَ سَتَفْعَلُ , أَخْبِرْنَا عَمَّا نَسْأَلُكَ عَنْهُ , قَالَ : عَمَّ تَسْأَلُونِي ؟ قَالُوا : مَا تَقُولُ فِي مُحَمَّدٍ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ فِيكُمْ ، أَيُّ رَجُلٍ هُوَ ، وَمَاذَا تَقُولُ فِيهِ ، وَمَاذَا تَشْهَدُ بِهِ عَلَيْهِ ؟ فَيَقُولُ : أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ، إِنَّهُ جَاءَ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَيُقَالُ لَهُ : عَلَى ذَلِكَ حَيِيتَ ، وَعَلَى ذَلِكَ مِتَّ ، وَعَلى ذَلِكَ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ ، فَيُقَالُ لَهُ , ذَاكَ مَقْعَدُكَ فِيهَا وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ فِيهَا ، وَيَزْدَادُ غِبْطَةً وَسُرُورًا ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ النَّارِ ، فَيُقَالُ لَهُ : ذَلِكَ مَقْعَدُكَ مِنْهَا وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ فِيهَا لَوْ عَصَيْتَهُ ، فَيَزْدَادُ غِبْطَةً وَسُرُورًا ، ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا وَيُنَوَّرُ لَهُ وَيُعَادُ الْجَسَدُ كَمَا بَدَءَ ، وَتُجْعَلُ نَسَمَتُهُ فِي النَّسَمِ الطَّيِّبَةِ ، وَهُوَ طَيْرٌ يُعَلَّقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ " قال فذلك قول الله تعالى (( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ? وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ? وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ )) .
وأردف فضيلته قائلا : فَإِنْ كَانَ كَافِرًا أُتِيَ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ فَلَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ ، ثُمَّ أُتِيَ عَنْ يَمِينِهِ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا ، ثُمَّ أُتِيَ عَنْ يَسَارِهِ فَلَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ ، ثُمَّ أُتِيَ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ فَلَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ ، فَيُقَالُ لَهُ : اجْلِسْ ، فَيَجْلِسُ خَائِفًا مَرْعُوبًا ، فَيُقَالُ لَهُ : مَا رَأْيُكَ فِي هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي كَانَ فِيكُمْ ، أَيُّ رَجُلٍ هُوَ ، وَمَاذَا تَشْهَدُ لَهُ ؟ فَيَقُولُ : أَيُّ رَجُلٍ ؟ فَيُقَالُ : مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَيَقُولُ : مَا أَدْرِي ، سَمِعْتُ النَّاسَ قَالُوا قَوْلا ، فَقُلْتُ كَمَا قَالَ النَّاسُ ، فَيُقَالُ : عَلَى ذَلِكَ حَيِيتَ وَعَلَى ذَلِكَ مِتَّ وَعَلَى ذَلِكَ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، قَالَ : ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ النَّارِ ، فَيُقَالُ لَهُ : هَذَا مَقْعَدُكَ مِنَ النَّارِ وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ ، فَيَزْدَادُ حَسْرَةً وَثُبُورًا ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ ، فَيُقَالُ : ذَلِكَ كَانَ مَقْعَدُكَ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكَ فِيهَا لَوْ أَطَعْتَهُ ، فَيَزْدَادُ حَسْرَةً وَثُبُورًا ، ثُمَّ يُضَيَّقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلاعُهُ ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ , فَذَلِكَ قَوْلُهُ , فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى .
// يتبع //
14:34ت م

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي/ إضافة ثالثة واخيرة
وأوضح فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي أن العقل يستعد قبل الموت ويهيئ قبره لنفسه بالعمل الصالح قال صلوات الله وسلامه عليه : إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ : عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ ، أَوْ بَيْتًا لابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ ، يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ .
وقال : إن القرآن هو المؤنس في وحدة القبر ووحشته وقراءة سورة الملك فهي من أسباب النجاة من عذاب القبر والاستعاذة من عذاب القبر في التشهد الثاني .
لافتا إلى أن المسلم الحصيف هو من يحذر مواطن الغفلة والهلاك التي تفسد المجتمع وتفتن في القبر كترويج الأكاذيب وبثها ففي حديث الإسراء والمعراج : إن جبريل عليه السلام قال للنبي صلى الله عليه وسلم : وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه ، ومنخره إلى قفاه ، وعينه إلى قفاه ، فإنه الرجل يغدو إلى بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق .
وبين فضيلته أن من أسباب عذاب القبر المشي بين الناس بالنميمة وإهمال الطهارة مرّ النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين ، فقال : إنهما ليعذبان ، وما يعذبان في كبير ؛ أما أحدهما فكان لا يستتر من البول ، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة ، ثم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين ، فغرز في كل قبر واحدة . فقالوا : يا رسول الله لم فعلت هذا ؟ قال : لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.