لم يطلبوا الكثير مسبقا، أرادوا فقط ألا يدير الحظ ظهره لهم مثلما يفعل في مرات عدة، يتمنون لو كان منصفا ويكافئ الطرف الأفضل، حينها لن يكون منتخب الأرجنتين بطلا لكأس العالم في مناسبتين فقط، وربما يكون أكثر من حقق اللقب.. الآن وقبل أيام فقط من انطلاق «المونديال» لا ينشد الأرجنتينون الحظ وحسب، بل يرغبون أن يقدم لهم ليونيل ميسي ذات المستوى الذي يقدمه مع برشلونة، وأن يكتفي المدرب دييجو مارادونا بتخبطاته السابقة ويجعلها درسا له لتقديم الأفضل. ويملك المنتخب الأرجنتيني لاعبين باستطاعتهم تخطي الصعاب واعتلاء منصة التتويج للمرة الأولى منذ 24 عاما، ويأتي ليونيل ميسي في مقدمتهم بجانب دييجو ميليتو الذي لعب دورا بارزا في حصد فريقه إنتر ميلان ثلاية الدوري والكأس المحليين ودوري أبطال أوروبا، إضافة إلى كارلس تيفيز والكون أجويرو، لذلك فإن الأرجنتينيين سيعتبرون مشاركتهم فاشلة إذا عجزوا عن إعادة الكأس إلى بيونس آيرس واحتفلوا به جنبا إلى جنب مع الجماهير بلقب أغلى تظاهرة رياضية على الإطلاق. ويحتاج منتخب «التانجو» إلى مجهودات ميسي كثيرا، وعلى الجهاز الفني إيجاد الطريقة المناسبة التي تكفل لأفضل لاعب في العالم الموسم الماضي اللعب بنفس المستوى الذي يقدمه مع برشلونة، كون أدائه طوال التصفيات المؤهلة للبطولة كان عاديا ولم يقدم نصف ما يقدمه مع ناديه. واختلفت آراء النقاد حول السبب الرئيس في الاختلاف الجذري في مستوى ميسي بين النادي والمنتخب، وكان الأسطورة الهولندية السابقة يوهان كرويف نصح مارادونا بالتعلم من «مدرسة برشلونة» لكي يشاهد جوهرته في قمة لمعانها عند انطلاق البطولة: «الأكيد أن ميسي متأقلم كثيرا مع لاعبي برشلونة، وهذا سر تألقه، ولكن منتخب الأرجنتين بصورة عامة يفتقد للتجانس، ولهذا يضطر ميسي إلى استخدام الحلول الفردية فقط، دون أن يخدم العمل الجماعي». ولم يكتف كرويف بهذا القدر، بعد أن اعتبر ميسي يقوم بمجهودات مضاعفة تجعله يفشل في إنهاء الهجمة مع الأرجنتين بصورة سليمة: «عندما تطلب من اللاعب أن يركض في كافة أرجاء الملعب.. يساند الدفاع ويعطي الإضافة الهجومية.. يحاول افتكاك الكرات من لاعبي الفريق المنافس، فإنك حينها ستجده مجهدا لأنك أهدرت طاقته في الأعمال السابقة، ولهذا يتعين على مارادونا تحديد الأدوار المطلوبة لميسي، وحينها سيجده نفس اللاعب المتواجد مع برشلونة». وتكمن نقطة ضعف الأرجنتين في خط الوسط، ولعب مارادونا دورا بارزا في ذلك الأمر بسبب اختياراته التي فاجأت الجميع، بعد أن فضل تجاهل خافيير زانيتي؛ حيث حاول أن يأتي ابتعاده بطلب من اللاعب نفسه بعدما جرده من شارة القيادة وأهداها لخافيير ماسكيرانو، إلا أن إصرار زانيتي على اللعب جعل مارادونا، يخرج ويتحدث للعلن بأنه لا يرغب في تواجده معه في النهائيات، وبخلاف زانيتي، لم يستدع أسطورة كرة القدم السابقة، استبيان كامبياسو على الرغم من مستواه المتميز مع إنتر ميلان الموسم الماضي، إضافة إلى صانع الألعاب خوان ريكلمي. ولهذا جاءت الأسماء المستدعاة للعب في منطقة الوسط خالية من نجوم لها ثقلها باستثناء القائد خافيير ماسكيرانو، بعدما فضل مارادونا استدعاء خافيير باستوري وبولاتي ماريو وهما اسمان يفتقدان الخبرة الكافية، وجوناس جوتيريز الذي لعب طوال الموسم الماضي في دوري الدرجة الأولى الإنجليزي مع نيوكاسل، وأعاد خوان فيرون للتشكيلة رغم تراجع مستواه بسبب تقدمه بالسن «35 عاما»، بيد أن انضمام أنخيل دي ماريا وماكسي رودريجيز كان خاليا من المفاجآت نظير ما يقدمانه من مستويات جيدة خصوصا الأول مع فريق بنفيكا البرتغالي. وتلقى مارادونا بسبب اختياراته انتقادات لاذعة خصوصا من خوان ريكلمي: «مارادونا أسطورة كروية، ولكنه لا يفقه أبجديات التدريب.. شخصيته أيضا ليست مميزة، لأنه يريد أن ينسب كافة الإنجازات له وحده، وأعتقد أن استبعاده لخافيير زانيتي جاء لعدم رغبته في خطف اللاعب المزيد من الأضواء، لأن الغيرة مسيطرة عليه». ولم تعد شعبية مارادونا طاغية كما كانت عليه قبل أن يغامر بمسيرته الكروية بقبوله ترؤس الجهاز الفني، لأن غالبية الجماهير الأرجنتينية تريد منه الخروج وعدم المغامرة بسمعة الكرة الأرجنتينية، وكان آخر استفتاء وضع في هذا الجانب جاء في صحيفة «أولي» الأرجنتينية وشارك فيه قرابة 70 ألفا، رأى 72 % منهم أن مارادونا يتعين عليه ترك المنتخب لفقدانهم الثقة به. وبخلاف الجماهير أشادت المجموعة التي تستعد للمشاركة في البطولة بالمدرب واعتبرته الأنسب لقيادة الأرجنتين، بما في ذلك ميسي الذي طالب الشارع الرياضي في بلاده بنسيان المشوار الصعب في التصفيات المؤهلة والخسارة التاريخية على يد بوليفيا بستة أهداف، وأن يقفوا في صف المنتخب الذي لا تبدو مهمته صعبة في تجاوز دور المجموعات نظرا إلى وقوعه في مجموعة سهلة نسبيا إلى جانب اليونان ونيجيريا وكوريا الجنوبية، ولكن الصعوبة ستكون حاضرة في الأدوار الإقصائية. .