كثيرون مازالت ذاكرتهم تحتفظ بمحل تموينات السلي، التي راح ضحيتها طفل ووالده، حينما أقدم أحد المجرمين على قتلهما، وتم القبض عليه وتنفيذ حكم القصاص بقتله بحد السيف جزاء فعلته، ومنذ ذلك الوقت أغلقت التموينات إلى أن اشتراها أخيرا المواطن يحيى شباب الغامدي، وأعاد افتتاحها لخدمة سكان الحي، فهل كان الغامدي يعرف ما جرى في المحل؟ ولماذا اشتراه بالذات؟ وما دور الصدفة في ذلك؟ وإن كان يجهل ما حدث فيها فما موقفه بعد أن عرف؟ “شمس” زارت محل التموينات والتقت صاحبه الجديد الذي قال: “كانت اللوحة أول ما فكرت فيه مليا عند شرائي المحل، وأشار علي بعض الأقارب بعدد من الأسماء، إلى أن اقتنعت باسم (الشهيدين) من بعد الحادثة المعروفة التي حدثت بالمحل، وفعلا نحسبهم عند الله شهداء”. وأضاف: “الغريب في الأمر أني سمعت بحادثة السلي من وسائل الاعلام، ولم أعلم أنها نفس التموينات عند شرائي لها، وسبحان الله لا أعلم كيف جاء الحظ بأن أشتريها دون أن أعلم أنها هي التي وقعت بها الجريمة المشهورة، وقد اشتريتها من المكتب العقاري، وعند بداية تأثيثها إذا بالناس يتفرجون من وراء الزجاج، وكنت أستغرب منهم ذلك، فكان السؤال من هنا؛ حيث سألتهم عما يقومون به من النظر، فأخبروني بأن قضية السلي المشهورة قد وقعت أحداثها داخل هذا المحل، فكانت صدمة لي، ولكني وقتها كنت قد دفعت قيمة المحل وبدأت تأثيثه، فمر علي أسبوعان لم أنم فيهما جيدا بعد علمي بذلك، ولكني في نهاية الأمر توكلت على الله وأكملت افتتاحه بعد التشاؤم الذي أصابني”. وعن جيران المحل ممن عاصروا الجريمة، قال: “بدأ بعضهم في العودة الى المحل، والبعض مازال متشائما، وإلى الآن تعتبر نسبة إقبال جيران المحل ضعيفة، ونحن نحاول إقناعهم بأن إدارة المحل تغيرت وتغير معها كل شيء للأفضل، وهذا قضاء الله وقدره، ولكن يمكن أن بعض من حضروا في تلك اللحظة ورأوا الدماء وسط المحل، مازالت تؤثر فيهم، وهذا ما دفعهم إلى التشاؤم من المحل، ولو أني مكانهم لكان من الممكن أن أصاب بنفس الصدمة”. ويتابع الغامدي قائلا: “عندما علمت بما حصل هنا كانت هناك بعض التموينات مازالت صالحة، منها قرابة 15 ألف قارورة ماء، ولكني نفسيا لم أكن أقبلها، فحاولت إرجاع بعضها لنفس شركتها وتبديلها بأخرى، وبعضها الآخر لم تستبدله الشركات المنتجة له، فقمت برميه خارجا، واستبدلته بمواد تموينية جديدة، وتحملت خسارتها لكي يقتنع بعض الزبائن بأن هناك تغييرا كاملا في البضاعة والإدارة”. وأضاف: “بعد الافتتاح لفت انتباهي كثرة الزوار للمحل، ومن يستحون من سؤالنا يقومون بالدخول وشراء قارورة ماء والنظر في الأرضية والسقف، والتأمل بما حصل، ومن ثم يقومون بالمغادرة، ولكن البعض يتجرأ ويسأل عما حصل بذلك الوقت، فأخبرهم بعدم علمي بما حصل وأني لم أعلم إلا بعد شرائي المحل”. وعن حجم التموينات، قال: “مازالت بنفس حجمها السابق ولكني اشتريت أخيرا المحل المجاور لي، كما قمت بمفاوضة المحل الذي يليه لتكون أربع فتحات بدلا عن فتحتين، حتى يكون هناك تغيير في شكلها الخارجي”. ومن جانبه قال محمد سالم، أحد سكان الحي وكان في عجلة من أمره: “لا أنكر أن قضية القتيلين أثرت على نفسيتي، ولكن قدر الله وما شاء فعل، وهذا المحل هو الأقرب لمنزلي، فلماذا أذهب لمكان آخر؟ والله سبحانه وتعالى قد جعل النسيان نعمة من عنده، وإلا لكان حال ابن ادم في نكد”.