تهنئة سنغافورة بذكرى اليوم الوطني    القبض على باكستاني في الشرقية لترويجه «الشبو»    استمرار الدعم الإغاثي السعودي في سوريا والأردن    انطلاق مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم    كاسيت 90 تعود بأصوات التسعينات إلى جدة    بيان من السياحة يوضح سياسة ال 20 ساعة في مرافق الضيافة    مانشستر يونايتد ينفق 240 مليون يورو لعلاج عقمه التهديفي    سفير اليابان يزور المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور 2025    الشمّام يُحلّي صيف المملكة بإنتاج وفير يتجاوز (63) ألف طن سنويًا    نجاح زيادة الهاطل المطري على شمال شرق الرياض    اجتماع قطري - أمريكي في إسبانيا لبحث خطة شاملة لإنهاء حرب غزة    تحذيير من استمرار الأمطار الرعدية على مناطق عدة    بايرن ميونيخ يرد على عرض النصر لضم كينجسلي كومان    القادسية يطوي صفحة إسبانيا ويستعد لاختبار نوتنغهام فورست الودي    استعداداً لمواجهة أتلتيكو مدريد.. الفريق الفتحاوي يواصل تحضيراته بمُعسكر إسبانيا    لبنان يعود إلى الحاضنة العربية    مصر توقع صفقة ضخمة مع إسرائيل لتوريد الغاز    الداخلية : ضبط (22072) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    النفط يستقر ويسجّل أكبر خسائر أسبوعية    أمطار غزيرة وسيول متوقعة على عدة مناطق اليوم    أمير تبوك يدشّن ويضع حجر أساس (48) مشروعًا تنمويًا لمنظومة "البيئة" بالمنطقة بتكلفة إجمالية تتجاوز (4.4) مليارات ريال    كامكو إنفست تنقل مكاتبها في السعودية إلى مركز الملك عبدالله المالي "كافِد"    استشهاد 6 فلسطينيين بقصف إسرائيلي وسط غزة    طالبة من "تعليم الطائف" تحقق الميدالية الفضية عالمياً    محافظ خميس مشيط يتفقد مركز الرعايه الصحية بالصناعية القديمة    معجم الحيوان الأليف عند العامة    فريق النجوم التطوعي ينفذ مبادرة صناعة الصابون لنزيلات دار رعاية الفتيات بجازان    قطر والإمارات والكويت تدين قرار إسرائيل احتلال قطاع غزة    المملكة ترحب بإعلان التوصل إلى اتفاق سلام بين أرمينيا وأذربيجان    الفيحاء يتعاقد مع "الخيبري"لمدة 3 سنوات    وزير الخارجية يتحرك دبلوماسياً لوقف الانتهاكات في غزة    برشلونة يعيد شارة القيادة لتير شتيغن    جمعية فضاء العالية للتنمية الشبابية تختتم برنامج ماهرون الصيفي    صقارون دوليون يثمنون تسهيلات نادي الصقور في نقل واستضافة الصقور    الشيخ عبدالباري الثبيتي: سورة قريش تُجسّد أعظم النعم .. الطعام والأمان    الشيخ أسامة خياط: يدعو لغرس قيم البر والتقوى في الأسرة والمجتمع    المصالح الوطنية السعودية    سفير جمهورية مالطا لدي المملكة يزور قرية جازان التراثية    الربيعة: تطبيق "نسك" متاح مجانًا دون استهلاك بيانات الإنترنت    أنواع فيتامين D وجرعاته الصحيحة    %83 من القراء هجروا المجلات    بمشاركة نخبة الرياضيين وحضور أمير عسير ومساعد وزير الرياضة:"حكايا الشباب"يختتم فعالياته في أبها    (عشان نصور،،،،،،!)    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأعيان الدرب    سبعة آلاف خطوة تعزز الصحة    نائب وزير الحرس الوطني يطلع على برامج الإرشاد والتوجيه لتعزيز الوعي الديني والفكري    رئيس وزراء موريتانيا يغادر المدينة المنورة    أمير منطقة جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة الدرب    أمير جازان يستقبل سفير جمهورية مالطا لدى المملكة    المجلس الاستشاري لمركز صحي المرابي يناقش احتياجات الأهالي مع تجمع جازان الصحي لتعزيز الخدمات الطبية    احتفال الفرا وعمران    استهداف (أبو سلة) بطائرات مسيّرة.. اشتباكات بين الجيش اللبناني ومطلوبين في بعلبك    انقسام إسرائيلي حاد حولها.. تحذيرات دولية من «خطة الاحتلال»    البدير في ماليزيا لتعزيز رسالة التسامح والاعتدال    إنجاز طبي في الأحساء.. زراعة منظم ضربات قلب لاسلكي لمريض    الأمير فهد بن سلطان يطلع على نتائج القبول بجامعة تبوك.    محافظ تيماء يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة تبوك    نائب أمير الرياض يؤدي الصلاة على والدة جواهر بنت مساعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ويكيليكس
نشر في شبرقة يوم 26 - 12 - 2010

ما أضعف هذا الإنسان ، وما أشدَّ مكابرتَه ، وعصيانَه ، وعنادَه يعلم أنه يتجاوز الحدودَ جميعها في علاقته بربه ، فيظلم ، ويعتدي ، ويسلب ، وينهب ، ويرتكب أفظع الخطايا والآثام ، ويجاهر بالمعاصي ، ويخطط تخطيطاً شيطانياً محكماً لتحقيق رغباته ، وشهواته ، وأهوائه ، ضارباً بأوامر ربِّه عرض الحائط ، مهشماً في سبيل تحقيق مراده مَنْ يعترض طريقه من المصلحين والمرشدين ، متجاهلاً صرخات من يدوس عليهم من الضعفاء والمساكين ، حتى أصبحت المعصية له سمةً ومنهجاً ، والمكابرة خُلقاً ، والظلم والاستبداد مسلكاً لا يحيد عنه في مسيرته القصيرة في هذه الحياة ، ويعلم أنَّ نتيجة ذلك هي الخسران الوبيل في الدنيا والآخرة ، ومع ذلك يظل في عصيانه ومكابرته.
ما أعجب حالة الإنسان المكابر في زماننا هذا بصفة خاصة.
يرى معجزات الله في الكون والحياة رأي العين بسبب ما فتح الله عليه من أبواب العلم والمعرفة وما هيَّأ له من أسباب بناء الحياة وتطويرها ، ويشاهد من مظاهر الكون وبعض أسراره العجيبة ما يبهر عقله ، ويتجلَّى أمام عينيه شمساً ساطعة تنشر أنوارها في كل مكان ، ومع ذلك يتمادى في ضلاله وتضليله ، ويدَّعي من القدرة ما لا يتناسب مع ضعفه ، ووهنه ، وانكساره ، وقلَّة حيلته.
انظروا -أيها الأحبة- إلى فَزَع الدُّول هذه الأيام من انكشاف حزمةٍ من الوثائق.
الله وحده يعلم لماذا انكشفت وكيف انكشفت- وانظروا إلى هذا الضجيج الإعلامي المصاحب لهذه الوثائق الهاربة من صناديقها المغلقة ، حتى أصبحت زاداً إعلامياً مزعجاً ، وربما يكون غذاءً ساماً يميت العقول والقلوب ، ويقضي على ما تبقى من آمال وأحلام الضعفاءِ والمحرومين الذين تتعالى أصواتهم -بعد هذا الكشف الوثائقي- معبرين عن انطماس ما كان باقياً في نفوسهم من أملٍ في نيل حقوقهم ، وإن كانوا فرحين بما يسمونه الفضائح التي تكشف لهم أسرار ما تعاني منه الحياة المعاصرة من الحروب والويلات ، والفساد والإفساد ، والظلم والاستبداد.
وما فائدة الفرح بفضائح لا يملكون لمرتكبيها عقاباً ، ولا يستطيعون منهم انتقاماً ، ولا يطمحون أن ينالوا منهم -بعد هذا الكشف- عدلاً أو إنصافاً.
إنَّ الدول المسيطرة على هذا العالم بقسوتها ، وقواها المادية ، وعدتها وعتادها وشياطينها من الإنس والجن ، ما تزال مغرورة بما وصلت إليه من مظاهر التسلط والاستبداد ، ولهذا فإنها تدوس على جميع ما يفضحها من الوثائق ، مهما كانت فظاعتها ، بل إنها تجعل من هذه الوثائق وسيلة ضغط على من يسير في ركابها من الدول ، والأنظمة والأشخاص ، لتحقيق ما تبقى لديها من خُطَط الهيمنة ، والتسلط ، والإفساد السياسي والاجتماعي والثقافي ، وامتصاص خيرات الناس في كل مكان.
وهذه الحالة من المكابرة ، وعُمْق الغفلة ، هي التي تقرّب أصحابها من عقاب الله العاجل الذي يُحدث بصورة غير متوقعة ، ويأتي قوِّياً جارفاً سريعاً ، يتهاوى به الباطل حتى يصبح بين عشيةٍ وضحاها أثراً بعد عين -وفي التفكك المذهل لكيان الاتحاد السوفيتي موعظة وعبرة-.
ماذا نقول عن وثائق (ويكيليكس) التي أصبحت المادة الإعلامية الأولى في هذه المرحلة؟؟
إنَّ أعظم درس في كشف هذه الوثائق هو تذكير الإنسان العاقل الواعي ، المؤمن بربه سبحانه وتعالى، بفظاعة الموقف بين يدي الله سبحانه وتعالى حينما يوضع الكتاب الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ، في موقف لا مجال فيه للرجوع ، والاعتذار ، وتصحيح الخطأ ، ولا مجال فيه للإنكار ، والتغطية ، والادعاء ، إنه الدرس الذي يذكرنا بقوله تعالى في سورة الكهف :
(وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا).
أمام وثائق (ويكليكس) يمكن الإنكار ، وتجنيد الأموال والرجال لستر ما انفضح ، أو التشويش عليه ليضعف الأثر السلبي للفضيحة على أصحابها ، ويمكن التعامل مع صاحب الموقع بالمساومة حيناً ، وبالتهديد حيناً آخر -مع يقني أن هذا الكشف ألعوبة من ألاعيب السياسة القذرة- ، أما مع الكتاب الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة ، فلا مجال لإنكار ، ولا لمساومة ، ولا لتهديد.
لو كانت الدول الإسلامية -بما فيها العربية- على علاقة وثيقة صحيحة بربها سبحانه وتعالى لما وضعت نفسها في هذه المواضع المؤسفة من الضعف ، والوهن ، والخوف من وثيقة تنكشف ، أو وسيلة إعلامية تقتات من الفضائح ، كما يقتات (الخنزير) من القاذورات.
يبقى أن أقول لنفسي وللأحبة القراء: ما أحوجنا إلى أن نكون أكبر وعياً بمثل هذه المواعظ التي تُساق إلينا ، فنكون على مستوى مراجعة أنفسنا في علاقتنا بالله سبحانه وتعالى ، ليزداد يقيننا بأنه لن يخذلنا وأن جولة الباطل ساعة ، وجولة الحق إلى قيام الساعة.
إشارة :
{وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.