ولي العهد يستقبل وزير الخارجية البريطاني    وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة (37) من طلبة كلية الملك فهد البحرية    إنطلاق فعاليات المعرض المصاحب لفعاليات أسبوع البيئة بمنطقة تبوك    الخروج من مستنقع الحرب !    دافوس الرياض وكسر معادلة القوة مقابل الحق    السابعة اتحادية..    دوري السيدات.. نجاحات واقتراحات    رئيس وزراء ماليزيا يغادر الرياض    زرقاء اليمامة.. مارد المسرح السعودي    «عقبال» المساجد !    الإطاحة بوافد وثلاثة مواطنين في جريمة تستر وغسيل أموال ب200 مليون ريال    القبض على عصابة سلب وسرقة    العميد والزعيم من جديد.. الهدف أغلى الكؤوس    ليفربول يتوقع بقاء صلاح    بيان الاجتماع الوزاري للشراكة الإستراتيجية بين مجلس التعاون والولايات المتحدة    6 نقاط تفصل بنو قادس عن دوري روشن        إسرائيل تناهض تحركات المحكمة الجنائية    الشباب يسيطر على جوائز شهر أبريل في دوري روشن    توقيع مذكرتي تفاهم لتعزيز استدامة إدارة النفايات    السعودية للكهرباء تتلقى اعتماد العائد التنظيمي الموزون لتكلفة رأس المال على قاعدة الأصول المنظمة ب 6.65%    %97 رضا المستفيدين من الخدمات العدلية    فيصل بن بندر يستقبل مدير 911 بالرياض.. ويعتمد ترقية منتسبي الإمارة    محافظ العارضة يستقبل مفوض الإفتاء فضيلة الشيخ محمد شامي شيبة    الهيئة الملكية للجبيل وينبع    أمير المدينة يدشن مهرجان الثقافات والشعوب    مذكرة تفاهم سعودية-موريتانية حول قطاعات الكهرباء والطاقة المتجددة والهيدروجين النظيف    اليوم.. آخر يوم لتسجيل المتطوعين لخدمات الحجيج الصحية    جدة: القبض على مقيمين لترويجهما مادة الحشيش وأقراصا خاضعة لتنظيم التداول الطبي    مواهب سعودية وخبرات عالمية تقود الأوبرا الأكبر عربياً "زرقاء اليمامة"    اختتام أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي في الرياض    إنقاذ معتمرة عراقية توقف قلبها عن النبض    الاحتلال اعتقل 8505 فلسطينيين في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر    أمير تبوك يطلع على نسب الإنجاز في المشاريع التي تنفذها أمانة المنطقة    أخبار سارة في تدريبات الهلال قبل الكلاسيكو    الكلية التقنية للبنات بجدة تطلق هاكاثون تكنلوجيا الأزياء.    "جائزة الأميرة صيتة" تُعلن أسماء الفائزين بجائزة المواطنة المسؤولة    افتتاح الملتقى السنوي الثاني للأطباء السعوديين في إيرلندا    سياسيان ل«عكاظ»: السعودية تطوع علاقاتها السياسية لخدمة القضية الفلسطينية    أمطار مصحوبة بعدد من الظواهر الجوية على جميع مناطق المملكة    انحراف طائرة عن مسارها بمطار الرياض    أمير الرياض: المملكة تدعو لدعم «الإسلامي للتنمية» تلبية لتطلعات الشعوب    نائب أمير مكة يطلع على تمويلات التنمية الاجتماعية    منصور يحتفل بزواجه في الدمام    إطلاق المرحلة الثانية من مبادرة القراءة المتجولة    ديوانية الراجحي الثقافيه تستعرض التراث العريق للمملكة    لقاء مفتوح ل"فنون الطهي"    وزير الإعلام يبحث التعاون مع أرمينيا    رابطة العالم الإسلامي تُعرِب عن بالغ قلقها جرّاء تصاعد التوترات العسكرية في شمال دارفور    دولة ملهمة    فئران ذكية مثل البشر    إستشاري يدعو للتفاعل مع حملة «التطعيم التنفسي»    المصاعد تقصر العمر والسلالم بديلا أفضل    سعود بن بندر يستقبل أعضاء الجمعية التعاونية الاستهلاكية    ذكاء اصطناعي يتنبأ بخصائص النبات    تطبيق علمي لعبارة أنا وأنت واحد    كبار العلماء: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    هيئة كبار العلماء تؤكد على الالتزام باستخراج تصريح الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



{في طيبة بدر ونجوم}
نشر في شرق يوم 26 - 06 - 2012


{في طيبة بدر ونجوم}
يثرب واحات نخيل وظلال،وآبار ريّ وزرع وبساتين ،ومكة واد غير ذي زرع ولا ظلال،ولكنّ القلوب التي استكانت لأمر الله في الهجرة من مكة الوطن إلى المدينة المأمن، لم تستطع إلى النسيان سبيلا،فمكة ظلّت في القلوب المفارقة حنينا وفي الأرواح المهاجرة ذكريات ووطن ،ويخفّف من وقع الفراق،ووحشة الغربة ذلك الإستقبال البهيج والإيثار الذي شهد للأنصار به ربّ العزّة في قرآن يتلى آناء الليل واطراف النهار{ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة }ولكنّه حنين الأرواح إلى مرابعها وإن اجدبت ،واشتياق النفوس إلى أوطانها وإن قلت وجارت،فالوطن ليس المال ولا الزرع ولا الحدائق الغنّاء ،وإنّما الوطن المكان الذي حلّقت فيه الرّوح أول إحساسها بالحياة ،وأبصرت فيه العين شعاع الشمس أوّل نظرتها في الحياة،والتراب الذي درجت عليه القدم أوّل خطوتها في الحياة ،فالوطن هو تفاصيل الحياة ومحطاتها ونبضها ،فأنّى للمرء أن ينساه ويستكين لوطن غيره
،والمهاجرون مستسلمون لامر الله راضين بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم،في المنشط والمكره،في الوطن والغربة ،في المقام والرّحيل،ولا يمنعهم ذلك من الحنين إلى مكة،واستشراف عبق رمالها على بعدالمكان،وتجتمع الغربة والحمّى ،فالمدينة أرض وبيئة ،معروفة بالمرض،والصحابة رضوان الله عليهم يقعون فريسة لوباءها حتّى ما يقدرون على الصلاة وقوفا ،ويصلّون قاعدين،ولكنّهم يتحاملون على أنفسهم ويصلّون واقفين حين يسمعون الرسول صلى الله عليه وسلم يقول:إعلموا ان صلاة القاعد على النّصف من صلاة القائم} فيتحاملون على أنفسهم ويقفون ابتغاء الاجر من الله،وعائشة ام المؤمنين تسمع المهاجرين المحمومين ،يحنّون إلى مكة وبلال يترنّم بشوقه إليها
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بفخ وحولي إذخر وجليل
وهل أردن يوما مياه مجنّة وهل يبدون لي شامة وطفيل
وتذكر عائشة رضي الله عنها ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم،وهو يعرف ألم فراق مكة ،والبعد عن بيتها العتيق،ويدرك معاناة أصحابه ما بين الشوق والمرض والغربة ،فالبشر يظلّون بشرا،يتملكهم الحنين وتجتاحهم الأحاسيس البشرية وتتنازعهم هموم الحياة،مهما بلغ بهم اليقين وارتقت بهم العقيدة واستسهلوا في سبيلها التضحيات،فالفطرة الإنسانية لم تحارب في شرع محمد،والضعف البشري لم يستلّ من الطبع البشري وينفى ،بل استعين بالله تعالى عليه،وها هو الرسول المشفق المدرك لما هم فيه يتوجه إلى ربه بالدعاء [ اللهمّ حبّب إلينا المدينة،كما حبّبت إلينا مكة أو أشدّ،وبارك لنا في مدّها وصاعها،وانقل وباءها إلى مهيعة]
{ويثرب }التي صارت{ طيبة}بطيب ساكنها و{المدينة المنوّرة }بنور سراجها المنير وبدرها البهيّ،وكوكبة النّجوم التي تناثرت في سماءها، تختال على الدنيا بالخير العميم الذي عمّها،وبارك جنباتها ، وتفتخر بنجومه التي حملت أسماء مباركة قالت للدنيا [نحن الذين بايعوا محمّدا،،،على الجهاد ماحيينا أبدا]ودعا لهم نبيّهم وحبيبهم مرتجزا [اللهم إن العيش عيش الآخرة ،،،فارحم الانصار والمهاجرة] قمر ونجوم ،وأعلام هدى ، ومنائر أخوّة ،من كل بقاع الارض سطعت في سماء طيبة ،نجم من بلاد الرّوم [صهيب] غلام يسبى من حضن أمّه ويباع في مكة،وحين يسمع بدين الإسلام ويعرف منهجه ،يدرك أنّه دين رحمة وعدل ،وهو بالقسوة استلب من والديه ،وبالظلم صار عبدا رقيقا،ويسلم لله رب العالمين ،ويحتمل من الاذى ما لا يطاق،وحين يهاجر النبي صلى الله عليه وسلم يتبعه ،ويلحق به طغاة قريش ليعيدوه ، فيشتري نفسه ودينه منهم بجميع ماله ،وينسلخ منها في سبيل الله ،ويقدم على المصطفى مهاجرا،فيتلقاه نبيه بالبشرى [ربح البيع أبا يحيى،ربح البيع أبا يحيى،وينزل فيه قول الله تعالى{ ومن النّاس من يشري ينفسه ابتغاء مرضاة الله}وهو في حبّه لرسوله صلى الله عليه وسلم مخلصا صدوقا{ما جعلت رسول الله بيني وبين العدوّ قط حتّى توفّي رسول الله صلى الله عليه وسلّم}كناية عن افتداءه لرسول الله بنفسه رضي الله عنه
ومن أرض فارس، إبن دهقان عظيم في قومه،محبوب عند والده ،ناعم في عيشه،أدرك أن الربّ المعبود لا يمكن أن يكون نارا،ولا حجرا ولا ظاهرة،وخرج يبحث عن الدّين الحق في متاهات الأرض، وأنى له أن يجد الحق في خضم الجاهلية المتماوج بالظلمات،وتتقاذفه الأمواج من يد إلى أخرى، ومن بلد إلى آخر، من الوثنية إلى النصرانية ،من عابد منافق إلى عابدزاهد صادق، ويحط رحاله في كنف راهب بعمّورية ،يعرف أن زمان محمد قد آن أوانه فيوصيه باللحاق بيثرب مهاجر ذلك النبي، ويغدر به الركب الذي صاحبه إلى هناك،ويبيعونه ليهودي في يثرب، ويصبح عبدا مملوكا بعد إمارة وعزّ وغنى ،ويهاجر الرسول صلى الله عليه وسلم،ويقدم عليه سلمان ويخبره بخبره ،ويسلم وقد عرف انّ هذا هو الحق الذي بحث عنه طويلا، ولكنه عبد مملوك ليهودي ، وبينه وبين الحرية المال، فيأمره النبي بالمكاتبة ليشتري حريته،ويكاتب على غرس النخيل ،ويبدأبفسائل يتبرّع بها له إخوته المسلمين في مدينة رسول الله،وحين يتم الحفر لغرسها ، يغرسها الرسول صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة في مشاركة بين القائد المربي وجنده المحبين المجاهدين المتآخين في جلال الله ،ويتم التكريم النبوي لسلمان في مسيرته مع رسول الله حين يقول صلى الله عليه وسلم {سلمان منّا آل البيت }.
ومن الحبشة بلد النجاشي ،بلال العبد المملوك ،المقيد الجسد ،ولكنه حرّ الرّوح طليق الوجدان، أوّل من جعل الوحدانية ترنيمة اعتزاز، يستقوي بها على الطغاة [أحد، أحد] ،وبقيت لحنا عليّا فوق الشرك،ثمّ اختصه بها رسول الله صلّى الله عليه وسلم،حين أمر بالآذان ،فكان صوت بلال اوّل من أطلقها في فضاءات الكون من على مسجد رسول الله {الله أكبر،الله اكبر} مناديا للصلاة.
وتمتد قافلة الهداية لتشمل أسماء عبقت بها صفحات التاريخ عمير بن الحمام،وأنس بن النضر وأم سليم ،ونسيبة المازنية،حذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر،وسعد بن معاذ، وآلاف غيرهم، فقراء وأغنياء،نسباء وموالي، أحرار وعبيد، رجال ونساء ،نجوم باهرة وشموس زاهرة وأقمارمسفرة، تخجل من بهاءها كل بدورالسماء وشموسها،كانت هي المدرسة المحمدية التي أنطلقت منها بيارق النور الى كل أصقاع الأرض،تجوب المشارق والمغارب ،متمسكة بتلك المباديء السامية ،وتستهدي بتلك المحجة البيضاء التي تركها عليها نبيها ،وتنشر نور الله في الأرض،حتى مابقي بيت من وبر ولا حجر، إلا ودخله شعاع النور الهادي، وفي السلم والحرب ،في السراء والضراء ،أعلى اصحاب رسول الله كلمات الله، وفي الشدة واللين ظل الزهد والورع رائدهم ،إنها عظمة العقيدة ،وعظمة الرسول ،وسعة حلمه، ورقّة قلبه ،وحرصه على أمته ،هذا ما أنتج ذلك الجيل المبارك ،معهم لا نملّ الرّحلة ،وعنهم لا نملّ الحديث ، [أ صحابي كالنّجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم} ونواصل مع الأحبّة ،محمدا وصحبه ،رحلة الجهاد والنصر والتمكين، في دولة الإسلام الناشئة ،وهي تصارع جاهلية الأمم الجهلاء ،وظلمة القيم الرعناء،وتسير في رعاية الله ،وهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ،من فتح إلى فتح ،وطيبة تزهو ببدرها ونجومها ،وترقب الوعد بالنصر والتمكين .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.