على طريقة "كوكا كولا وكنتاكي وماكدونالدز"، يؤكد الكاتب الصحفي فهد عامر الأحمدي أن لكل إنسان خلطته السرية التي تكمن في داخل شخصيته، والتي لو تمكن الشخص من اكتشافها ستكون هي سر قوته وطريقه إلى النجاح في حياته. وفي مقاله "ابحث عن خلطتك السرية" بصحيفة "الرياض" يرصد الأحمدي تاريخ الخلطات السرية الناجحة حول العالم ويقول: "في عام 1886 ابتكر الصيدلي جون بمبرتون مشروباً غازياً لذيذاً نعرفه اليوم باسم "كوكا كولا".. حضره في الأصل كمشروب منشط وخاص بعسر الهضم دون أن يبوح بمكوناته الرئيسية. حاول عدد من الصيادلة تقليده إلا أنهم فشلوا واستمر الناس في الإقبال على صيدليته فقط.. وبفضل المبيعات الكبيرة تم تأسيس شركة كوكاكولا التي احتفظت (حتى يومنا هذا) بسرية الوصفة التي ابتكرها بمبرتون رغم معرفتنا بمكوناتها الرئيسية وأن نبتة "الكوكا" المخدرة أزيلت منها عام 1903 .. أيضاً هناك مطاعم كنتاكي التي اشتهرت بخلطتها السرية وتميزها على تسعة ملايين مطعم مماثل في أميركا.. وهي بدورها "خلطة سرية" رغم علمنا بأنها مكونة من 11 نوعاً من التوابل والبهارات كتبها الكولونيل المتقاعد هارلاند ساندورز بقلم رصاص على ورقة صفراء (تقبع اليوم في قبو حصين أسفل مقر الشركة الرئيسي في مدينة لويسفيل في ولاية كنتاكي) .. حتى مطاعم ماكدونالد لبيع الهامبرجر تملك 17 وصفة سرية لصلصات وإضافات محضرة بطريقة تداعب مراكز التذوق في الفم واللسان، وهي تصل من أمريكا إلى 18000 مطعم حول العالم دون أن يعرف سرها حتى العاملين في المطاعم نفسها".
ثم ينتقل الكاتب إلى عالم التقنية الصناعية ويقول: "وفي حين يمكن تطبيق مبدأ "الخلطة السرية" على المشروبات والصناعات الغذائية (وأيضاً العطور الفرنسية) يصعب فعل ذلك في عالم الصناعة والتكنولوجيا والابتكارات الجديدة.. فالأجهزة والتقنيات الحديثة فيزيائية مادية يمكن تفكيكها وإعادة تقليدها، في حين تتداخل مكونات الطعام والشراب على مستوى الجزيئات ويصعب فصلها أو عكسها "كيميائياً".. لهذا السبب يسهل مثلاً تقليد الساعات والأجهزة والهواتف الذكية في شرق آسيا، في حين لا يمكن لأحد تقليد منتجات كنتاكي أو بيتزاهت أو ماكدونالد التي تملك نفس الطعم والنكهة حول العالم .. لهذا السبب يتم حماية الابتكارات المادية ببراءات اختراع تمنع تقليدها (أو هكذا يفترض) أو تصنيعها لمدة عشرين عاماً (تدعى فترة الحماية).. وخلال هذه الفترة يحقق صاحب الاختراع أرباحاً طائلة في حال نجح تجارياً كونه اللاعب الوحيد في السوق والمتحكم الأساسي في سعر السلعة".
ثم يخلص الكاتب إلى تطبيق مبدأ الخلطة السرية على شخصية الإنسان ويقول: "رغم أن جميع هذه المعلومات (عن براءات الاختراع، والخلطات السرية) مفيدة للبدء بمشروع جديد، إلا أنني في الحقيقة بدأت المقال بنية "تطوير الذات" والحديث عن ضرورة امتلاك كل إنسان "خلطة سرية" خاصة به تمنحه التميز لأطول فترة ممكنه في الحياة .. ولأنني لست مسؤولاً عن ابتكار خلطتك السرية أرجو أن تخترعها بنفسك وتوجهها لأي هدف يناسب متطلباتك سواء لبدء مشروعك الخاص أو علاقتك بالناس أو التخطيط لتقاعدك المبكر".
وينهي الكاتب بنصيحة يقول فيها: "لا تستسلم للأفكار التقليدية أو تتبع النصائح المكررة (ليس لأنها سيئة بالضرورة) بل لأن آلاف الناس جربوها قبلك وأصبحت مثل المنتج الذي انتهت براءة اختراعه وأصبح مزدحماً ومتاحاً لمن "هب ودب"! .. إن لم تفهم قصدي فكر بمحل كنتاكي".