خاشقجي يعترف بالإقالة بسبب مقال الألمعي.. و"سر" شائعات عودته على طريقة "الغامدي"

هل كانت "سبق" بإثارتها للمقال "الأزمة" واتهام السلفية ب"الجرداء" السبب؟

كشف رئيس تحرير " الوطن" سابقا جمال خاشقجي أنه أُجبر على الاستقالة, واعترف بأن مقال "الألمعي" الذي وصف فيه "السلفية" ب"الجرداء مسطحة الفكر" وامتدح فيها الصوفية ومولد "سيدي عبد الرحمن" بالجزائر بأنه السبب, واتهم من سمح بنشر المقال بأنه "لم يكن يعرف ماذا يعني" ولكنه لم يستبعد عودته طبقاً لمصادر صحفية.
إلا أن رئيس تحرير "الوطن" المكلف كشف جانباً من قصة استقالة خاشقجي في يوم زواجه من سيدة أعمال سعودية في جدة.
وكانت تضاربت الأنباء حول "إقالة" أو "استقالة" جمال خاشقجي, بسبب وقت الاستقالة الذي كان مفاجئاً, والمقال الأزمة الذي نشرته "الوطن" وأعقبته الاستقالة.
والذي يؤكد أنها إقاله ما جاء على لسان جمال خاشقجي نفسه لصحيفة "الرأي" الكويتية «الوطن صحيفة ناجحة جداً، هل هناك شخص يستقيل من صحيفة ناجحة؟ أنا من أبناء الوطن وهي بيتي، هل هناك شخص يترك بيته؟» وهو ما أكدته وسائل الإعلام العالمية نفسها: "مقال عن السلفية يطيح برئيس تحرير الوطن السعودية", والمعلومات التي توافرت ل "سبق", وإن كان الموضوع خرج في ثوب "استقالة"حتى لا يعد انتصاراً لمن وقفوا أمام توجهات وآراء خاشقجي التصادمية لثوابت المجتمع السعودي .
وتكشف "سبق" حقيقة إثارتها لمقال الكاتب إبراهيم طالع الألمعي: "سلفي في مقام سيدي عبد الرحمن", الذي اعترف خاشقجي بأنه سبب إقالته, فقد اتصل ب"سبق" عدد من الأكاديميين والشرعيين مساء الخميس يطلبون التعليق على ما جاء في مقال "الألمعي" وأنه خطير ولا يمكن أن يمر بسهولة لما فيه من مساس بالعقيدة, ووصفه للسلفية بأوصاف لا تليق، وتمجيده للقبوريين, وعندما أعدنا قراءة مقال الألمعي, وجدنا فعلاً خطورة الأفكار التي احتوى عليها المقال, ووجدنا التفاعل الكبير من قراء "الوطن" ضد المقال, فنشرت "سبق" تلخيصاً للمقال وما به من أفكار وردود القراء عليه كما جاء في "سبق":
هجوم على"الألمعي" لوصفه السلفية ب"الجرداء مسطحة الفكر":
الخميس 13 مايو 2010
10:59 م
سبق – الرياض: شنَّ القراء هجوماً عنيفاً على الكاتب إبراهيم طالع الألمعي, في تعليقات على مقاله المنشور في "الوطن" اليوم الخميس بعنوان: "سلفي في مقام سيدي عبدالرحمن" والذي وصف فيه "السلفية" ب"الجرداء مُسطَّحة الفكر، لا تملك التوغل في الفكر، ولا اتساع التَمذهب" تحدث فيه عن زيارته إلى بلاد المغرب الأوسط: (مزْغَنّة) أو (الباهية) أو(إيكوزيوم) (الجزائر العاصمة)، مدينة الولي الصالح (سيدي عبدالرحمن الثَعالبي)، ومقامه الشهير الذي يستأنس بزيارته أهلها جميعا وكل زائريه, ومسجد "ضريح الوليِ الصالح،" و"التبرك به" و"حياة التصوف والزهد"، و"مكان يستقبل مريديه"، "ولا بدَّ للمريدين من الشرب من الماء منه تبركاً ", و"النساء الجميلات يعرضْنَ مشاكلهن الكثيرة متوسلات ب(سيدي عبدالرحمن).
وطالب ماجد القرني - أحد القراء- "الألمعي" في تعليقه على المقال: أن يزور قبر عمه في قريتنا في "بلقرن" ليجد ذلك الإحساس الروحاني العجيب, وزيارة قبر خاله في سكاكا .وقال معلق ثان على المقال: "أعوذ بالله من حالك أعوذ بالله من الخذلان والخسران ألا يعلم أن العبادة لله وحده، والله ما أهلك الناس إلا حصائد ألسنتهم.. نعوذ بالله من حصائد ألسنتنا.. يحاول بكل الطرق تزيين هذه الضرائح التي لا تضر ولا تنفع بمعسول الكلام، سبحان الله، ألا يعلم قول الحبيب، صلى الله عليه وسلم: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" هذا في حق الأنبياء أفلا تقف عن ما وقف عنه النبي صلوات الله عليه وسلامه"؟
ورفض القراء الترويج للصوفية والقبوريين, وقال قارئ سمى نفسه ب "الشاعري": أكتب ما شئت فإنك ملاقيه, مقال فيه القليل النافع, والكثير غير ذلك, أنصحك بقراءة كتاب ليالي في جاردن ستي, ناقش فيه بعض أفكارك, الدين والعبادة علاقة بين العبد وربه, وهذه العلاقة تكون كما شرع, ولو طبقت كلامك, لن تجد نصاً واحداً ترجع إليه في رأيك قطعي الثبوت والدلالة".وقال "الحق الأبلج" : لطخ أعرابي الكعبة ذات يوم بالقاذورات فأمسك به الناس وسألوه لماذا فعلت هذا الفعل المشين، فقال أحببت أن أذكر بين الناس!!
, وقال "أبو إبراهيم" في تعليقه "مَنْ يلجأ للبشر والقبور و العظام النخرة تقرباً لله غير العقول المريضة؟ لقد طهر الملك المؤسس الجزيرة من الأوثان والأصنام وأنار العقول إلى الطريق المستقيم إلى الله وأرى البعض اليوم يحن للجاهلية بحجة أن الكفار كثرة, عجبي"!!
وطالبه "الوصابي" بأن يسأل مفتي المملكة عن حكم زيارة النساء للقبور "ماهو تفتي من راسك"!!
أما علي القرني فتساءل "ما رأيك أن نطالب بإعادة اللات والعزى وغيرها من تماثيل الرجال الصالحين الذين كانت قريش وغيرهم من العرب تتقرب بها إلى الله كما نص القرآن (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله...) لنجد الروحانية التي تقولون عنها وحاربها الرسول الكريم".

اعترافات خاشقجي:
وقد اعترف جمال خاشقجي بصراحة أمس الإثنين لصحيفة "الرأي" الكويتية, بأنه أقيل من صحيفة "الوطن" بسبب المقال الذي نشر في صحيفته يوم الخميس الماضي وقال: "إنه لا يتمنى مغادرة صحيفة الوطن" واصفاً إياها ب"الناجحة" وأنه لا أحد يستقيل من صحيفة ناجحة", وأبدى خاشقجي ل"الرأي" أمله في العودة إلى الوطن وفقا لما توقعته الصحيفة .
حيث أشارت «الرأي»- طبقاً لمصادر مطلعة من وجهة نظرها- إلى عودة رئيس تحرير صحيفة «الوطن» جمال خاشقجي إلى منصبه بناء على توجيهات عليا كما حصل للشيخ أحمد قاسم الغامدي، مدير فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي صدر قرار بإقالته ثم أعيد بعد ثلاث ساعات من القرار.
ولم يرغب خاشقجي خلال اتصال هاتفي مع «الرأي»، تأكيد أو نفي توقعات عودته ، كما لم يرغب في نشر تصريح على لسانه يؤكد نبأ الإقالة، لكنه ألمح إلى ذلك، حينما قال «الوطن صحيفة ناجحة جداً، هل هناك شخص يستقيل من صحيفة ناجحة؟ أنا من أبناء الوطن وهي بيتي، هل هناك شخص يترك بيته؟»!!
وهذه المرة الثانية التي تتم فيها إقالة خاشقجي من منصبه، وكانت الأولى عام 2004، حينما أقيل بعد شهرين فقط من توليه رئاسة تحرير الصحيفة بسبب مقال له هو شخصياً، هاجم فيه هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التابعة رسمياً لوزارة الداخلية قبل أن يعود إلى منصبه في أبريل عام 2007.
ويرى مراقبون، أن "خاشقجي" أقيل من منصبه هذه المرة بسبب مقال كتبه غيره، رغم أن خاشقجي نفسه كان كتب مقالاً قبل أشهر حرض فيه على الشيخ سعد بن ناصر الشثري عضو هيئة كبار العلماء السابق, حول سؤاله عن الاختلاط في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية, وقد أقيل الشيخ الشثري بعد ضجة إعلامية واسعة قادها خاشقجي وآخرون من نفس توجهه.

مقال السلفية..السبب:
وفي حديث لوكالة الأنباء الفرنسية " فرانس برس "عبر الهاتف قال إن استقالته "ليست متعلقة بأي شيء كتبته أنا شخصياً", وطبقاً للوكالة الفرنسية نأى خاشقجي بنفسه تماماً عن المقال واعتبر أن نشره هو "خطأ بشري" و"ما كان يجب أن يتم أبداً". وقال في هذا السياق "نحن في "الوطن" لا نريد أن يتم ربطنا بأي شكل من الأشكال بهذه الأفكار التي يطرحها المقال"، واتهم المحرر الذي سمح بنشر المقال بأنه "لم يكن يعرف ماذا يعني".

وأكد "خاشقجي" معارضته تماماً لفحوى مقال الألمعي، وقال: "إن الإسلام في جوهره يعني أن يسلم الإنسان نفسه لله وأنه ليس هناك أي وسيط بين المخلوق وربه"، كما ذكر أنه يعد نفسه سلفياً ووهابياً.
وأكدت مصادر إعلامية موثوقة لوكالة فرانس برس أن الاستقالة جاءت على خلفية مقال الكاتب إبراهيم الألمعي السلفية في قالب فكري شعري.
وذكر صحافيون من "الوطن" للوكالة الفرنسية طالبين عدم الكشف عن أسمائهم أن خاشقجي قد يكون استقال تحت وطأة ضغوط من بعض الدوائر بسبب انتقاداته المستمرة للممارسات التي تعد متشددة، كما ذكر هؤلاء أن الاستقالة لم تكن متوقعة.
وكاد خاشقجي يستقيل في يونيو الماضي بسبب مقال حول هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: (الشرطة الدينية)، ويعتقد أن المقال أزعج البعض, وقال صحافي من "الوطن" إن مقال إبراهيم الألمعي حول السلفية كان "الشعرة التي قصمت ظهر البعير" بحسب تعبيره, وقال صحافي آخر: "نحن مصدومون، لقد كان ذلك مفاجئاً".

شائعات العودة:
وانتشرت شائعات عودة جمال خاشقجي لرئاسة تحرير "الوطن" لدى بعض الأوساط السعودية, ومنهم من لم يستبعد عودته على طريقة عودة أحمد قاسم الغامدي, ومنهم من استند إلى ما جاء في "الرأي" الكويتية, والذي نسبته إلى مصادر مطلعة, ولكن رئيس التحرير المكلف سليمان العقيلي كشف في مقاله أمس الإثنين الذي جاء بعنوان: "جمال خاشقجي والعشاء الأخير" عن استقالته وقال: "ظهر أمس الأول دعاني صاحب السمو الملكي الأمير بندر بن خالد الفيصل رئيس مجلس الإدارة إلى غداء عمل في فندق الفيصلية بالرياض، حيث كلفني برئاسة تحرير الوطن في الفترة المقبلة حتى يتم تعيين رئيس تحرير، ووجهني بما ينبغي أن أفعله لتأمين تسيير ناجح للصحيفة وأضاف العقيل: بعد أن أبلغني بقبوله استقالة زميلي الأستاذ جمال خاشقجي، بل أطلعني شخصياً على ورقة الاستقالة التي تشبه استقالات رؤساء الحكومات في الدول الديمقراطية" وكيف طلب من سموه تأجيل إعلان الاستقالة حتى الساعة السادسة. وقال: قلت للأمير: ألا يمكن أن يسحب جمال الاستقالة؟ نرجو أن تبذل الجهود في ذلك.
أجابني الأمير: أجل إعلان النبأ حتى الساعة السادسة".
أما جمال خاشقجي (52 عاماً) فقد ذكر في بيان له أنه استقال من منصبه ليتفرغ لمشاريعه الخاصة، ويوم استقالته كان يوم زفافه على سيدة الأعمال آلاء ناصيف.
وكان "خاشقجي" أقيل من جريدة الوطن في عام 2004م بسبب افتتاحية تناول فيها أفكار الفقيه ابن تيمية. إلا أنه عاد إلى رئاسة تحرير الصحيفة في 2007 بعد أن عمل مستشاراً للأمير تركي الفيصل.