قد لا نعجب إن علمنا أن أصل كلمة سويسرا مشتق من الكلمة الألمانية «سويتس» وتعني باللغة العربية (يحرق)... وكذلك كان جروس.. أحرق جميع أوراق اللعب التقليدية.. وكسر قيود العناد الصدئة التي لازمت الفريق الأهلاوي مع الدوري.. قلب الطاولة على الجميع.. وكما أن المرء ابن بيئته.. وسويسرا تعرف بأن لا جيش لديها.. لا تحارب أحداً عسكرياً.. بل إنتاجاً.. فكذلك كان جروس مقاتل ولكن بلا ضجيج.. صاخباً جداً لكن داخل حدود المستطيل الأخضر.. لم نسمعه يوماً يتحدث عن فريق غير فريقه.. أو يضع الحكام شماعة لأي خسارة.. هذا.. إن حدثت الخسارة.. إن حدثت.. ولعلنا نتذكر.. لم يستبشر الأهلاويون كثيراً عند قدومه.. تقبلوه على مضض.. لعل وعسى.. ماذا عساه أن يهبنا هذا القادم من دولة لا تكاد تُذكر في كرة القدم.. فحضوره كان بعد عام عاصف مع البرتغالي الشهير بيريرا.. أستاذ نظرية الاستحواذ الكروية.. ولكن كالعادة.. غادر بيريرا كالبقية.. والحلم بقي حلماً. نريد الدوري.. نريد الدوري.. نريد الدوري.. هذا ما كان يردده الأهلاويون على مسامعه قبل وبعد حضوره.. هما عامان فقط.. احتاجهما السويسري ليحقق ما يريدون.. قدم فيهما فريقاً بطعم الشيكولاته التي تشتهر بها دولته.. جندل الكبار أولاً.. ثم جعل الباقين كالتحلية.. عامان بدا فيهما وكأن بينه وبين الدكة عداء.. لم يجلس أبداً.. بقي واقفاً شامخاً في جميع مباريات فريقه.. وأخيراً تحقق المراد.. وكسر العقدة الثلاثينية.. حصد الدوري وأتبعه بالكأس، ومن غير الملكي يستحقهما؟.. والآن.. ها هو عمدة المدربين يرحل.. يغادر تاركاً خلفه قلوباً خضراء.. تشكر له صنيعاً طال انتظاره.. ومنجزاً لن تنساه.. تبكي غيابه.. وهل هناك أصدق من الدموع؟! سيذكر الأهلاويون لأبنائهم وأحفادهم دائماً.. أن داهيةً أصلع اسمه جروس.. مر من هنا.. بعد أن صنع فريقاً من ذهب. إبراهيم حلواني