في لندن، أو بريطانيا بشكل عام، هناك عدد من الجحور الإعلامية العربية التي تبيع وتشتري في قضايا الدين والمذاهب والعروبة والوطنيات التي تفصل على مقاس المشترين. كل من وصل لندن مفلسا حفر جحرا وبدأ يصرخ من داخله لتعديل الأوضاع الإسلامية والعربية، بل ولإعطاء وصفات للدول والأنظمة كيف تدير شعوبها ومعاركها الإعلامية والاقتصادية والعسكرية. أعرف، كما تعرفون، من هذه الجحور جحر قناة المستقلة لمن يزعم أنه (حفيد آل البيت!!) محمد الحامدي الهاشمي، وجحر فدك والملكوت لصاحبهما الموتور ياسر الحبيب، وجحور سعد الفقيه والمسعري والإخوان والسروريين ولابسي الطواقي وكل من هب ودب ممن يصعب حصرهم. الهاشمي، باعتبار جحره من أشهر هذه الجحور، لعب على كل الحبال بخفة الإعلامي المتكسب الذي يروج لأي شيء بغض النظر عن المخاطر والمصائب التي تنتج عن هذا الشيء. وكانت بضاعته في البدايات التفتيش في قلوب الكتب الشيعية والسنية لإخراج كل ما من شأنه أن يضرب المكونين الشعبيين العربيين ببعضهما. وكان ضيوفه، من شيعة وسنة، على قدر جحره ومستوى تفكيره، حيث لا يمكن أن تذكر منهم واحدا (عليه القيمة) لا من حيث العلم الشرعي ولا من حيث الفكر ولا حتى من حيث مستوى الثقافة الشخصية العامة. المهم أن يصرخوا ويؤلبوا ويحرضوا ثم ينفضون مشالحهم أو عمائمهم ويغادرون الجحر بعد أن يكونوا دقوا أكثر من مسمار في نعش الوفاق والوئام العربي وسلامة الشعوب العربية والإسلامية. بعد ذلك دخل الهاشمي مرحلة مغازلة دول الخليج والمملكة؛ وفجأة وجدناه يستقبل استقبال الفاتحين من بعض الجماعات والأشخاص في هذه الدول ويفرش له الرمل وتمد له الولائم ويجوب أرجاء المدن باعتباره الإعلامي العربي الجهبذ الذي لا يشق لجحره أو صوته غبار. وظل على هذه الحال إلى أن حدث ما يسمى الربيع العربي وما حدث فيه من نكبة الإخوان في مصر والعالم العربي كله فكشر عن أنياب إخوانية حادة لم تفاجئ الخليجيين وحدهم بل فاجأت حزب النهضة في تونس وفاجأت راشد الغنوشي بالذات. وبينما لم يجد في تونس الجديدة رصيفا لبيع بضاعته انقلب على الأوضاع هناك وبدأ من نفس الجحر، بغض النظر عن المصاعب الاقتصادية، يداعب مظالم التونسيين وفقرهم لكي يكسب مزيدا من المساحة الشخصية على ظهورهم. ثم، وهذه ربما عاشرة الأثافي، أصبح شيخ الإعلام الذي يريد أن يرسم للمملكة خطوطها ومؤسساتها الإعلامية وما يجب أن تكون عليه هذه المؤسسات وإلا فإنه سيعيد النظر في موقفه من جدارة المملكة برعاية الحرمين الشريفين. وهنا فقط اكتشف الناس أنه (بياع) مواقف لمن يرخي الكيس له ولجحره الإعلامي، مع أننا في السابق قلنا وكررنا بأنه إعلامي غفلة يتعيش من فتات الموائد مثله مثل غيره من المفلسين في بريطانيا. لم يصدقنا وقتها أحد وها هي الحقيقة تفرض نفسها: انقلب الهاشمي وتبدل لون جحره.