تحول مصطلح «أكله الذئب» الذي كان يتخوف منه العديد من أهالي الهجر والقرى النائية، وفي المناطق الصحراوية، أو حتى المدن المتاخمة للجبال، إلى مصطلح آخر مفاده «أكل الذئب»، بعدما فاحت رائحة الدماء على أفواه الكثير من الأشخاص، وهم يتلذذون بأكل لحم الذئب، على اختلاف رغباتهم. وفيما استيقظ المجتمع على مقاطع فيديو عبر التواصل الاجتماعي، تظهر أشخاصا يذبحون الذئاب، ويشربون دماءها، ويأكلونها نيئة أو مشوية، حذر الكثير من المختصين الشرعيين والنفسيين من خطورة تغيير المعادلة، وانقلاب الآية، فالذئب عرف بأنه يأكل ولكنه «لا يؤكل»، مشددين على أن الأمر وإن كان في بداية مهده ولم يرتق لحجم الظاهرة، لكنه بادرة مشينة بدأت تتكرر هنا وهناك مما يستحق التوقف، للتعرف على ما إذا كان هناك مرجع شرعي يبيح أكل الذئب، أم أن الأمر يتعلق بما لا تحمد عقباه. ¶ رغم انقسام العلماء حول أكل لحم الذئب لثلاثة أقسام، إلا أن الدكتور عبدالله بن فراج الشريف المتخصص في العلوم الشرعية، يرى أن أكل لحوم الذئاب محرم قطعا بحسب أحاديث نبوية حرمت أكل لحوم بعض الحيوانات. مشيرا إلى أن البعض يعتقد أن لحوم الذئاب تكون علاجا لبعض الأمراض، والسحر والعين والحسد، «إلا أن كل ذلك لا صحة له في الشريعة الإسلامية السمحاء». المستشار القضائي للصحة النفسية في دول الخليج والشرق الأوسط الدكتور صالح اللحيدان، لا يتردد في التأكيد ل«عكاظ»، أن الخرافة منتشرة خاصة في أن جلد الذئب يطرد الجن، والصحيح أنه لم يثبت من خلال النص ولا من خلال التجربة أن هذا الأمر صحيح. ومن الناحية النفسية التحليلية يرى أن غالب ما يحصل من تحليل أكل الذئاب أو كونه علاجا إنما يأتي عن طريق الايهام والايحاء النفسي، ثم إلزام العقل الباطن (اللاشعور) بأن يستجيب لهذا الايحاء، فيقبل على أكله أو شرب دمه، ثم تحصل عند المريض اشكالات نفسية في ما بعد وإشكالات مرضية قوية. وأوضح اللحيدان أن الأقسام الثلاثة لأكل لحم الذئب، تشمل القسم الأول عند العقلاء من العلماء الذين يرون أنه محرم لأنه من السباع المفترسة، لأن النبي حرم كل ذي مخلب وكل ذي ناب، والذئب له ناب، والذئب يأكل الجيف. وبين أن القسم الثاني عند المشعوذين والسحرة فهم يرون أن الذئب يطرد الجن وأنه مفيد لبعض الأمراض، وهؤلاء ليسوا حجة لأنهم يميلون للدجل وللتخييل الذهني ليوهموا المرضى المصابين بالسحر والمس بأن الذئب علاج، إما جلده أو لحمه أو بوله. أما القسم الثالث فهو لعوام المسلمين في جزر الملايو والهنود الحمر في الولاياتالمتحدة وأفريقيا وطاجاكستان بعضهم يأكل الذئب وبعضهم يأكل الثعالب وهؤلاء الإثم على من يفتيهم بجواز ذلك. عرضة لفيروسات خطيرة ويستغرب استشاري التغذية العلاجية ونائب رئيس الجمعية السعودية للغذاء والتغذية الدكتور خالد المدني، لجوء البعض لهذا التصرف، دون عقل، مبينا أنه -وبعيدا عن أي التزام ديني، وتحريم أكل الذئب، أو حتى تحليله- فكيف يتم أكل اللحم نيئا غير مطبوخ، بما فيه من محاذير طبية على صحة الإنسان. وقال ل«عكاظ» ذلك يعني أن آكل اللحم لم يقم بطرد الميكروبات والفيروسات من اللحم عن طريق غسله وطهيه جيدا قبل أكله، فكيف بلحم كلحم الذئب المحرم الذي يأكل اللحوم، وربما يحمل فيروسا خطيرا سيتسبب فور أكله بنقل العدوى للإنسان وقد لا يجد لها علاجا. وأوضح الدكتور خالد المدني أن مرض السعار لا ينتقل إلى الإنسان إلا عن طريق العض واللعاب وشرط إصابة الكلب بمرض السعار وحمله لفايروس وميكروب اللعاب حتى يتم نقل المرض للإنسان. وأضاف أن تلك الحيوانات المفترسة التي يقوم البعض بأكلها بالتأكيد أنها لا تذبح في الأماكن المخصصة للذبح كالمسالخ المعتمدة من قبل أمانات المحافظات والمدن.