التصريحات الأخيرة لمبعوث الأممالمتحدة السابق إلى اليمن لا تخرج عن مجرد محاولة فاشلة لتبرير فشل ذريع للمهمة التي أوكلت الأممالمتحدة القيام بها في اليمن، فالرجل الذي جاء إلى اليمن كي يعين المتحاورين فيها على تلمس الطريق للخروج باليمن من أزمة سياسية تعصف به، خرج من اليمن بعد أن انسدت منافذ الحوار وتحول المتحاورون إلى متقاتلين ودخلت اليمن مرحلة حرب أهلية بين الواقفين إلى جانب الشرعية ممثلين في القبائل واللجان الشعبية والخارجين على الشرعية ممثلين في الحوثيين وقوات علي عبدالله صالح، وصل جمال بن عمر إلى اليمن وفيها حاكم شرعي منتخب يدير البلاد، وخرج منها وفيها عصابة أطاحت بذلك الحاكم الشرعي واستولت بقوة السلاح على كافة مؤسسات الدولة، أربع سنوات من التعثر والفشل والوساطة المشبوهة التي كفلت لابن عمر ملجأ آمنا عند الحوثيين بينما كانت مليشياتهم تحتل صنعاء وتقصف قصر الرئيس لم تحل بين ابن عمر والادعاء بأن وساطته كانت على وشك النجاح، وأن عاصفة الحزم هي التي تسببت في فشل تلك الوساطة. وإذا ما راجعنا تفاصيل تحركات ابن عمر خلال فترة استقواء الحوثيين وزحفهم على صنعاء، فلن يخفى علينا أنه كان يحاول جاهدا أن يمنح انقلاب الحوثيين ومحاولة علي عبدالله صالح العودة إلى الرئاسة غطاء من الشرعية الدولية، وهي الخطة التي أفشلتها عاصفة الحزم، فلم يجد ابن عمر عذرا للفشل المركب الذي لحق بوساطته الأممية وخطته السرية غير أن يحمل عاصفة الحزم المسؤولية. وحين يتحدث ابن عمر في خطابه الذي أعقب استقالته عن الوساطة «بين الأطراف المتنازعة» في اليمن، فإنه لا يتنكر للحقيقة فحسب، بل يتجاهل قرارات مجلس الأمن والأممالمتحدة والضمير العالمي، ذلك أن القضية في اليمن لم تعد كما كانت حين وصل إليها قبل خمس سنوات، فالأطراف لم تعد أطرافا متنازعة والنزاع تحول ليصبح تمردا من جماعة ضد الشرعية في اليمن، تلك الشرعية التي أكدت عليها الأممالمتحدة في كل قراراتها الصادرة في الشأن اليمني. جمال بن عمر وصل اليمن ليكون مبعوثا أمميا، وخرج من اليمن بعد أن أصبح ممثلا للحوثيين حاول منحهم غطاء شرعيا، وحين فشل قدم استقالته وغادر. [email protected]