مر زمن طويل أهمل فيه التأثير الاجتماعي الذي تسببه الجاليات، سواء على مستوى العمال في الشارع ونقاط العمل والتشغيل، أو المساعدات المنزليات في البيت. كان الآباء الأوائل يذهبون إلى الهند ويتأثرون، والتصقت كلمات هندية أيضا بفعل الاحتكاك الخليجي بالجنسيات المتعددة من خلال البحارة والموانئ، وهناك عشرات الكلمات المتداولة في الخليج أصلها هندي. غير أن ذلك الإهمال لم يدم، إذ سعدت كثيرا بمبادرة هائلة بعنوان: «كلموهم عربي»، وتهدف باختصار إلى: توعية المجتمع بعواقب استخدام اللغة العربية «المكسرة الركيكة» مع الجاليات غير العربية، وتشجيعهم على إتقان الدارجة والفصحى في التعاملات اليومية. هذا الهدف يختصر فعلا المعاناة الدائمة مع العربية المكسرة مثلا: «أنتَ في روح أنا في يجي»! هذا فيه امتهان للغة، واستهتار حتى بالمعنى والرقي الصوتي أيضا! تذكر الإحصائيات أن 25% من الأطفال يقلدون المساعدات المنزليات باللهجة، حين تأتيهم من إندونيسيا أو سريلانكا يتعودون على لهجتها المكسرة المضطربة التي تضر بلسان الأطفال والأبناء، وتؤثر على مستوياتهم اللغوية على المدى القصير في الدراسة والتعليم، وعلى المدى البعيد في العمل، والتعامل، والتعاطي مع الآخرين! تشير المبادرة كما في النشرة التعريفية خاصتها بأن هذا الاتجاه «المكسر» في اللغة ولد لغة «هجينة» متكونة من عدة تكوينات أجنبية، وهذا هو الخطر. أرى أن المبادرة قوية، ومهمة، وأتمنى أن تتكامل عمليا وبشكل قوي مع مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية الذي تم تأسيسه بأمر ملكي، ويرأسه الدكتور الفاضل عبدالله الوشمي، حينها نكون برنامجا عمليا يكون له طابع وطني شامل، لترتيب ألفاظنا وكسوتها بالفصحى الواضحة السهلة السلسة، حماية للغتنا، ولتكوين اللغة لدى أبنائنا.