لست مع هذا النوع من الحوار الجاف بين الوزراء وذوي العلاقة في المجتمع العام.. كما أنني لست مع إصدار الأحكام المطلقة دون قرائن وأدلة كافية.. فبعد الجدل الدائر بين وزير العمل وبعض التجار تابعنا تعقيبات العديد من المنتمين إلى الشأن العقاري على وزير الاقتصاد والتخطيط الذي صرح لإحدى القنوات القضائية بأن «61 %» من المواطنين يمتلكون سكنا خاصا بصرف النظر عن مستوى ونوع وحجم هذا السكن.. استمعت إلى كلام الوزير من القناة المذكورة مباشرة.. كما تابعت تلك التعليقات.. وأزعجني أمران : الأول هو : أن الوزير كان طوال الحلقة يتحدث عن قضايا حساسة ومفصلية ودقيقة وذات علاقة بالشأنين المالي والاقتصادي.. وكان يورد أرقاما أو نسبا من ذاكرته وهو ما قد يعطي الانطباع بأن تلك الأرقام غير دقيقة في معظم الأحيان.. مع أن مثله يجب أن يكون دقيقا.. وحريصا على أن تكون معلوماته موثقة.. وغير قابلة للشك أو التأويل والتفسير.. أما الأمر الآخر : فهو أن مداخلات من كتبوا عن تلك الأرقام ومنها نسبة عدد من يملكون سكنا خاصا.. لم تكن هي الأخرى مستندة إلى معلومات أو دراسات علمية دقيقة.. وسؤالي هو متى نحترم الناس.. ووعي الناس.. وحقوق الناس في اعتماد معايير علمية صحيحة في الخطاب الإعلامي أو في التعاطي مع القضايا الكبرى والحساسة.. أو في تفسير أو تبرير بعض القرارات التي نصدرها..؟ سؤالي هذا وأسئلة أخرى كثيرة تعكس مدى الحاجة إلى تجسير الفجوة بين المواطن والمسؤول بدلا من تعميقها.. وذلك بهدف تأمين الناس وعدم التمادي في اللغط.. وكذلك عدم إلقاء القول على عواهنه.. وتبادل الاتهامات.. أو عدم الاكتراث لردات الفعل الغاضبة.. أو المتشككة عند الناس. ولو كنت مكان جميع الوزراء لخصصت يوما واحدا في الشهر على الأقل للحديث إلى الناس عن كل جديد في وزارتي.. ولحاولت الإجابة عن جميع الأسئلة التي تدور في أذهانهم.. من خلال حوار مباشر ومفتوح ومنظم تتوفر له كل شروط الشفافية والموضوعية والرغبة في توضيح الحقائق.. والبعد عن المهاترات التي لا تفيد إن هي لم تسئ إلى العلاقة بين الطرفين.. وإلى توسيع دائرة التشكيك الضار ببلدنا.. وبثقة المواطن بأجهزته الحكومية.. وكم أتمنى أن يفكر الوزراء في هذا الأمر ولا يكتفوا بوجود ناطق رسمي لا يملك المعلومات الكافية.. أو الصلاحية الوافية للرد على كل ما يتلقاه من أسئلة معقدة في معظم الأحيان.. وإذا تحقق مثل هذا اللقاء فإن الكثير من التوترات والشكوك ستزول.. لأن الجميع سيتجه إلى العمل وليس إلى الاستعراض أو التواري عن الناس.. *** ضمير مستتر: لا شيء أجمل من الحوار القائم على الاحترام والتعاون والرغبة في معرفة الحقيقة أو الكشف عنها. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 400 مسافة ثم الرسالة [email protected]