تتفاقم الأزمة السورية، في ظل تواصل أعمال العنف وشلل المجتمع الدولي عن تقديم أي شيء من شأنه أن يحل الأزمة، فيما يرى بعض المراقبين أن الانتخابات الأمريكية في شهر نوفمبر المقبل ستكون علامة فارقة في هذه الأزمة، لما لها من مساومات بين الجمهوريين المتحمسين لتسليح المعارضة، وإدارة أوباما المترددة حيال أي تحرك.. فماذا سيكون وضع الأزمة السورية في الحسابات الأمريكية. الانتخابات الأمريكية والأزمة السورية يذهب معظم المهتمين بالشأن السوري إلى اعتبار الانتخابات الأمريكية المقرر إجراؤها مطلع نوفمبر المقبل العائق الأساسي الذي يمنع الرئيس باراك أوباما من الذهاب في تعاطيه مع الأزمة السورية حدا أبعد مما ذهب إليه حتى الآن (أي التدخل العسكري). لكن هؤلاء يغفلون احتمال أن يتحول هذا العائق إلى دافع يضغط اتجاه اتخاذ خطوات أكثر راديكالية و ذلك إذا أصبحت المسألة السورية شأنا انتخابيا، وهو استنتاج له ما يؤيده من سوابق. ففي شهر سبتمبر 1992 وقبل شهرين فقط من الانتخابات الرئاسية قرر الرئيس الأسبق جورج بوش الأب و بطريقة مفاجئة إرسال 30 ألف جندي إلى الصومال. قبل أسابيع فقط من اتخاذ هذا القرار لم يكن أحد يتوقع أن يقدم بوش على مثل هذه الخطوة في عز الموسم الانتخابي، لكن ما حصل أن الديمقراطيين بزعامة مرشحهم في ذلك الوقت بيل كلينتون نجحوا في تحويل المسألة الصومالية إلى قضية أساسية في الانتخابات الرئاسية، وراحوا يتهمون الرئيس بوش باللامبالاة تجاه المأساة الإنسانية الناجمة عن الحرب الأهلية التي اندلعت عقب سقوط نظام الرئيس الأسبق محمد سياد بري. وكرد فعل على تركيز الديمقراطيين على الصومال، و مع تنامي قلق معسكر الرئيس بوش من التقارب الكبير في نتائج استطلاعات الرأي العام في الانتخابات المرتقبة ظن بوش أن بإمكانه زيادة حظوظه الانتخابية إذا قام بسحب البساط من تحت أقدام خصومه عبر التدخل عسكريا في الصومال. بالتأكيد لم يتمكن بوش من ضمان ولاية جديدة نتيجة هذا القرار لكن المهم في الأمر أن التدخل العسكري حصل في ذروة الحملة الانتخابية وهو ما كان يستبعده الجميع. بالمثل، إذا تحولت المسألة السورية إلى قضية انتخابية ساخنة فإن ذلك قد يدفع بالرئيس أوباما إلى اتخاذ إجراءات أكثر حدة، قد لا تصل حد التدخل العسكري المباشر لكنها قد تأخذ أشكالا أخرى لا تقل أهمية. فقد راح المرشح الجمهوري ميت رومني يركز في الفترة الأخيرة على سورية ليؤكد من خلالها على ضعف أوباما في قضايا السياسة الخارجية، والأمن القومي. وفي ظل التقارب الكبير في نتائج استطلاعات الرأي بين المرشحين، خاصة في الولايات الحاسمة، ومع غياب أي إنجاز داخلي يمكن أن يستند إليه أوباما لإقناع الناخب الأمريكي بجدوى منحه فرصة أخرى في الحكم فقد يضطر الهروب إلى القضايا الخارجية والتي يأتي في مقدمتها الأزمة السورية. لقد فشل أوباما في خفض مستويات البطالة المرتفعة رغم كل الإجراءات و الوعود التي أطلقها، فيما تستمر الأزمة الاقتصادية تعصف بملايين العائلات الأمريكية، حتى مشروع الضمان الصحي الذي جعله أوباما مسألة حياة أو موت بالنسبة إليه، بقي بعد ثلاث سنوات من طرحه مجرد حبر على ورق. في ظل هذه المعطيات من غير المستبعد أن يتجه أوباما في محاولة لإنقاذ فرص إعادة انتخابه إلى أفعال غير متوقعة بالمطلق.