كلنا نعرف قطار الزواج، فمنا من لحق به، ومنا من لم يلحق بعد وينتظره متعجلا.. ومن نزل منه كرها وبغضا.. ومن يتمنى أن يحظى فيه بجمع المؤنث السالم مثنى وثلاث ويكمل بملحق مسيار. عموما قطار الزواج ليس موضوعنا ولكني فقط أضرب به مثالا لقطار آخر يجب أن نكون من ركابه ولا ننحرف به ألا وهو قطار الحوار. نعم الحوار فضيلة وخلق قرآني ما أجمله بالتي هي أحسن، ونتمنى لو اتسعت دوائر الحوار الوطني بقضاياه المهمة التي نتقاسم همومها وتحدياتها معا حكومة ومجتمعا، لتصل لغة الحوار وأهدافه إلى الجميع كلغة وأسلوب حياة مثلما كنا في الماضي داخل الأسرة وفي الحارة وأطياف المجتمع، ففيه احترام للآخر ولحقوقه، ويحفظ المشاعر الإنسانية النقية والترابط الإنساني، وبدون الحوار تطفو جراثيم النفس من الكراهية وضيق الأفق وشرور الحماقة، وتتبدل المعاملة إلى مصارعة قد تبدأ خفيفة بصياح الديكة، ثم يشتغل إبليس ويوسوس (بالكفوف والعقال!). الحوار بكل أسف سقط من التربية ونتمنى أن يعيده التعليم بعد أن اختطفه الفضاء الالكتروني وشبكات التواصل الاجتماعي التي اختلط فيها الحابل بالنابل والغث والثمين، وكل على هواه وباللغة التي يجيدها من قاموس الأخلاق أو (قلة الأخلاق) إلى درجة تصيبك بالصدمة من حجم التدني وانحطاط المفردات في حرب (داحس والغبراء) في نسختها الالكترونية التي أصبحت فيها اللكمات والطعنات بالكلمات، في فوضى مجنونة بلغة السباب، إلا من رحم ربي من كبار العقول وعفة اللسان واحترام النفس. يا أهل العقل إذا فتشنا عن أسباب تزايد الطلاق سنجدها أولا وعاشرا وللمليون في غياب الحوار، حيث تضيع الحقيقة والصدق (في خبر كان) ونتمنى حقا استعادة المودة والرحمة وروح المحبة مثل زمان، والعاقل من يصحو من غفلته وغفوته، ويلتزم بأدب وقيم الإسلام الحنيف. قال تعالى: «وإنك لعلى خلق عظيم». وقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» .. نحتاج إلى أن نؤصل الحوار في مدارسنا وبيوتنا ومجالسنا، وأن نتمسك بأهداب الدين الحنيف في قيمنا الجميلة، وأن نتنبه لتلك الفوضى الالكترونية والمشاجرات الفضائية التي للأسف تذهب بعيدا في اغتيال الحوار بإساءات في كل اتجاه، وبدلا من أن تواجه بثقافة الحوار والرشد نجدها تغوي الجهلاء وتثير الضحك وشر البلية ما يضحك. أفيقوا يرحمكم الله. [email protected]