عندما نبدأ الحديث عن الرياضة السعودية فمن المستحيل أن لا يأتي الحديث عن نادي النصر، كيف لا وهو أحد أعمدة الرياضة في المملكة، وأحد فرسانها عبر تاريخها الطويل، كيف لا وهذا النادي هو من أنجب جيلا ذهبيا قدم الكثير للكرة السعودية، فمن ينسى جيل ماجد عبدالله، محيسن الجمعان، يوسف خميس، وفهد الهريفي، والعديد من النجوم التي خدمت الرياضة السعودية من خلال نادي النصر، والذين حققوا معه الكثير من الألقاب المحلية والآسيوية، فهو أول ناد سعودي يشارك في بطولة أندية العالم، ولكن كل هذه الألقاب والإنجازات والنجوم هوت في السنوات الأخيرة، وأصبح النصر يسير بلا قائد لسفينته بعد وفاة الرمز النصراوي الأمير عبدالرحمن بن سعود يرحمه الله، فأصبح يتخبط يمنة ويسرة، وظلت جماهيره حائرة أمام حال فريقها، فكل الإدارات التي تعاقبت عليه تبدأ بإطلاق الوعود، وتنتهي بصفر مكعب، حتى أضحت العبارة الشهيرة التي كان يرددها الأمير الراحل عبدالرحمن بن سعود «النصر بمن حضر» ذكرى من الماضي، لم يعد لها ذلك الوجود في زمننا الحالي، بل إن جل المتابعين للوسط الرياضي أصبحوا يؤكدون أن النصر بدأ في الاحتضار وأنه بحاجة ماسة إلى تدخل عاجل من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه. «عكاظ» طرحت حال النصر أمام عدد من أهل الاختصاص وخرجت بهذه المحصلة: بداية، أكد المدرب الوطني محمد الخراشي أن النصر ككيان كبير لا ينقصه الدعم المادي، ولا تنقصه الخبرات الإدارية، فهو يملك كفاءات إدارية على مستوى كبير من الاحترافية والعمل المؤسساتي، إضافة إلى أن النصر يملك لاعبين مميزين وعلى قدر كبير من المهارة الفردية والروح العالية، ولكن النصر بحاجة إلى مزيد من الهدوء والعمل بعقلانية وتقبل من الجميع لمرحلة بناء فريق قادر على تحقيق البطولات والعودة مجددا للمنصات، لذلك على جميع أعضاء الشرف والجماهير والإعلام النصراوي الصبر على الفريق الحالي ودعمه والالتفاف حول إدارة النادي لكي يقدم الفريق المستوى المأمول منه، وأضاف يملك فريق كرة القدم في نادي النصر مجموعة جيدة من اللاعبين المحليين الذين للأسف لم يوفقوا بلاعبين أجانب يكونوا دعامة قوية لهم وللفريق ليقارع الأندية الأخرى، فأغلبية اللاعبين الأجانب الذين قدموا للنصر في السنوات الأخيرة كانوا دون الطموحات ولم يقدموا مستوى يشفع لهم بالبقاء ضمن صفوف الفريق، بالإضافة إلى أن على جميع محبي النصر العمل بهدوء لحل المشكلات التي تواجه الفريق وعدم تصعيد تلك المشاكل عبر الإعلام للخروج بالنصر من هذه الدوامة التي ظل يعاني منها سنوات طويلة. وتابع، «للأسف نتائج أي فريق لدينا هي المقياس للحكم عليه، فعلى سبيل المثال قبل عدة أشهر كان فريق الاتحاد هو البطل والمنافس وصاحب الأولويات، ومدربه ديمتري كانوا يلقبونه بالداهية وبعد الخروج الآسيوي اتهم لاعبو الفريق بالإفلاس وكذلك مدرب الفريق، وأصبح الفريق يعاني بعد خسارته اللقب الآسيوي نفسيا وفنيا، وكذلك الحال بالنسبة للنصر الذي هو بحاجة إلى نتائج إيجابية لعودة أعضاء شرفه وعودة الروح للفريق والسير نحو تحقيق البطولات بتكاتف جميع محبي الفريق، وهنا أخص بالذكر جماهير العالمي التي يجب أن يكون لها دور مؤثر وفعال خلال المرحلة المقبلة في دعم الفريق والوقوف إلى جانب الإدارة واللاعبين وإعطاء الثقة للاعبين ليقدموا ما هو مطلوب منهم والعودة بالنصر إلى وضعه الطبيعي كأحد المنافسين على البطولات المحلية والقارية». الخلافات علة النصر الخبير الرياضي مدني رحيمي أشار إلى أن مشكلة نادي النصر إدارية في المقام الأول، مهما حاول البعض رمي إخفاقات الفريق المتكررة على اللاعبين والأجهزة الفنية التي تتولى تدريب الفريق، فمشكلة النصر بدأت بعد رحيل الرمز الأمير عبدالرحمن بن سعود، فأصبحت الخلافات الشرفية والإدارية هي السائدة على المشهد النصراوي، مما أدى إلى انعكاسها على أداء ونتائج فريق كرة القدم طوال السنوات الماضية، فللأسف الشديد مشكلة النصر واضحة وجلية، فكل الإدارات المتعاقبة على النادي بمجرد وصولها إلى كرسي الرئاسة تبدأ حربا ضروسا ضدها من قبل بعض الشرفيين النصراويين، بالإضافة إلى أن بعض أعضاء الشرف يقفون بسلبية كبيرة تجاه ما يحدث في ناديهم، فلا نجد أي تحرك لردم الفجوة بين أعضاء الشرف والعمل على تقريب وجهات النظر فيما بينهم، والعودة بالعالمي إلى مكانه الطبيعي، فكل ما يحدث خارج الملعب من صراعات إدارية وشرفية في هذا النادي ألقى بظلاله على مسيرة فريق كرة القدم، ولن يعود النصر مجددا إلى سابق عهده إلا إذا بادر أهل البيت النصراوي بتغيير قناعاتهم والعودة إلى تكاتفهم ووحدتهم من أجل عودة هذا الكيان العريق إلى البطولات والإنجازات من جديد. المشكلة إدارية من جانبه، أوضح الكابتن حمد الصنيع أن العمل الإداري عندما يعج بالمشكلات فبكل تأكيد ستتأثر منظومة العمل بشكل كامل في أي ناد رياضي، ومشكلة فريق كرة القدم في نادي النصر إدارية بحتة، وخلل واضح في عمل المجلس الشرفي مما ألقى بظلاله على مسيرة فريق كرة القدم في النصر، وجعلت الجو العام في النادي غير صحي وبيئة غير مناسبة للعمل والإنتاج، بالإضافة إلى أن النصر لم يعد ذلك الفريق الذي يضم أسماء بارزة ونجوما لامعة كما كان في السابق، فلقد كان النصر يملك جيلا ذهبيا أحرز الكثير من الإنجازات والبطولات، فبكل أمانة اللاعبون الحاليون للفريق من الصعب أن يستطيعوا العودة بالنصر إلى مكانه الطبيعي بالرغم من وجود أسماء واعدة بحاجة إلى دعمهم بلاعبين أجانب على مستوى عال، وأن يكونوا إضافة فنية كبيرة للفريق، وأن يحضر النصر جهازا تدريبيا متمكنا، وأن يتم قبل ذلك الاستعانة بجهاز إداري قوي وحازم يستطيع عزل اللاعبين عما يحدث خارج الملعب، بالإضافة إلى الوفاء بالالتزامات المالية تجاه اللاعبين والأجهزة الإدارية والفنية كي يتفرغوا لتقديم مستويات مميزة تعيد فارس نجد إلى منصات التتويج من جديد. النصر مثل الوحدة ويرى الكابتن عبدالله خوقير أنه بعد وفاة الرمز النصراوي الأمير عبدالرحمن بن سعود ظل كرسي رئاسة النصر والخلافات الدائمة بين من يجلس على هذا الكرسي وبين أعضاء الشرف هي السبب الرئيس في تردي نتائج الفريق طوال السنوات الماضية، مما أبعد النصر كثيرا عن منصات التتويج على الرغم من أن النصر يملك أعضاء شرف كبار وداعمين ولاعبين مؤثرين، ولكن للأسف الخلافات المتكررة بين إدارات النادي المتعاقبة وأعضاء الشرف تقف حاجزا أمام عودة النصر من جديد، فهناك تشابه كبير بين حال فريق النصر وفريق الوحدة فكل ما يحدث من صراعات خارج الملعب تنعكس على اللاعبين داخل الملعب، ولن يتم تحسن وضع النصر ما لم يضع رجالات النصر خلافاتهم جانبا والبحث عن عودة الفريق مجددا لطريق البطولات. غربلة فنية من جهته، أكد المدرب الوطني فيصل البدين أنه من وجهة نظر فنية بحتة بعيدا عن الصراعات الشرفية والإدارية التي تحدث في نادي النصر هناك العديد من الأسئلة التي يجب طرحها، وهي هل النصر لديه النجوم القادرون على صناعة الفارق أمام الأندية الأخرى، وهل اللاعبون الأجانب الذين مروا على نادي النصر كانوا على قدر المسؤولية وفي مستوى التطلعات، فالنصر بحاجة إلى غربلة فنية شاملة من لاعبين محليين وأجانب وجهاز فني يستطيع رسم منهجية فنية تعيد الفريق إلى البطولات، فما نشاهده من تعاقدات مع أنصاف اللاعبين أثر بشكل كبير على مستوى فريق النصر في السنوات الماضية، وساهم في ابتعاد الفريق عن البطولات، فيجب على مسؤولي الفريق جلب لاعبين مميزين يكون لهم إضافة فنية كبيرة على الفريق لعودة النصر إلى مكانه الطبيعي على خريطة الكرة السعودية.