بكل جرأة واطمئنان وقف شاب طويل أنيق أمام مدخل مسجد حينا في شمال الرياض بعد أذان العصر وقبل الإقامة، معترضا دخول رجل كهل وقف منبهرا من هذا السلوك، وظن أنه يداعبه، وفجأة هجم اثنان آخران عليه من الخلف وبدأ في تفتيش جيوبه وعندما لم يجد غير المناديل دخل الثلاثة المسجد متجهين للباب الثاني اختصارا للطريق، واعترضوا كهلا آخر وسرقوا ما معه!!، ثم لاذوا بالفرار في سيارة كانت تنتظرهم وتحوم حول المسجد، ويتكرر كثيرا أن يعترض شباب صغار شابا آخر ويصفعونه ويسلبون جواله وما لديه من نقود، ولا أعرف سببا للصفعة، إلا أن تكون لبث الرعب وإرباك الضحية واستبعاد المقاومة. إحقاقا للحق فإن مثل هذه العصابات يتم لاحقا القبض عليهم بجهود مضنية من أقسام البحث والتحري، تعلن عنها شرطة منطقة الرياض في شكل حملات أمنية مكثفة وموفقة، ومن الإنصاف القول إن مثل هذه الاعتداءات تحدث في كل أنحاء العالم، ففي بريطانيا وأمريكا وفرنسا يعاني كبار السن المستضعفون من الاعتراض وسلب الأموال وكذا السكيرة والهائمون والخارجات من الملاهي الليلية، لكن الفرق هنا هو في التعامل مع كل سرقة منفردة في حينها وبمنتهى الجدية حتى يقبض على الفاعل، وإذا قبض عليه فإن عقوبته رادعة بالسجن الطويل والمتابعة بعد الإفراج والمنع من الخروج من حدود منزله فترة طويلة. نحن مشكلتنا أننا نهتم في العمليات الكبيرة التي نسميها «إنجاز أمني نوعي»، تقوم به جهات البحث والتحري بتميز مشكور، لكننا لا نتعامل بجدية وسرعة مع البلاغات الفردية، وهذا جعل الضحايا لا يتحمسون للبلاغ وجعل المعتدين لا يخشون الملاحقة الفردية المباشرة، كما أن تنفيذ العقوبات لا يرقى لمستوى الردع الموجب لعدم تكرار الجريمة. حتى في مجال مكافحة المخدرات نحن نركز على العمليات الكبيرة «عصابات وأطنان ومئات الملايين من الحبوب»، لكننا نهمل صغار المروجين، وهذا معناه أننا نعاني من عقدة «الخطوة النوعية»، ونستهين بمستصغر الشرر الذي هو سبب اشتعال نار رعب الناس وأمن العقوبة وإساءة الأدب. www.alehaidib.com للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 262 مسافة ثم الرسالة