قد لا أكون دقيقا إذ أعلن بأني قرأت كتاب (سكينة الروح) ل(ت. بيرم كرسو) أستاذ ورئيس قسم الطب النفسي وعلوم السلوك في كلية ألبرت آينشتاين للطب ورئيس قسم الأطباء النفسيين في مركز مونتيفيور الطبي، مائة مرة. فأنا لا أعرف كم من المرات قرأت هذا الكتاب، لكني أعرف أنني وكل مرة أبحث فيها عن كتاب ما في مكتبتي ويقع هذا الكتاب في يدي، أتصفحه في البداية، ثم أعيد قراءته، وأنسى ما كنت أبحث عنه. هذا الكتاب المثير حد الدهشة الذي قال عنه رئيس المكتبة العامة في نيويورك الدكتور بول: «.. إن التعاليم الموجهة التي يقدمها الدكتور كرسو في تلك الصفحات المكتوبة بأسلوب رائع، ستساعد كثيرا من القراء في العثور على السلوان والأمل». في هذا الكتاب تحتار أي المقاطع الأكثر عمقا، فهو حين يتحدث عن (حب الآخرين) يؤكد لنا الطبيب الفيلسوف (كرسو) أن علينا ألا نمضي في رفع سقف متطلباتنا بكمال الآخر، ويستشهد: «إن كنا لا نستطيع أبدا أن نجنب مقاصدنا العيوب، ولا أن نحاول شيئا لا تخالطه الأخطاء، ولا أن نحقق أمرا خاليا من قدر ما من الزلل الذي نسميه طبيعة بشرية، إذن فالغفران هو خلاصنا الوحيد». وهكذا تمضي من فصل لآخر تقرأ تجاربه مع مرضاه وخبراته، يروي لك قصة ذاك الرجل الذي قال له ابنه بعد أن اعترضت طريقهم صخرة: «تعتقد باستطاعتي تحريك هذه الصخرة من مكانها إذا استعملت كل ما لدي من قوة»؟ فأكد له الوالد أنه سيستطيع إن استخدم كل قواه، بدأ الابن بدفع الصخرة، بذل كل ما بوسعه وهو يدفع، لم تتحرك الصخرة من مكانها، فقال لوالده: «لقد كنت مخطئا، فأنا لا أستطيع أن أحرك الصخرة». فقال له والده: «لا يا بني، أنت لم تستعمل كل ما لديك من قوة، أنت لم تطلب مني أن أساعدك». كل مرة أصل لفصل «الإيمان بالله: الإيمان بما هو أعظم جلالا من البعد البشري»، أكتشف شيئا جديدا لم أكن قد اكتشفته في القراءة السابقة، فالكاتب يستشهد بما وعد الله عز وجل المؤمنين، وبأنه سيعطيهم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا يد لمست، ولا خطر على بال بشر». يتساءل (كرسو) ما هو ذلك الشيء الذي يتجاوز الكلام العلمي القائم على أساس حواس خمس وعقل واحد؟ إنه قوة تتجاوز عالم العلوم وتستعصي على إدارك العقل البشري، قوة تستطيع وضع كل شيء في مقامه الحقيقي. في تفسيره للإيمان يقول: «الإيمان لا يستوجب الفهم، والواقع أن جهودا كهذه تقوض أسس الإيمان». الإيمان لا يتطلب سوى مؤمنين ومخلصين وواثقين، وهو ولاء وإخلاص ثابتان، فمعرفة الله ليست ككل معرفة، إنها تجربة خاصة». وأعتقد أنها خاصة جدا يقوم بها الإنسان في مغامرة إيمانية، لا يحتاج فيها لمرشد، فقط عليه أن يناجي الخالق الذي قال للمؤمن: «ادعوني أستجب لك». [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة